انا وراديو اليابان الدولي – ج15-سليم السراي
Thu, 14 Jun 2012 الساعة : 11:23

بونيو , بونيو , بونيو , بنت السمك
جاءت من البحار الزرقاء
بونيو , بونيو , بونيو , ذات البطن الكروي المنتفخ
بيتا بيتا , بيون بيون
ما أجمل ساقي , وبهما سأجري
نيغي نيغي , بون بون
ما أجمل يدي , وهما سنتماسك
عندما أقفز معها يرقص القلب
باك باك تشوء غيوء ! باك باك تشوء غيوء
أحبها كثيرا , تلك الصبية الحمراء
بونيو , بونيو , بونيو , بنت السمك
جاءت من البحار الزرقاء
بونيو , بونيو , بونيو , ذات البطن الكروي المنتفخ
فوك فوك , يا لها من رائحة جميلة
لقد جعت , وسآكله !
دعني أمعن النظر جيدا
وهي بالتأكيد تنظر أيضا
عندما نضحك معا , تسخن الخدود
واك واك تشوء غيوء ! واك واك تشوء غيوء !
أحبها كثيرا , تلك الصبية الحمراء
بونيو , بونيو , بونيو , بنت السمك
جاءت من البحار الزرقاء
بونيو , بونيو , بونيو , ذات البطن الكروي المنتفخ
" بونيو فوق الجرف : كلمات كاتسويا كوندو "
سلسلة طويلة يشد بعضها بعضا من الهموم , تتجسد في كيان يحرق عظامه وتتلعثم انفاسه , فلا مجادلة في ذلك الحق الذي اغتاله المنقرضين عن الحياة العصرية , فلا يدركون الرهبة , ولا يحسنون الأنصات الى الكلمة الطيبة , فيرتفعون عن كل دنية , لعله يقتربون عن أفق الفضل والاحسان .
دخلت الاستاذة ماريكو اينو وبصحبة الاستاذ عادل الدسوقي الى غرفتي , في ساعة لم يتبقى الى منتصف الليل أكثر من ساعتين .
- استاذ سليم نريد ان نفهم سبب مقدمك الى عائلة شوسيه كودا ؟
شعرت بالاسى الكبير تجاه هذا السؤال , وكأن العيون التي ترمقني كانت نائمة في ظلمة ثم أدركها وشاح من نور , فلم يبادر اليها يوما ان الرحمة ورقت القلوب تعيش في هذا العالم مهما استنزفتها الحياة وما يرافقها من صخب وضجيج النفوس التي جفت مآقيها من القيم والمبادئ الاخلاقية , وأمست تبدد الحياة وتتشظى النار في مواقد شفاهها وتتحكم فيها بحكم شريعة الغاب .
حاولت الاعتذار وان ابرر ذلك على جمر الرمل , فقد ألتصق لساني كغصن ذابل وتعثر صوتي وعاد كفوهة حمم لا تفقه منها كلمة ولا تطرب سمعا .
- لا اريد ان أكون سفيرا وأصنع من نفسي رمزا عظيما ؛ وينتقل صوتي بين فناء شراع هذا العالم الواسع , لأنال من العرش ما لم يصبه غيري ؟
- ولكن نريد ان نفهم ؟
اثارت الاستاذة اليابانية هدوءي الموشح ؛ ولا وجود أحتمال آخر يلون ذلك الوقت , ولعلها استطاعت بحنانها وجنانها ان تكون قاضيا بارعا يحاكم مجرما ! .
ولما لا ! فقد أرتحلت من منازل لا تجيد حرفة سوى الطعن والقتل , ولا أحتاج الى أي عذر أو شهادة أزكي خلالها سيرتي في ذلك الافق الدموي الذي ترعرعت فيه , وامضيت اكثر من نصف عمر حياتي أتغذى من رحيقه ومبادئه , ولا مجال هنا للدفاع عن هذه التهمة الفاحشه , فهي الحقيقة ؛ لا يزكيها أو يطهرها أي حديث أقترن بفعل حسن .
تريثت قليلا بعناء مُر ؛ وأختنقت في تلك اللحظة كخفاش لا يريد ان يرى النور , حريصا ان أصنع عذرا يعصمني من هذا الموقف , فلا أريد أن أسفر عن وجه ينبوع الحقيقة الذي يتدفق في شغاف وأديم الروح .
نعم ؛ حاولت أن أخنق سحر الحقيقة في صوت مكابر وطاغية لأدفنها في الضمير , ولا أسمح لنفسي أن أبدد قصة الفاجعة التي جمدتها بلذة عاطفتي ومحياي .
- أعذريني ايها الاستاذة ! .
ترفقت بي الاستاذة اليابانية كثيرا , وكأنها نفذت الى داخلي واستوطنت ككابوس اخذ يطاردني لا يرتد عني , قد أخذ على نفسه عهدا لا يلين ؛ وهي تفترس رؤاها , فلم يأن لها حماس , تختطف الأمل من دون مبالغة , في ثبات وإصرار عنيد من دون أفراط .
كيفما كان تقديري لما أشتهي من الحديث , فإن الموقف آنذاك يتطلب أن ادع ما يريبني الى ما لا يريبني , وأخرج من هذا الموقف المأساوي متماسكا .
أبتسمت الاستاذة .. أبتسامة موشحة بالحزن مشفوعة بدفء الآمال الجميلة ؛ وأختطفت ما تشاء من ذلك الموقف كما تشتهي , وتركتني قليلا لأنظم سجل أوصالي بعد ذلك الضغط الشديد .
أعتقد ان الاستاذ عادل الدسوقي لم يتمالك صبره , الا ان يشاركنا الحديث ما وسعه , فهو الاخر قد اعتراه القنوط , وراح يشق الموقف بحديث التشجيع لحسم الامر , لما له من إمكانية رائعة في اللعبة الاعلامية وخيلائها الواسع , فلا يترك لصاحبه أملاً ان يرمي حديثه بعيدا عن قوائم مراميه , الا ويفل حديد عناده , وقد وضعني في موقف كخشبة تحترق بدخان بلا لهب .
عيناي لم تفارق الاستاذ عادل الدسوقي وهما تقولان له جهراً " على كيفك وياي , فأنت عربي وانا عربي , ومصيبتنا واحدة , ونحن نشترك معا في جريرتنا ومآسينا التي ناخت فوق رؤوسنا حتى شاخت وكلما تقدم بها العمر ؛ كلما عادت الى ريعانة شبابها " .
- حسنا .. سوف أتحدث ! وأتمنى أن يكون هذا الحديث سجين التسجيل .