هل وصل العراق إلى نقطة اللاحل؟؟ - سمير القريشي- بابل
Thu, 31 May 2012 الساعة : 11:55

من الواضح أن ما يجري على الساحة السياسية في العراق شيء اكبر من مفاهيم الديمقراطية أو الدستور أو تلك المسميات التي ورثها العراق بعد الاحتلال ..ما نراه ونسمعه يؤكد على حقيقة واحده وهي أن العملية السياسية وصلت إلى طريق مسدود ,وان كل الخيارات التي تطرحها الكتل السياسية ما هي آلا جرعات تنشيطية يراد منها تأخير إعلان موت العملية السياسية ورمسها في مهدها الأخير..لان في إعلان موتها انتقال العراق إلى مرحلة من الصعب أن نراه فيها واحد موحد. ومن العسير فيها أن تسلم طائفة دون أخرى أو عرق على حساب أخر.. وهذا ما تدركه الكتل السياسية بصورة جلية ولعلمها بأنها سوف لن تحكم عراقا بعد الانهيار. وهذا ما لا تريده القوى الخارجية المتنفذة في العراق بقدر ما تريد انتقال ابيض سلمي عبر الوسائل المفعلة اليوم والتي تتيح لقوى الانقلاب أذا ما وصلت إلى حكم العراق والسيطرة على مقدراته أعادة عقارب الساعة إلى ما بعد 2003 مع متغيرات طفيفة وجزئية قد يكون منها المكسب الكردي المتحقق على الأرض ..هذه هي الحقيقة التي يجب أن نلحظها بعمق وتروي واستعداد لمتطلبات المرحلة القادمة ..
أما لماذا هذا التشاؤم المفرط لمستقبل العراق فأقول أن المعطيات الحالية لا تضع أمامنا سوى هذه الرؤية .والتي قامت على ركائز من الصعب تغيرها ألا بتغير مؤسسيها..وأولها دخول العراق ضمن مخطط القوى الإقليمية التي تحاول قلب الطاولة على رؤؤس الحكومات الغير موالية لها.. وثانيا دخول اغلب القيادات العراقية النافذة ضمن هذا المخطط وأداء أدورها بشكل مكشوف وواضح وصريح ..لم تعد القيادات الموالية لتغير طبيعة الحكم في العراق تخفي تطلعاتها في التغير بقدر ما تعمل في وضح النهار وتحت أشعة الشمس وبمباركة ومسانده الجهات الدولية والإقليمية ..نعم الغرب والولايات المتحدة تحديدا لا تريد تغيرا يقوم على أساس القوة المسلحة كتلك المحاولات التي حدث إبان الحرب الطائفية في العراق لان ذلك يستدعي منها موقفا جديا في التدخل المباشر, وهذا ما لا يريده الغرب والولايات المتحدة ..ولذلك عمدت قوى المعارضة الحاكمة وهو مصطلح جديد في العراق يدل وبصورة واضحة على نزعة التأمر التي ورثها العراق بعد 2003 أو ما يعاد تعرف ( بقوى قدم في المعارضة وأخرى في الحكومة) وهو أمر لا يمكن أن نجد له نظير في كل بلدان العالم ولا يمكن أن نجد له أي تبرير سوى إسقاط الحكم من خلال الحكومة ذاتها وهو أمر مألوف في طبيعة الأنظمة الاستبدادية ومحاولة قوى التحرر أحداث انقلاب من داخل النظام ذاته.. لكن ما هو الداعي إلى هذا الأسلوب في ظل نظام ديمقراطي تعددي ممثلة فيه كل أطياف الشعب بشكل محترم !! ولذلك تسعى قوى المعارضة الحاكمة إلى استخدام أسلوب آخر أكثر تعقيدا وتشعبا من أساليب النزاع المسلح للوصول إلى مبتغياتها للحيلولة دون النقمة الجماهير والتي قد تفهم من الانقلاب المسلح أو المعلن فهما قد يأتي على العراق برمته ..على كل حال ..أقول بماذا تفسر زيارة رئيس إقليم كردستان والذي لا يحمل صفة رسمية أكثر من صفة وزير في الدولة إلى زيارة العواصم الغربية والعربية لإسقاط حكومة المالكي واتهامه بالتسلط والدكتاتورية ..؟؟ كيف يفهم هذا الموقف من رئيس الإقليم المستقل عمليا والمتحد نظريا كيف ؟؟؟ بماذا يفهم اشتراك نائب رئيس الجمهورية بإدارة شبكة إرهابية تقتل وتعبث على مدى سنوات طويلة ..إلى أي شيء يطمح الهاشمي وغير الهاشمي من بعض قيادات القائمة العراقية التي ثبتت الوقائع والإحداث أن لها الضلع الأكبر من عمليات الإرهاب ..ثم هل من الممكن أن نخرج تركيا وقطر والسعودية من داخل الحدث العراق ؟؟ هل يمكن أن يصدق احد له عقل بان هذه الدول التي تصرح ليلا وجهارا بعدائها للعراق الجديد أنها لا تتدخل في شؤونه الداخلية ولا تسعى إلى تغير النظام فيه ..؟؟كيف ترى الأنظمة الخليجية مستقبل العراق
