شروط فعالية ونجاح وسائل الإعلام في مكافحة الفساد-مجاشع محمد علي - القاهرة
Thu, 24 May 2012 الساعة : 11:06

يأتي أهتمام الصحافة بالكشف عن ظواهر الفساد المالي والإداري انطلاقاً من دور الصحافة كمدافع عن مصالح المجتمع وهو أحد المفاهيم المرتبطة بالصحافة العامة وقد ظهر أهتمام الدراسات الإعلامية العربية والأجنبية بتقييم مدى فاعلية الدور الذي تؤديه وسائل الاتصال في التعامل مع الأزمات التي يمر بها المجتمع . ففي أوقات الأزمات يسعي الأفراد لوسائل الإعلام لمعرفة ماذا حدث وماذا يحدث وما المتوقع حدوثه في المرحلة القادمة من الأزمة ، وذلك بهدف تحديد الدور المطلوب منهم لمواجهة الأزمة والأدوار المطلوبة من غيرهم من أفراد المجتمع لتجاوز الأزمة .
إن شرط توفر دور الإعلام في مكافحة الفساد بسيط للغاية , ومن دونه لا يستطيع الاعلام أن يضطلع بأي دور على هذا الصعيد بل إنه يصبح وسيلة للتستر على الفساد..هذا الشرط هو حرية الإعلام في الحصول على المعلومات وحرية الإعلام في بث ونشر هذه المعلومات , فالدول الأقل فسادً في العالم هي الأكثر حرية على صعيد الإعلام , والسبب أن حرية الإعلام تحقق الشفافية والشفافية هي العدو الأول للفساد الإداري والمالي .
ولضمان فعالية ونجاح وسائل الإعلام في مكافحة الفساد هناك العديد من المقترحات التي يجب مراعاتها في تحقيق تلك الفعالية .
1- التخلص من جميع القيود التي تعرقل دور الإعلام في مكافحة الفساد سواء في النواحي القانونية أو معوقات تداول المعلومات التي يتسبب بها التوجهات الإدارية الذي يقيد عمل وسائل الإعلام.
2- مراعاة الدور المهم لوسائل الإعلام في الدفاع الاجتماعي ضد الفساد , ولفت نظر السلطات إلى مدى خطورتها على المجتمع , وأساليب مواجهتها وعلاجها.
3- الأهتمام بالاستغلال المهني لوسائل الإعلام , وهذا يؤدي إلى حرية التعبير ومراعاة حق الرأي العام في المعرفة بالإضافة إلى مرعاة الموضوعية في تناول قضايا الفساد في المجتمع
ويقوم الإعلام بدور رئيسي في الكشف عن الأزمات و إدارة الحوار حولها لذا ظهرت أهمية دراسة الاستراتيجيات الإعلامية التي يمكن أن يتم استخدمها في حالات الأزمة، و التي تم تحديدها في مجموعة من الاستراتيجيات الأساسية هي إستراتيجية الهجوم Attack و تعتمد علي مهاجمة من يتهم المؤسسة بوجود أزمة و قد يصل هذا الهجوم إلي التهديد أو الملاحقة القضائية . إستراتيجية الإنكارDenial و ذلك حينما يتم إنكار الاتهامات الموجهة إلي الطرف المسبب في الأزمة، إستراتيجية التحويلDiversion و ذلك حينما تعمل أطراف الأزمة علي تحويل الانتباه عن الاتهامات التي يتعرضون لها، و إستراتيجية تقديم الأعذارExcuse وذلك حينما يسعى أطراف الأزمة إلي إيجاد أعذار لسبب تورطهم في الأزمة ، إستراتيجية تقديم تبريرات Justification حين تسعى الأطراف المشاركة في الأزمة إلي تبرير المواقف التي اتخذتها، و إستراتيجية امتصاص الأزمة Concession و ذلك حينما تحاول الأطراف المسئولة عن الأزمة امتصاص الموقف و ذلك من خلال الإقرار بمسئوليتها عن الأزمة و طرح تصورها لعلاج هذه الأزمة. و قد أضاف إليها Ihlen في دراسته إستراتيجية التملق Ingratiate وذلك حينما تحاول الجهة المتسببة في الأزمة استمالة بعض الفئات لكسب تأيدهم لها، و إستراتيجية التصحيح Correction حيث يتم تبني سياسة إصلاحية لتلافي الخسائر الناتجة عن الأزمة، و إستراتيجية الاعتذار Apologize و ذلك بتقديم اعتذار كامل للجمهور أو المجتمع عن ما تسببت فيه المؤسسة من أضرار.
