السياسي والمسبحة ...علاقة وطيدة -عقيل عبد الجواد

Mon, 6 Jun 2011 الساعة : 11:13

يمتد طيف العُرف والتقاليد من طريقة كلام وجلوس الى تصرفات معينة تستخدم عند الترفيه وقضاء الوقت . ومنها استخدام المسبحة التي ارتبطت رؤيتها- لدينا - حين تتلاعب بها يدي احدهم بأنه منظر يليق بمن لديه وقت كثير يريد اطلاق رصاصة الرحمة عليه او بمن هو خالي البال ويبحث عن شيء يشغله .
فهي ببساطة وسيلة للتعبير عن روقان البال ..
وامتد استخدامها ليصل الى ايدي سياسيينا في اجتماعاتهم الرسمية على اعتبار انهم جزء من البيئة الاجتماعية العراقية وهو ما لا يليق بتلك الاجتماعات وجديتها المفترضة .. حيث ان لكل مقام ٍ مقال أي قول او تصرف يرسل رسالة معينة تليق بسياق الموقف .
والتلاعب بالمسبحة يرسل الرسالة الخاطئة التي لا تتناسب مع تلك الاجتماعات وخطورتها على حياتنا .
ثم انه وبصراحة أمر مستفز ليس لي فقط بل لكل الناس ; ففي حين اننا نعاني خيبات امل فادحة في مجال الخدمات وعلى رأسها الكهرباء وعدم حل مشاكل عتيدة كمشكلة كركوك وترسيم الحدود بيننا وبين اقليم كردستان وعدم اصدار قوانين فائقة الاهمية كقانون الاحزاب –المهم جدا ً – ثم وعلى رأسها عدم وضوح الافق للعملية السياسية الجارية وابقاءها هلامية غير واضحة الملامح . كل هذا وسياسِيُنا يتلاعب بمسبحته .

وإذا أردنا او اراد السياسي ان يحكم على مدى لياقة تصرفه من عدمها فما عليه إلا ان يقارن نفسه بالأقران من العرب حيث لن يرى أي سياسي عربي يُقّلب بمسبحته والخليجيين ليسوا استثناء .
او ليقارن نفسه بالاوربي الذي وان لا توجد المسبحة في ثقافة لهوه فأننا نستطيع استبدالها مثلا ً " ببرنامجه التلفزيوني المفضل " وهو امر مقدس لهم او بتدخين السيجار ولنتخيل الساسة الاوربيين وهم يضعون شاشات صغيرة يشاهدون بها برنامجهم المفضل او يدخنون بينما مؤتمرهم جار ٍ على قدم ٍ وساق .
ثم ان استخدامها يكرس عنا لدى الآخرين الفكرة المسبقة في أننا أناس غير جديين او عمليين وان اتصفنا ببعض الجدية فانه يستحيل علينا ان نضع فاصلا ً واضحا ً بين وقت الجد او الوقت الرسمي وبين قضاء الوقت واللهو الشخصي .

اما على الصعيد النفسي فهي تظهر ان هذا الشخص قد وصل الى ما يصبو اليه وانه انجز طموحاته وحقق ذاته وهو يعيش في حالة رضا ووئام تام مع النفس وبعيد عن أي قلق او صراع بل هو شخص يعيش اتزان .
ولا اقصد به صراع او قلق شخصي بل قلق وصراع يواجهه كردة فعل على عظم المسؤولية والتحديات التي يواجهها على مستوى وطنه وتحقيق طموحات شعبه ورفع الآمهم لكن يبدو انه لا يوجد شيء من ذلك .
بل انه شخص يعيش حالة استقرار نفسي وتماهي -أكثر من رائع – مع ما موجود من واقع حال .
كما انها تُظهر انه شخص ليس راض ٍ فقط عما انجزه وعن حاضره ; بل اكثر فلديه شعور بالرضا والارتياح يمتد لمستقبله إذ انه مطمئن ان قارب النجاة _ جنسيته الثانية او ما انهال عليه من بركات المنصب_ يسعه ويسع المحيطين به اما بقية الشعب فلا بأس ان يحل بهم ما حل بركاب تيتانك .
ان الحياة لا تفتأ تعطينا دروس وتضرب لنا امثلة في مواجهتها ومنها ان الابواب الموصدة والمتينة تفتح دائما ً بمفاتح صغيرة وبحركة يسيرة .
فكذلك المشاكل الكبيرة تكون بداية حلها خطوات نراها صغيرة .. وعليه اقترح -كخطوة أولى لأصلاح الوضع السياسي المتأزم - ان يصدر البرلمان قانونا ً يحظر فيه على السياسيين استخدام المسبحة في اجتماعاتهم تحت عنوان " قانون حظر التشفي " على اعتبار ان استخدامها هو امعان في نسيان اوجاع الشعب وتعمد نكأها .

[email protected]

 

Share |