بابل في الكتاب المقدس( مترجم من الروسية-عن مجلة استيقظ- لجماعة مسيحية – يهودية)
ترجمة عبدالباري الحمداني
مقدمة
تنتشر هذه الايام في اوربا جماعات تبشيرية تمهد لخروج المسيح وتبشر بقدومه وتنفق جماعات مسيحية- يهودية –اموال طائلة في سبيل تحذير الناس في انهم يعيشون اخر الزمان- ولست هنا بصدد تكذيب او تاييد تلك الجماعات بقدر الاهتمام بالاسباب التي دعتهم لمثل هذا الاعتقاد- وصادف ان التقيت باحد المتحمسين منهم في الجامعة والذي اراد ان يقنعني انا-المسلم- لان اكون احد انصار المسيح المنتظر وان امهد له وهذا واجب انساني كما قال زميلي وبحماس عالي- واهداني مطبوع باللغة الروسية- واحتراما مني لحرية العقيده وبدافع حب الاطلاع ومعرفة محتوى المطبوع- واحتراما له لانه اهداني اياه اخذته وقراته واخترت منه ذلك المقال لترجمته-لان بابل مدينة عراقية وهذا ما اثارني
الترجمة ( اعتمدت الترجمة الحرفية دون تصرف)-
تتحدث المقالة عن بابل الدوله العالمية الثالثة في تاريخ الكتاب المقدس-الهدف منها اثبات ان هذا الكتاب جدير بالثقة وهو موحى من الله وان رسالة المقال تبعث الرجاء بنهاية الالام الناجمة عن تسلط الانسان من اخيه الانسان.
في سهل خصب على بعد 80 كيلو مترا جنوبي بغداد العصرية،قامت مدينة عظيمة جدا في العالم القديم تدعى بابل. فاسوارها المزدوجة الضخمة والخندق المائي المحيط بها جعلت منها مدينة حصينة يصعب اقتحامها. كما اشتهرت بهياكلها المهيبة وجنائنها المعلقة ومعابدها الهرمية(الزقورات). فلا عجب ان اطلق عليها موخرا(( مدينة العجائب)).
اما كلمة الله فتدعوها ((سيدة الممالك))وهي في الكتاب المقدس عاصمة ثالث الدول العالمية،بعد الامبراطوريتن المصرية والاشورية( اشعيا 47:5)- وقد لعبت الامبراطورية البابلية كسابقاتها دورا بارزا في تاريخ الكتاب المقدس. وهذا مايتيح لنا مقارنة مايقوله الكتاب المقدس مع المصادر الدنيوية.
تاريخ موثوق به
يخبرنا سفر دانيال في الكتاب المقدس ان احد ملوك بابل كان اسمه ((بيلشاصر)) –دانيال (5:1). بالمقابل ذكرت بعض المصادر الدنيوية في الماضي ان (( بيلشاصر)) احتل مركزا مرموقا لكنه لم يتولى الملك قط. فهل كان الكتاب المقدس على خطأ؟- لقد نبش علماء الاثار عددا من الاسطوانات الصلصالية في خرائب مدينة اور في بلاد مابين النهرين وتضمنت النقوش المكتشفة صلاة على لسان الملك البابلي ((نبونيد)) من اجل ((بيلسار اسر- ابني البكر))- وبحسب الكتاب المقدس، اكدت الاكتشافات لاحقا ان بيلشاصر((شغل منصب نائب الملك مدة تزيد عن نصف عهد ابيه وكان خلالها الملك الفعلي)) وعلاوة على ذلك يظهر التاريخ ان بابل القديمة كانت مدينة شديدة التدين ومرتعا للتنجيم والعرافة ونجد مثالا على هذه الممارسات في حزقيال 21:21 التي تذكر ان ملك بابل(( نظر في الكبد)) ملتمسا عرافة ليقرر هل يهاجم اورشليم-ولكن لماذا لكبد بالذات؟--- لقد تفحص البابليون اكباد الذبائح الحيوانية بحثا عن الفؤول، اي علامات يستطيعون بها التكهن بالمستقبل—ويخبرنا كتاب التنجيم في بلاد مابين النهرين ان علماء الاثار وجدوا في موقع واحد من المدينة القديمة (32) نموذجا طينيا لاكباد عليها نقوش وهي عبارة عن فؤول تستخدم في العرافة.
نبؤات موثوق بها
لنفرض ان احد اخبرك ان عاصمة من عواصم العالم الكبرى مثل بكين وموسكو وواشنطن ستتحول يوما ما الى خربه ولن تعمر ابدا فماذا سيكون رد فعلك؟ لن يلومك احد اذا تلقيت الخبر بشك ولم تصدق،لكن هذا ماحل ببابل القديمة. فنحو 732 ق م، اي قبل 200 سنة تقريبا من سقوط بابل اوحى الله الى النبي العبراني(( اشيعا)) ان يتنبأ بنهاية هذه المدينة العظيمة كتب قائلا: (( يكون مصير بابل زينة الممالك ---- مثلما حصل عندما قلب الله سدوم وعموره، لاتعمر ابدا، ولا تسكن الى جيل فجيل)) اشعيا 13: 19،20 .
انسجاما مع كلمة الله وهي العليا-غزت جيوش مادي وفارس مدينة بابل التي بدت لاتقهر واطاحت بها عام 539 ق م، حين كان سبي اليهود يوشك ان ينتهي. ومع الوقت اصبحت المدينة كومة انقاض اتماما للنبوءة
رجاء يستحق الثقة
ثمة نبوءة اخرى تتم بشكل مذهل في ايامنان وهي تتناول تمثالا هائلا رأه الملك البابلي ((نبوخذنصر)) في حلم –كان التمثال يتالف من خمسة اجزاء معدنية مصنوعة من مواد مختلفة: الرأس، الصدر،والذراعين،البطن والفخذين، الساقين والقدمين( دانيال 2:31) وقد رمزت هذه الاجزاء الى الحكومات المتعاقبة بدا من بابل الى الاتحاد الانجلو –امريكي، الدوله السابعة في تاريخ الكتاب المقدس(( دانيال 2:36:41))
يخبرنا دانيال عن فرق لافت للنظر في المواد التي يتالف منها الجزء الاخير من التمثال، فالقدمان والاصابع مصنوعة من حديد مختلط بالطين لا من معدن خالص كسائر الاجزاء، وتفسيرا للنبوءة اخبر دانيال نبوخذ نصر(( وحيف انك رايت الحديد مختلطا بالطين، فانهم يختلطون بنسل البشر ولكن لايلتصق هذا بذاك،كما ان الحديد لايختلط بالخزف)) دانيال 2:43 . وكم تصبح هذه الكلمات في العالم المنقسم سياسيا الذي نعيشه اليوم.
يكشف دانيال عن تطور لافت اضافي، فقد رأى الملك(( نبوخذنصر))- في الحلم حجرا قطع من جبل كبير وقذف(( فضرب به التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما)) دانيال 2:34 فماذا يعني ذلك- في ايام هولاء الملوك-ايام الدوله العالمية الاخيره يقيم الله مملكة لن تنقرض ابدا وملكها لايكون لشعب لوحده وهي تثبت الى اخر الدهر)) دانيال 2:44 وهذه النبوءة تشير الى مملكة حكمها لايشبه اي نظام حكم عرفه البشر- وسيملك عليها يسوع المسيح الذي سيسحق الشيطان وكل اتباعه، بشرا كانوا او ارواحا شريره وعندئذ يسود العالم السلام والعدل