ترشيد استهلاك الكهرباء في باريس
قبل أيام عدت من خارج القطر حيث كنت على رأس وفد وزارة الكهرباء إلى فرنسا لفحص معدات محطة مجمع الشموخ السكني في الناصرية وكما يعرف الكثيرين فأن منتسبي الوزارة أينما يذهبون فأن عيونهم ترنوا إلى الشبكة الكهربائية ومعداتها وكيفية تنفيذها ومقارنتها مع شبكتنا الكهربائية ورغم أني قد ذهبت إلى هذه الدولة أربعة مرات إلا أنني لم استطيع العثور على عمود كهربائي واحد في هذه العاصمة الساحرة ولا متر واحد من الأسلاك مثل شبكتنا ولا شبكة المولدات العنكبوتية رغم مواصلتي البحث في الشوارع والأزقة حتى يظن البعض أن الشبكة الكهربائية لاسلكية وسأواصل البحث عن شبكة الكهرباء في السنوات القادمة عسى إن أجد أعمدة أو أسلاك أو قابلوات ممدودة فوق الأرض أو قابلو لمواطن متجاوز كي اقطع عنه الكهرباء 0
إن ما لفت نظري خلال هذه السفرة هو الترشيد القاسي جدا لاستهلاك الكهرباء والمطبق في الشوارع الفرعية والأزقة والعمارات السكنية فعند عودتنا للفندق بعد منتصف الليل (عندهم كأنما في النهار) فأن الشوارع مظلمة والعمارات مظلمة حتى يظن البعض أن ساكنيها قد هجروها لوجود أشباح فيها أو ما شابه وعند الاستفسار من مرافقنا (الدليل السياحي )عن هذه الظاهرة فأعلمنا شئ صدمنا به وهو أن خدمة الكهرباء غالية جدا مما يضطر أهل المدينة إلى ترشيد استهلاك الكهرباء وكي يحافظوا على استمرارها فأصابتنا حالة من السكون وكأنما على رؤوسنا الطير هل من المعقول في هذه المدينة التي لاتنام والتي يزورها العالم كله على مدار السنة يطبق ترشيد استهلاك الكهرباء وكنا نأمل إن نرى سيارات الصيانة مع إفراد الشرطة وهي تقوم بقطع المتجاوزين والمسرفين في استهلاك الكهرباء ولكن بلا جدوى لأن الناس هناك توفرت لديهم القناعة الكاملة بأن ترشيد استهلاك الكهرباء يوفر لهم المال ويوفر لهم استمرار الكهرباء بدون قطع كما أننا لم نرى البروجكترات عالية القدرة في الأسواق العامرة ومعارض السيارات والفنادق ولا مصابيح الهالوجين التي تستهلك كل مصباح منها ما يعادل مكيفة الهواء كما موجود في معارض السيارات لدينا في صوب الشامية أو في الأسواق في شارع ألحبوبي فمتى يقتنع مواطننا بما اقتنع به أهل باريس وهل يتصور مواطنينا الساكنين في أي منطقة بأنه إذا تم ترشيد الاستهلاك إلى النصف فأننا يمكن إن نعطيهم ساعات تجهيز ضعف ما يحصلون عليه الآن أي بمعدل (16) ساعة يوميا وهل يتصور مواطنينا بأن دفع أجور استهلاك الكهرباء سيشعرهم بضرورة ترشيد استهلاك الكهرباء والحفاظ على استمرار هذه الخدمة التي يحتاجها الجميع نأمل إن يكون ذلك الطموح قريب وليس بعيد وتصبح هذه الايام الصعبة (سوالف) كما يقولون 0

الخبير الهندسي
قصي محمد عبد الحسين
مدير توزيع كهرباء ذي قار
30/5/2012