جرائم وحقائق يكشفها الطب الشرعي-المحامي عبدالاله عبدالرزاق الزركاني

Sat, 26 May 2012 الساعة : 18:07

لقد ظلت مهنة الطبيب الشرعي مرتبطة بفحص أو معاينة الأشخاص الضحايا الذين يتعرضون لاعتداءات وينتج عنها أفعال جنائية والفحص الطبي يدخل في إطار الخبرة القضائية ولكن مع تطور المجتمعات وظهور الصناعات الحديثة واقتصاد السوق ظهرت إلى الوجود مؤسسات التأمين والحماية الاجتماعية. توسع اختصاص الطبيب الشرعي لتعدد الظروف واختلافها التي يجب فيه على الطبيب الشرعي أثناء قيامه بالمهام المسندة إليه من الجهات المختصة أن يبدي برأي مسبب علميا وعمليا على حالة الأشخاص المراد فحصهم في إطار خبرته وبذلك أصبح الطبيب الشرعي ينظر إليه من الجميع الخبير فى آلاثاره الإدارية والقضائية وحتى الاقتصادية. إن الطبيب الشرعي بصفته مساعدا للقضاء يعتبر الركيزة الأساسية في دعم القانون من خلال مساعدة العدالة في التحريات الجنائية ومختلف الخبرات الطبية سواء المدنية أو الجزائية. كما أنه من ضمن مهامه الأساسية هو إعطاء استشارات طبية والإجابة على بعض التساؤلات التي تطرح عليه من طرف القضاء في بعض الملفات الطبية والآثار الناتجة عنها. وبما أن الطبيب الشرعي يعتبر من الخبراء المساعدين لذا ركزت عليه كل جهودها وأولت له عناية كبيرة وأهمية قصوى بحكم تعامله مع القضاء وانبثقت كثير من النصوص التشريعية التي تمت مراجعتها وسنت قوانين جديدة لها علاقة مباشرة بسير النشاط القضائي فى مجال الطب الشرعي لدليل على مواصلة المسار المعقد والطويل ضمن إصلاح العدالة والاعتناء بكل القضايا التي من شأنها أن تمس بحقوق الإنسان وهذا ما خلصت إليه المبادئ ألعامه لقواعد العدالة . إن الطبيب الشرعي يقوم بإجراء الفحوصات الطبية على المصابين في القضايا الجنائية وبيان وصفة الإصابة وسببها وتاريخ حدوثها والآلة أو الشيء الذي أستعمل في إحداثها ومدى العاهة المستديمة التي نتجت عن هذا الاعتداء وبذلك فإن الطبيب الشرعي ملزم بالقيام بهذه الفحوصات والتحلي بالصدق والأمانة وبتحرير شهادة طبية تثبت الفحص الطبي الذي قام به على الشخص المعني. وتشريح جثث المتوفين في القضايا الجنائية وفي حالات الاشتباه في سبب الوفاة وكيفية حدوثها ومدى علاقة الوفاة بالإصابات التي توجد بالجثة وإستخراج جثث المتوفين المشتبه في وفاتهم وتشريحها بناء على أمر قضائي . ويطلب منه إبداء الآراء الفنية التي تتعلق بتكييف الحوادث والأخطاء التي تقع بالمستشفيات وتقرير مسؤولية الأطباء المعالجين.وتقدير السن في الأحوال التي يتطلبها القانون أو تقتضيها مصلحة التحقيق والمثال على ذلك تقدير سن المتهمين الأحداث أو المجني عليهم في قضايا الجرائم الأخلاقية أو المتزوجين قبل بلوغ السن المحددة من أجل إبرام عقد الزواج في الحالات التي يكون شك في تزوير وثائق أو عدم وجودها أصلا. وعادة مثل هذه الأمور تكون بعهدة لجان طبية متخصصة ويدل فى اختصاص الطب الشرعي بمفهومه العام وبناء لما يحال له من القضاء فحص المضبوطات ألجرميه فحص الدم وفصائله والمواد المنوية ومقارنة الشعر وفحص العينات المأخوذة من الجثث لمعرفة الأمراض وفحص مخلفات الإجهاض ويتداخل خبراء الادله الجنائية في ذات المهمة من الناحية الجنائية . لذلك إن الطبيب الشرعي المكلف بإنجاز خبرة طبية، يمكن له أن يستعين في تكوين رأيه بمن يرى الاستعانة بهم، على القيام فإذا كان الطبيب الشرعي الذي تم انتخابه بأمر قضائي فبإمكانه طلب إلاستعان بضم أطباء وخبراء أليه وبموافقة محكمة الموضوع ليقدم تقرير مشترك لكل منه رأيه سواء اختلفوا او اتفقوا في الرأي والأمر متروك لسلطة تقدير ألمحكمه وبعد ايداء اليمين القانوني والخاص بالخبراء .ولقاضي التحقيق أو محكمة الموضوع الأخذ من تقرير الخبير بما تراه محلا للإستاد عليه ويتم استبعاد منه ما يرونه غير مجدي في الدعوى.