النص الديني والتاريخ,- ليث السراي- الناصرية
Sun, 3 Jun 2012 الساعة : 15:43

لابد لنا عند دراسة أي نص ديني وقبل ان نفسره وناخذ باحكامه ان ننظر بعين الاعتبار الى الظروف والعوامل التي احاطت به عند صدوره والاسباب التي ظهر من اجلها ,,لان مجرد القطع بصحة الصدور عن احد مصادر التشريع لا يكفي في اعتباره حكما شرعيا واجب التنفيذ لاننا نعلم وبالقطع بان الظروف التاريخية والاجتماعية التي تصاحب ظهوره تلعب دورا كبيرا في صياغته وتحديد دلالته لحكم معين وهذا باعتقادي ما يفسر لنا وجود الكثير من الضبابية في النصوص الدينية من جهة ومخالفة بعضها للقواطع العقلية من جهة اخرى .
لا اريد ان اقول بان نرمي النص ونجعله وراءنا وننطلق من جديد,,وانما هي دعوة لكل المهتمين بدراسة النصوص الشرعية ان لا يدرسوها من ناحية الصدور واللفظ ودلالته فقط بل يجب ان يعطوا مساحة كبيرة لفهم النص بناء على الظروف التي نشأ بها والوقائع التاريخية والاجتماعية المحيطة به ,ومن الامثلة التي تعطى لتعزيز هذا القول ان كل المختصين وخصوصا في المذهب الشيعي وعندما يجدون نص يخالف بعض الثوابت عندهم يعزون صدوره الى التقية مثلا وهذا شائع ما بين الاصوليين ,مثال اخر ما انتهجته السلطات السياسية بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم من منع رواية النص وتدوينه بحجج واهية وذكر ما يعضد سلطتهم ويعطيها شرعية الامر الذي ساهم بعدم جمع القران وتدوينه الا بعد سنين من رحيل النبي ((باعتقادي ان هذا الموضوع يحمل في طياته الكثير من الدلالات)) الامر الذي ساهم بشكل كبير بظهور مجموعة من الرواة الوضاعين والكذابين والذين اوجدتهم السلطة لاعطاء الشرعية لملكهم كما قلنا وتبرير افعالهم من قتل وظلم واستخدام القوة المفرطة حتى وصل الامر الى تجييش الجيوش وخوض الحروب ضد الرعية التي تعارض بالفكرة او تنتقد طريقتهم في الحكم .
وهناك امر اخر لفت انتباهي ولعله مثال واقعي لما اقول وهو نص قرأته للكاتب امين الخولي وسأنقله هنا بالنص يقول( ان الافكار حين تجد في العقل خواء وتصادف في الدماغ خواء تعشش وتستقر حتى ليصعب اخراجها وانتزاعها من العقل مهما كانت درجة زيفها وتزداد حدة استقرار الافكار عن طريق التكرار المستمر لها والترديد الدائم الذي يحول الفكرة الى ما يشبه العقيدة الثابتة التي لا يجوز مناقشتها او نقدها ) وهو قول جميل ورائع يستحق الوقوف عنده وتأمله ليفسر لنا ايضا ظهور احكام وطقوس عبادية لا يوجد لها أي اساس شرعي اعني النص وانما هي بعض الامور التي درجت على فعلها العامة من الناس اتباعا لراي او قول شخص متدين مثلا للتتحول الى طقوس وشعائر مقدسة لا يقدر على معارضتها حتى الفقهاء والعلماء الاخرين..
والخواء الفكري الذي يقصده القائل يمثل ظرف تاريخي عاشته الامة ولم يلتفت اليه عند دراسة النصوص ولكنه ساعد في وجود الكثير من الخرافات والاساطير في كل الديانات تقريبا .
كما قلت هي دعوة ولفت انتباه لكل المعنيين بالأمر ان لم يكن في حسبانهم بشكل كبير عند تفسير النص الديني,, ومساعدة لكل الناس في فهم دينهم ايضا.