( الشيعي
)
وما سيشكل من قوة مهمة في العالم ..ولا أريد هنا القول الحاكم الشيعي والذي يعني مجرد بقائه حتى لو كان ضعيفا تحديا كبير للربيع السلفي الذي يحيط العراق من اغلب جوانبه .؟؟.ماذا يعني عراق قادر إلى استخراج كميات كبيرة من النفط الخام قد تصل بعد سنوات قليلة إلى أكثر من كميات النفط السعودي المستخرج.. آلا تنظر قطر إلى قدرة العراق على أنتاج الغاز الطبيعي شيء يهدد قوة قطر الاقتصادية المتنامية بفعل تصدير الغاز الطبيعي. ما يعني كل هذا؟؟؟ وبعد الشراكة العراقية الإيرانية هي الأخرى تدخل كعامل أساسي ومحوري وكبير في وصول العراق إلى مرحله اللا حل لان اغلب أطراف اللعبة السياسية ليس على مستوى الإقليم فحسب بل على المستوى الدولي تنظر إلى هذه الشراكة بمنظار أخر غير الرؤية المعلنة على وسائل الأعلام وان عبر مؤتمر 5+ 1 بعبارات غير ذلك.....وبعد بماذا يفهم تأخر العراق إلى عقد من سقوط النظام البائد دون أن يصل إلى أي مكسب استراتيجي عملي ينعكس على حياة المواطن ويدعم حركة التقدم الاقتصادي والاجتماعي إلى الأمام كإعادة الكهرباء ..؟؟
لا أريد أن أوحي من سياق ما تقدم بأن ائتلاف دولة القانون هو المستهدف من المؤامرات التي تحاك علنا وسرا لان دولة القانون طرفا في صناعة الأزمة ووصول حلفائها إلى قناعات دعتهم إلى العمل بسحب الثقة عن حكومة المالكي ..
اعتقد أن ائتلاف دولة القانون شريك أساسي في صناعة الأزمات وذلك ليس لأنه يطالب بسيادة الدستور والقانون والقضاء كما يدعي أعضائه بل لأنه نظر إلى الواقع المشحون بالتناقضات والقوى المهيمنة نظرة استخفافية ..نظر المنتصر الدائم ..نظر الذي حصل إلى مقاعد نيابية كثيرة في مجلس النواب ..أن أسلوب حزب الدعوة بعد سقوط النظام البائد قد وضع عليه مؤشرات عديدة وحان وقت أعادة النظر فيها بشكل واسع وجدي هذا أولا .. ولان التعاطي مع الواقع وفق روح التعددية واحترام الأخر احترام حقيقي لا احترام شكلي فوقي هو محور كسب الحلفاء ووحدتهم ..ويجب على الدعوة كذلك إدارة الأزمة بروح أكثر انفتاحا من روح شد الحبل وتأزم الوضع وعدم الانجرار إلى سياسية لا نريد أن يقع فيها الدعاة مثل التصريح والتلويح بإعلان الإقليم في محافظات وسط وجنوب العراق كلما وجدت الدعوة نفسها أمام مأزق كبير ..أن سياسية ائتلاف دولة القانون كانت سببا مباشرا في تشتيت التحالف الوطني ووصوله إلى ما وصل أليه .
أن موقف التحالف الوطني الحالي يذكرنا بالتحالف الاستراتيجي بين الكرد والشيعة والذي ما زال إلى الآن كما يقول الحلفين التاريخين .. لكن الواقع يفرض غير ذلك .. فمحاولة السيد البارزاني إسقاط حكومة المالكي بكل قوة وسعيه ووشايته على المالكي فيها تؤكد على تفاهته هذا التحالف ..بل أن السيد المالكي والذي يقوم هذه الأيام بعقد اجتماعات مجلس الوزراء في محافظات العراق لا يستطيع أن يعقد جلسة مجلس الوزراء في عاصمة حلفائه التاريخين في اربيل فأي تحالف تاريخي هذا ؟؟؟!!!
وبعد.. من الصعب أن يحدد وبشكل واضح ما ستؤول أليه تطورات الواقع الحالي من نتائج لكن من الثابت أن كل أطراف العملية السياسية تريد والى وقت معلوم بقاء الوضع الأمني مستقرا نسبيا وعدم زيادة الأزمة السياسية بأزمات أمنية قد تكون نتائجها في غير رغبة القوى الإقليمية والدولية حافظا على توازنات سياسية .مع بقاء الاضطراب السياسي في العراق كما هو عليه حتى في حال سحب الثقة عن حكومة المالكي ..بمناسبة الحراك السياسي وأخرها مؤتمر دوكان من اجل إسقاط حكومة السيد المالكي لم نرى آو نسمع أي حديث عن بديل السيد المالكي..؟؟ وما هي الضمانات التي ستقدمها الكتل السياسية لتشكيل حكومة قادرة على أداء واجبها اتجاه العراق ..؟؟ كل الذي نسمعه حديث عن سحب ثقة فقط وفقط ..!! ويبقى العراق بلد الأزمات الحانقة والى أمد لا يعلمه سوى الله تعالى لان مصيره ومع الأسف الشديد ارتبط بمعادلات وتوازنات دولية وإقليمية ولم يرتبط بإرادة أبنائه ..
سمير القريشي