أيّ إقليم بعد كردستان-حسين شلوشي

Tue, 12 Jun 2012 الساعة : 11:09

انفردت تجربة منطقة شمالي العراق (كردستان) بخصوصية منفردة في وضعها الدستوري والواقعي، فهي انفصلت عملياً عن العراق منذ عام 1991، أي بعد حرب الخليج الثانية، إذ كانت خارج سيطرة حكومة بغداد، فقد واجهت ما واجهته من المشاكل والتعب كي تتمكن العيش، ولعل أقساها الصراع المحلي عام 1996 بين الحزبين الرئيسين الاتحاد الوطني بقيادة السيد جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة السيد مسعود البارزاني، فعمدت حكومة بغداد إلى ادارة ذلك الصراع والاستفادة منه، حيث وقفت إلى جانب السيد البارزاني ضد السيد الطالباني، و اجتاحت القوات العراقية المنطقة وهددت كامل احزاب المعارضة العراقية في حينها. إلاَّ إنَّ الإقليم استمر في انفصاله وقد حظي بدعم دولي مباشر ، ودعم آخر من مجلس الأمن بتخصيص نسبة 17% من ميزانية العراق للإقليم.
وبعد الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 وبعد تجربة الكرد الانفصالية لاكثر من اثني عشر عاما في إدارة الاقليم، قام الكرد بتضمين حقوقهم في الفدرالية بنص دستوري خاص بهم متميز عن باقي اجزاء العراق التي تنتظر توصيف النظام الفدرالي في الدستور العراقي.
ان الوضع االمبهم لقيام اقاليم أخرى في العراق وكذلك أنَّ الخصوصية الكردية والواقع الكردي المنتعش والمترف لقيادة الاقليم بعد عام 2003 أغرى الاحزاب الأخرى وقياداتها في تقليد التجربة الكردية، وكانوا يعتقدون أنَّ الأمر بهذه السهولة حتى يصبح أيٌّ منهم كما السيد مسعود البارزاني رئيساً للإقليم وحكومة مثل حكومة السيد نجيرفان بارزاني؛ وتدافع المزايدون بالوطنية سابقاً وأخذوا يُصرحون هنا وهناك بأنَّهم حماة الطائفة الكذائية ومن حرصهم الوطني أن ينفصلوا ويؤسسوا إقليماً ويكون بلا شك هو رئيس ذلك الإقليم سواء في صلاح الدين أو الموصل أو ديالى أو غيرها من المحافظات الأخرى في وسط العراق. إلاَّ أنَّ هؤلاء وبحجم شراهتهم على اموال العراق وحجم طاعتهم للأجنبي الذي أحتل بلدهم لم يرجعوا إلى قراءة دستورهم الذي يفترض أنهم قد توافقوا عليه، وتناسوا أنهم كتبوا قانوناً لتشكيل الأقاليم في عام 2008 برقم (13) وصوتوا عليه بالبرلمان، وتمَّ إقراره وهو مليء بالأفخاخ التي تعرقل قيام الاقاليم أو يحتاج القانون لإعادته مرة أخرى للبرلمان للصياغة والتعديل، ولعلَّ فقرةً واحدةً في هذا القانون هي تلك التي تتعلق بــــــــــ(حسم المناطق المتنازع عليها) و(تثبيت حدود المحافظات) تشمل جميع المحافظات العراقية بلا استثناء ما عدا محافظات الشمال(السليمانية ودهوك واربيل) وهي تكفي لتفجير أزمة سياسية بين الفرقاء السياسيين في العراق قد تاخذ البلد الى متاهات وتناحر تعيد تمزيق الممزق منه .
فإلى أن تثبت حدود المحافظات أولاً، و يتمُّ تعديل فقرات القانون 13 لسنة 2008، وبعدها الموضوع الأسهل تعديل الدستور لتحديد نوع الفدرالية في العراق ومعالجة كردستان، فلربَّما يتحركُ ابناء هؤلاء الساسة بضميرٍ حرٍّ جديدِ وخيارٍ جديدٍ لا يشابهون فيه آباءهم بالتاكيد.
 

Share |