أيا بغداد حلما صبورا -كريم مرزة الاسدي-امريكا

Sun, 10 Jun 2012 الساعة : 10:48

أنيني يا عــراقُ من الحنيـــن ِ
فيا لهفي على مرِّ السـنيــن ِ
ِ ويا عزّي إذا الأيّامُ جــارت
ويا أملي إذا خــــابتْ ظنون ِ

خبأتكَ بعدَ لأيٍّ فـــــي فؤادي

وإنْ تاهتْ شمالي عــــنْ يميني

ألملمُ في ليالي الوجدِ شــــجواً

ألا للّـه ِ للوطـنِ الحـزيـــــن

ِ
إذا فاضت شجونُكَ للأعـــــادي

فأين أصبُّ آهات ِ الشـــــجون
ِ

أعلـّلُ نفسي بالآمـــــالِ حتّى

حسبتُ النجمَ أقربَ منْ جفوني

تصابُ صبابةُ العشــاق ِ وهناً

وزدتَ العشقَ بعدَ الأربــــعين

ِ
إذا ما الوصلُ أوشكَ في التداني

تماطلني ومنْ حيــن ٍ لحيـــن ِ

متى يا موطني تهتزُّ لطفـــــــاً

وترفعُ جبهةَ الشرف ِ المصون ِ

فذكركَ في دمائي نوحُ بــــاك ٍ

يهدُّ الحيلَ كالــداء ِ الدفيــــــن ِ

أقول اليومَ أو مـــــــنْ بعد ِ يوم ٍ

ستفدي تُربكَ الغالي عيونـــــــي

هبوني في هوى وطني ذميمــــاً

وأني بعدهُ مسخ ُهبونـــــــــــي

فإنْ جدَّ التطاولُ مـــــــنْ لبيبٍ

أطاولُ كـــلَّ عمـــلاق ٍ فطين ِ
***********
تركتُكَ يا عراقُ الرفــــــــعَ شأناً

فما بال الروي كسراً لنـــــــــون
ِ
وصارَ جناحُكَ الدامي مهيضـــــــاً

فكيفَ رضيتَ للعليـــــــــــا بدون
ِ

سلاماً أيُّهــــا الغـــافي سلاماً

على ثديٍّ من البؤس ِالهتـــون
ِ
ألمْ تذكرْ شموخَكَ والرواســـــــي

على التــــــاريخ ِ كالحقِّ المبينِ؟

تعانقُ دجلة ٌ بغدادَ لثمــــــــــــــاً

وترويها الحياةَ مــــــــن المعين
ِ
تحدّثها حديثَ المجدِ لمّــــــــــــا

تربّع عرشَها أسُدُ العريــــــــــن ِ

تشيّدها يدُ المنصورِ ِ حصنــــــاً

ويملؤها الرشيدُ بحور ِعيـــــــنِ

وحجَّ لدار ِ حكمتِها البرايــــــا

تنيرُ المشرقين ِ بلا قريــــن
ِ
تمدُّ يداً الـــــــى الآفاق ِ تفضي

بفكر ِ العقل ِ أو شتّى الفنـــون ِ

فقامتْ ترفد الدنيا عطـــــــــاءً

وتجمعُ لذّةَ َ الدنيـــــــــا بدين ِ

ِ
ِفتشبعُ منْ معاصيها (نديمـــــا )

لأرباب ِ الممالكِ والمجــــــونِ ِ(1)

وتزهدُ في زواياها فقيهــــــــــاً

وتوردُ ماءَها ( حرَّ السجونِ ِ) (2)

وتهزأُ ُ منْ جبابرةٍ تعــــــــدّوا

فما كانوا سوى مــاء ٍ مهين
ِ
فهولاكو كتيمور ٍ ومـــــــــودٍ

لقدْ عبروا على زمن ٍ مشين
ِ
وكمْ أنـّتْ وما ألفتْ سبــــاتا

فشقَّ ربيعُها رحمَ المنـــــونِ
ِ
وينتفضُ الشموخُ بشاطئيـها

كبركان ٍتفجَّرَمــــــــن سكون
ِ
فقصّتْ ألفَ ليلِتها الغوانـــي

وفاحَ بطيبِها عطرُ القـــرون

ِ
أيا بغدادُ يا حلمــــــاً صبورا

تفاخرُ كلِّ ذي حلم ٍ رزيـــــن
ِ
ويا بغدادُ يــــــــا أملاً كبيــراً

تقولُ لعزّةِ الأيّامِ : كونـــي

**************
فلا لا تسألوا عنـّي وحالــــي

فعنْ ذكر ِ الأحبّةِ خبّرونــــي

عن الخلاّن هل جادوا بذكــر
ٍ
وحنـّوا للفتى الزاكي الحنون؟

وعنْ دفءِ القلوبِ وحضنِ أمي

ووجهِ الطيبِ في عطف ٍولين
ِ
وعنْ أيّامِ مدرستي ولهــــوي

وأجوبتي على ريبِ المنـــون
ِ
فأشدو بعدَ تدقيق ٍبزهــــــــــو
ٍ
يقيناً ما أجبتُ سوى اليقــين
ِ
فهلْ أوراقـُها حفلتْ بفكــــــــر
ٍ
كسيل ٍحط َّ منْ قلمي الأمــينِ ؟

فمنْ غسقٍ ٍلخيطِ الصبح ِتهواً

أسطـّرُ عسجداً فوقَ اللجيـــن
ِ
فمهلاً أيّها الشـــــــــادي بحدو
ٍ
لقدْ فطـّرتَ قلبكَ بالحنيـــــــــن
ِ
ولو أجريتهُ طلقَ التـّـــــــحدي

لأدمعتَ السواجعَ في الغصون
ِ
على وطن ٍ يراقُ دماً ودمعـــاً

وعبَّ ثراهُ بالخير ِالثميــــــــن
ِ
سلاماً أيّها الغافي سلامــــــــاً

على ثدي ٍ منْ البؤس ِالهتون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ-
1 -(نديما ) كناية عن أبي نؤاس لقوله "فإنّي قد شبعت من المعاصي " وقوله " إذن لاصطفاني دون كلّ نديم "
2-( حرّ السجون ) كناية عن أبي العلاء المعري لقوله المشهور " تراني في الثلاثة من سجوني " وقوله " وردنا ماء دجلة خير ماء "
 

Share |