لهذا فأن وسائل الإعلام تلعب دوراً هاماً أثناء الأزمات حيث توجد علاقة وثيقة بين الحرية التي تتمتع بها وسائل الاتصال و قدرتها علي تقديم المعلومات وقت الأزمات و تشتد هذه العلاقة في ظل ظروف عدم الاستقرار و مع توافر الصراع حول موقف أو قضية.
أما المنظمات الدولية فقد أكدت دور الصحافة في مواجهة الفساد ومنها منظمة الشفافية الدولية التي أكدت على مبدأين لمواجهة الفساد
1- الحاجة إلى التحالف .
2-أهمية المعلومات , والتركيز على دور المسلحين بالمعلومة (الإعلام , المتعلمين , الجماعات المدنية) لاستخدامها في مقاومة الفساد فمسؤولو الحكومة لايمكنهم حل مشكلة الفساد وحدهم , وفي هذا الصدد يبرز دور الإعلام من خلال :
- أثارة وتنبيه الرأي العام والوعي العام .
- ينبغي أن تصبح المعلومة متاحة للجميع , وأن تلقي الضوء على حالات الانتهاكات وعلى النتائج المترتبة عن الفساد .
- ضرورة اقامة صحافة حرة ونزيهه غير ملوثة بالانتماءات الحزبية أو المصلحية المالية , وهنا فأن دور الصحافة كعامل محفز للإصلاح يتعدى الحدود القومية من خلال الاتصال العالمي .
يمكن القول إن العمل الإعلامي يعد من العوامل الخارجية التي تؤثر في السلوك , وقد تكون دافعاً نحو الجريمة حيث العمل الإعلامي من العوامل الخارجية المؤثرة في السلوك , ولكن لاتؤثر في السلوك من فراغ وإنما هو يعتبر مؤثراً خارجياً يتفاعل مع العوامل الداخلية , فإذا وجد هناك بيئة داخلية خصبة مستعدة للإجرام هنا يمكن أن يؤثر في الأنسان , وقد يوجه سلوكه إلى الجريمة وهذا التأثير للإعلام يختلف من حيث السن والنوع والبيئة المحيطة والتكوين النفسي للفرد وهذا من منطق أن الإعلام له وظيفة ثقافية .
تمثل قضايا الفساد اليوم أحد أهم المشكلات الرئيسة التي تواجه المجتمعات الحديثة وأحد عقبات التنمية ، لهذا تحظى عمليات الكشف عن الفساد بإستمرار أهتمام و تغطية وسائل الإعلام وأيضا تعد من المواد الصحفية التي تحظى بأهتمام من الجماهير المتضرر من تلك القضايا ، وتفتح الباب لمناقشات وحوارات مجتمعية حول مسئولية النظام الإداري في الدولة عنها والحاجة إلي تشريعات و ضوابط رقابية تساعد في الكشف عن الفساد والحد منه ، مما أوجد أهتمام علي المستوى الدولي والمحلي بمكافحة الفساد والكشف عن المتورطين فيه .
وفي بعض حالات الأنحراف والفساد قد يكون من الصعوبة الحصول على البيانات والوثائق التي تكشف الحقائق , وخاصة عندما تمس الجريمة بعض كبار الشخصيات في المجتمع وفي مثل هذه الحالات يمكن طلب المعلومات من الجمهور أنفسهم , فمن يعرف شيء يرسله , وقد نجحت هذه الوسيلة في حالات كثيرة , فقد أستطاعت صحيفة (وسترن ميل) البريطانية أن تكشف طرق التحايل في ملكية الأراضي في مدينة كاردف عن طريق كشفها لأحدى حالات التزويير في ملكية قطعة أرض حكومية والأستيلاء عليها وطلب من القراء موافاتها بالحالات المماثلة وكان أن وضع بين يديها عشرات الحالات معتمدة بالوثائق والمستندات .