إيران + (5+1)-باقر الر شيد-ــ بغداد

Sun, 27 May 2012 الساعة : 8:59

في قراءة متروية لسيناريو الصراع بين أمريكا والغرب من جهة والجمهورية الإسلامية في إيران من جهة أخرى ، وما تضمنه من مشاهد متتالية في التصعيد والضغط على إيران وفرض سلسلة من العقوبات الإقتصادية عليها ، نجد أن الغرب فقد الكثير من الدقة والحكمة في آتخاذه تلك القرارات ، وقد توضح ذلك وبشكل جلي في إنعكاس النتائج السلبية لتلك العقوبات على الغرب نفسه لا على إيران . فبدلاً من أن تؤثر قرارات المقاطعة الإقتصادية ووقف إستيراد النفط على الوضع الإقتصادي والمعيشي للشعب الإيراني ، كخطوة يسعى لها الغرب لخلق حالة من السخط والهياج في الشارع الإيراني ، لاحظنا أن إرتفاع أسعار النفط التي نتجت عن تلك العقوبات قد سبب مشاكل إقتصاددية في العديد من دول أوربا ، وأثار مشاعر شعوبها ، فخرجت التظاهرات في العديد من المدن الأوربية مستنكرة النتائج السلبية التي لحقت بها نتيجة تلك العقوبات ، ولذلك بادرت الولايات المتحدة الأمريكية لإعفاء إحدى عشرة دولة من الإلتزام بها والسماح لها بشراء النفط الإيراني ، وهي عشر دول أوربية مع اليابان . لقد شعر الغرب بأنه غير قادر على فعل شيء أزاء الأزمة التي آختلقها مع إيران ، وأنه لايملك سوى التهديد بحرب يلوح بها كلما تقدمت إيران في برنامجها النووي ، وأدرك جيداً بأنه لا يقوى لا الآن ولا في المستقبل على توجيه أية ضربة عسكرية لها لعلمه المسبق بالنتائج التي ستؤول إليه أية ممارسة أو فعل عسكري . لذلك لم تجد الولايات المتحدة والغرب وسيلة لمواجهة الخطر النووي الإيراني (المزعوم) إلا الجلوس إلى طاولة الحوار . فكانت اللقاءات في إسطنبول ، وفيينا ، ثم بغداد . ولعل المتتبع للأجواء التي سبقت إنعقاد مؤتمر (5+1) في بغداد يجد أنها كانت إيجابية وخاصة في ما يتعلق بخارطة الطريق التي رسمها الطرفان في إجتماع أسطنبول ، كما أن مجرد انعقاد اللقاء في العراق يعدّ سبباً مؤثراً لنجاح المفاوضات نظراً للحيادية في موقف الحكومة العراقية إتجاه الأطراف المتفاوضة ، والعلاقات الطيبة التي تربط طرفي المعادلة الرئيسيين فيها ( الجمهورية الإسلامية في إيران والولايات المتحدة ) . وذلك على الرغم من وجود أطراف معروفة وقفت ومنذ تحرر العراق من نظام البعث المباد بالضد من كل حراك أو منجز يحقق الإستقرار للعراقيين أو يفتح لهم آفاقاً للتفاعل مع دول الإقليم والعالم ، فقبيل اللقاء إرتفعت بعض الأصوات الخليجية والإسرائيلية المنادية بعبثية التفاوض مع إيران ، كما أن الإعلام السعودي راح وكعادته بنفث سمومه حيث أنه ومع كل تقدم تحرزه طهران في مفاوضاتها مع الأسرة الدولية ينتابه القلق والخوف من قوة إيران السياسية والعسكرية ، أما إسرائيل فإنها كانت وما زالت تعتقد أن إيران تسعى لكسب الوقت فقط من خلال مباحثات تصفها بالعقيمة مع وكالة الطاقة النووية حتى مع عرض منشآتها للتفتيش والرقابة ، وقد آتخذ وزير الحرب الإسرائيلي ( أيهود باراك ) موقف المهاجم لكل المفاوضات التي جرت بين طهران والدول الست وحذر أمريكا والغرب من تخفيف الضغط على إيران ودعا إلى زيادته لتجريدها من أي قوة نووية ، لأنه يعلم أن أي إتفاق بين طهران والغرب سيمثل ضربة مريرة لإسرائيل بعد أن منيت بخيبة أمل كبيرة حين أحجمت أمريكا عن توجيه ضربة عسكرية للمنشآت الإيرانية ، وقد وصل الأمر بأن يتهم رئيس وزراء إسرائيل نتانياهو الرئيس أوباما بأنه يلقي بإسرائيل إلى الهاوية مقابل حملته الإنتخابية .
أما إيران وأمام كل هذه المعطيات فإنها ماضية بثبات في مشروعها كما أن لقاء بغداد لا يهدف لإيقاف هذا المشروع وإنما يسعى لإيجاد صيغ للتحكم في نسب تخصيب اليورانيوم فقط وهذا ما سيؤكد الضمانة لنجاحه ، وقد أعلن الكثير من المحللين السياسيين في إيران وفي الغرب أن بوادر صفقة سياسية بدأت تتكشف حول تخفيض نسبة التخصيب مقابل رفع جزء من العقوبات المفروضة على إيران ، وفي حال نجاح لقاء بغداد بحلحلة هذه الأزمة وإنجاح عقد الصفقة السياسية بين الطرفين فإن تسوية ستتم بين إيران والغرب لحل جميع المسائل العالقة بينهما . وحينها ستكون الصفعة على جباه حكام السعودية وإسرائيل وقطر موجعة ومدمية .

 

Share |