وعلى سبيل المثا لحالات كانت تنظر من قبل القضاء إذا خلص قاضي التحقيق أو محكمة الموضوع نقلا عن تقرير الطبيب أن بيان الصفة التشريحية لم تساعده على تعيين مثلا ساعة وفاة الشخص تعيينا دقيقا، ولكن من جهة أخرى يتم تحديد تلك الساعة من طرف أخر ويستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابستها وشهادة الشهود فإن الإجراء قد يأخذ بها وللقضاة الحق في الاعتماد لاستنتاج ما يرونه حقيقة والمحكمة الخبير الأعلى في الدعوى كما هو متعارف عليه قضاء.لان إن تقرير خبير الطبيب الشرعي إنما هو نوع من الأدلة التي تقوم في الدعوى لمصلحة أحد طرفي القضية فمتى ناقشه الخصوم وأدلى كل منهم برأيه فيه، كان للمحكمة أن تأخذ به لمصلحة هذا الفريق أو ذاك أو أن تطرحه ولا تقيم له وزنا أو تأمر بإجراء خبرة مقابلة لا يوجد نص صريح يلزم المحكمة بالاستجابة لطلب استدعاء الطبيب لمناقشته، بل أن لها أن ترفض هذا الطلب إذا ما رأت أنها في غنى عن رأيه بما استخلصته من الوقائع التي ثبتت لديها ويمكن إتباع طرق الطعن التميزي باعتباره حق مشروع للجميع ومن له ألمصلحه قانونا . وفي كل الأحوال يعتبر الطبيب الشرعي بصفته مساعدا للقضاء لا يمكن لدولة القانون كما تطمح وتعمل من أجله بلادنا أن تستغني عنه، بل يجب الاعتناء بهذه الفئة حتى تقوم بواجبها لمساعدة العدالة.ويستحسن إيجاد صيغة عمل في توضيح بعض الأمور ألتحقيقيه عندما يصل العلم إلى القضاء بوقوع حادث أو ما شابه ذلك إعطاء الأمر للمحقق العدلي و لضابط الشرطة بمجرد علمه بوقوع أفعال جنائية او تخويلهم مسبقا وتحت إشرافه الاستعانة بالطبيب الشرعي وخبير الادله الجنائية حينا للإنتقال إلى مسرح الجريمة لمعاينة الضحية أو الضحايا وكل الظروف المحيطة بمكان الجريمة، حتى يتمكن الطبيب الشرعي والخبير الجنائي من القيام بالمهام المسندة إليه لاحقا من طرف القضاء والوصول إلى تحديد سبب الوفاة حتى لايفلت الجاني من العدالة وذلك بالكشف على جثة المتوفى الذي يشتبه في وفاته سواء كانت الوفاة فجأة أو عرضية أو جنائية ليقوما كلا حسب اختصاصه بالدور المعهود لهما فحص جميع المضبوطات من آلات نارية ومقذوفات وغيرها لإبداء الرأي في حالتها من حيث علاقتها بالحوادث المضبوطة فيها.- إن مهنة الطبيب الشرعي في بلادنا رغم أهميتها ونبلها، نظرا للخدمة العمومية التي تقدمها للمجتمع، أصبحت مهنة غير مرغوب فيها من طرف طلبة الطب، حيث ينظرون إليها من الجانب المادي البحت، وبغرض ترغيب الطلبة في متابعة هذا التخصص بات ضروريا تنظيم هذه المهنة ووضع قواعد وآليات لرد اعتبارها.من أجل السير الحسن للعدالة وإعطاء كل ذي حق حقه، عندما يتطلب الفحص الطبي على كل شخص أو إجراء خبرة طبية، سواء كانت مدنية أو جزائية ويستحسن ندب الأطباء الشرعيين المختصين دون سواهم نظرا لكفاءتهم واستعدادهم للعمل مع العدالة كلما تمت الاستعانة بهم. إن الطبيب الشرعي بحكم اختصاصه وكفاءته العلمية ويمينه القانونية كطبيب وخبير قضائي ملزم بالحفاظ على السر المهني ولا يحق له الكشف عن أسرار مهنته الطبية إلا في الحالات التي يوجب عليهم فيها القانون إفشائها ويسمح لهم بذلك وهذا ما نص عليه قانون العقوبات. وهي حالات الوفاة المشكوك فيها و يتم اللجوء إلى الطبيب الشرعي وقد نص على أن كل وفاة مهما كانت طبيعتها يجب أن تتم معاينتها من طرف طبيب ولما كان الأمر كذلك فبعض الأطباء لا يقومون بفحص المتوفى ويكتفون بالكشف الظاهري للمتوفى دون التأكد من حالة الوفاة وتهربا من المسؤولية يقومون بتحرير شهادة معاينة الوفاة ويسجلون فيها ملاحظة "وفاة مشكوك فيها"، "أو وفاة غير طبيعية" وأمام هذا الأمر فإن المحقق يرفض تسجيل شهادة الوفاة وتسليم إذن بالدفن لأهل المتوفى إلا بحصولهم على إذن من قاضي التحقيق بعد عرض الاوراق عليه وختاما فإن الطبيب الشرعي بمساهمته في ألمعرفه ألمهنيه العملية والطبية والبيولوجية له مكانة خاصة فى تحقيق العدالة في تطبيق القوانين المنظمة لحقوق وواجبات أفراد المجتمع وشكرا.

 

Share |