ستة حكومات حمال : مسير عبد ارهيط (( أبو عباس )) حكيم ومثقف من طراز خاص ؟- أحمد السيد حيدر- الشطرة
Mon, 11 Jun 2012 الساعة : 12:11

مواليد 1932 رجل وقصة وحكاية تستحق الاحترام والتوقف عندها واستخلاص العبرص والدروس من أهالي مدينة الشطرة الجنوبية الرائعة المتعددة الثقافات رضعها وطورها واستفاد منها الى الحد الذي جعلته يصبح من كبار مثقفي المدينة وصاحب حكمة تكاد لا توجد عند غيره بالرغم من عمله المتواضع ( عربانة دفع حمراء اللون صغيرة )
أحمد سيد حيدر الشطرة
تساعده على المعيشة الصعبة والاسعار الجهنمية التي ترمي بمحدودي الدخل في خانة اليأس والنسيان ويتهمني الناس وبالأخص جيراني في محلي الصغير الذي ابيع فيه البذور المحلية لانني ابالغ في احترام ابو عباس ويستهزئون مني عندما أطلق عليه لقب الحكيم وانا متأكد من ان هذا الرجل الفقير يستحق اكثر واكثر ولانني اعرف كيف استفاد من خبرته الكبيرة في الحياة والاقتصاد والسياسة لما يمتاز به من حنكه في كل شيء علمته الايام التي قضاها في العاصمة بغداد في منطقة الاعظمية 1950 ولحد 1990 سنة رجوعه الى الشطرة المدينة الام وكل هذه الفترة من السنين يمارس صاحبنا عمله في نقل الاغراض والحاجيات والاثاث البسيط على عربانه الدفع حمالا يحمل حكمة لا احد يعرفها ويثمنها غيري واصر على من اكتشافي بل انه اثمن اختراع واسرد لكم هذا السبق وأريد أن يحكم القاريء العزيز ويعطي رأيه بصراحة .
بعد سقوط طاغية العراق وبالذات في يوم تشكيل مجلس الحكم طلبت منه أن أسمع رأيه في ذلك وما يدور بالاحداث السياسية في عراقنا الحبيب اجابني بأبتسامة عريضه وقال لي بالحرف الواحد مرت بي ست حكومات وانا حمال ولم احصل على شيء يذكر حالي حال الجميع من عهد الملك فيصل ومرورا بالحكومات التالية الى عهد الثمانينات حيث الدكتاتورية ونظام القطب الواحد وأملي بالله سبحانه وتعالى وبأصحاب الشهادات الذين وصلوا الى الحكم توا هذا وقد أصبحت هذه الكلمة مثلا يضرب في مدينة الشطرة وبعد أيام طلبت من عمي العزيز يحمل حصتي من ماد الطحين وعندما أوصلها توجهت بسؤال كالعادة كل هذه الفتر من الزمن مرت عليك وانت حمال ولم تطور نفسك أجابني اذا اصبح الكل تجار فمن الذي يوصل حصتك الى البيت وبعدها اعطيته مبلغ ثمن خمسة الاف دينار ثمن الاجرة الشرعي لم يقبل وارجع لي ثلاث الاف دينار واخذ الباقي وقال لي بالحرف الواحد هذا حقي فقط وهذه حالة فريده من نوعها لا توجد اطلاقا في هذا الزمان .
يأخذ من شارع المعارض مقرا له ويعيش بمبدأ القناعة والبركة التي تكاد تكون مصدر الرزق لعائلته المتكونة من تسعة أشخاص يقطنون منطقة حاوي العباس ويعيشون بنبل وكرامة وقيم وشرف لا تتوفر لدى الكثيرين من أصحاب الاموال الضخمة والطائل الذين يكون مرادهم امتصاص دم الفقراء والمساكين . وبعد ان أطلق السيد رئيس الوزراء نوري المالكي مشروع المصالحة الوطنية لحقن دماء العراقيين والنهوض والاعمار تبين لي أن العم أبو عباس من أنصار المصالحة الوطنية بل من روادها وهو صاحب أساس قديم لما يحمله من محبة لاهالي الاعظمية لا توصف ولطول المدة التي قضاها هناك يعمل ليلا ونهارا حتى اصبح أعظميا وهو لا يتوقف عن المديح والاشادة بأهالي هذه المنطقة ووفائهم ومحبتهم الى العراق والى أهالي الكاظمية بالخصوص وحدثني مرارا وتكرارا عن أصدقائه في الخمسينات من القرن الماضي (( الحاج عباس الدليمي )) (( كامل الكبيسي )) (( محمد الاعظمي )) ولعل هذا اكبر مثال على وطنية هذا الرجل وحبه للعراق وأهله جميعا وقد رزقه الله سبحانه وتعالى بموهبة سرعة البديهية وتأليف الامثال والتي يرويها ويحفضها ويضرب بها في أوقاتها المحددة مما يمكنه من اضافة الذوق واللطافة معا فكل حدث يربطه صاحبي بمثل معين وحادثه وقعت سابقا ويمتاز بعلاقة جيده جدا مع المثقفين والادباء والشعراء في مدينتنا الجميلة وأروي لكم قصة علبة الببسي )) ذات يوم وبعد أستأجرت عربانه صديقي الحمراء ذات الحبل الكبير لنقل مكيف هواء اشتريته ليساعدني للتخلص من حرارة الصيف اللاهبة وبعد ان اعطيته أجرته البسيطة الفي دينار واثناء مرورنا بمحل لبيع المواد الغذائية رجوته على تناول البيبسي وبعد ان وافق بعد معانا ونتيجة حبه لي حمد الله وشكره وقال لي لم يستطع ثلاثة ارباع الشعب شرب قوطية البيبسي في ضل النظام البائد وصدق الرجل وذهبت بي ذاكرتي الى ايام دراستي في الثمانينات من القرن الماضي في معهد الاتصالات السلكية واللاسلكية والبريد ولم اكن بالفعل استطيع ان اتناول هذه العلبة وكنت فقط أشاهد العوائل الميسورة في منطقة الكرادة تحمل الكارتونات ورجعت الى صاحبي بعد ذاكرتي ووصلت الى حقيقة أن أبو عباس حكيم وهو مثقف من طراز خاص وعربانته لا تحمل الاثقال بل تحمل الحكمة .
