أسألوني قبل ان تفقدوني ....عبدالسميع الجفيلي - الناصرية
Mon, 21 May 2012 الساعة : 16:05

مقولة عظيمة في معناها وواسعة في أبعادها قالها أمير المؤمنين عليه السلام في زمن عصفت في الأمة الأسلامية رياح تدفعهم بالعودة الى زمن الجاهلية ,ونشوء تيارات فكرية منحرفة تجرهم الى عصر ما قبل الأسلام , مرة تتجسد بفتن تخيم على الوضع السياسي العام لجر الخلافة الى دهاليز أمنية مرتبكة ,ومرة تتجسد بتوجيه عقول صغار المسلمين الى مسارات بعيدة كل البعد عن السنّة النبوية والعترة الطاهرة .
أراد أن يعلمنا أن أي أمة في الوجود لكي تضمن بقائها وديمومتها لابد لها أن تعتمد على علمائها الحقيقيون وعليها أن تقوم بأمرين مهمين أحدهما أهم من الآخر ,ألأول هو أخذ العلم وطلبه من العالم والثاني ضمان الأمن والأمان لهذا العالم, وكلما وجدت أمة فيها علماء ينشرون العلوم المختلفة في ربوعها وتجد فيها من يأخذ بهذه العلوم ويطبقها تطبيقا صحيحا وتجد فيها من يضمن أمن وسلامة العلماء ستجدها أمة حية تنبض بروح العلم والمعرفة .
وحسب فهمي القاصر للموضوع فأن علينا أن نهيأ الأجواء المناسبة والملائمة وأهما ضمان أمن وسلامة العالم لكي نظمن أستمرارية تدفق علومه وضمان استمرارية الأستفادة منها أكبروقت ممكن حيث لا فائدة ترجى من عالم كبيرلكن ايامه معدودة.
يقول (أسالوني )قاصدا" بذلك هو طلب العلم منه لا من غيره ..ستجدونه علما" صافيا" نقيا" خاليا" من الشوائب والجاهلية وخالي من الصفصطة والمجانبة , وتابع قوله (قبل أن تفقدوني... )كأنه يعلم بانه سيقتل وبقتلة ستكون الخسارة الكبرى لنا .المتتبع للأحداث التاريخية يرى أن الأسباب الحقيقية من وراء خطبته يجد أن الوضع السياسي كان مضطربا" ومليأ" بالفتن وبعض الأفكار المنحرفة التي بدأت تضهر على السطح ..ولا يخفى علينا كيف كان المستوى الفكري والعقائدي للمتلقين لهذه الخطبة حين سأله من كان تحت منبره ( كم شعرة في راسي؟؟).ولا يخفى علينا أيظا" ورغم أنه كان خليفة المسلمين وبيده مقاليد السلطة والحكم الاّ أن أصحابه المقربون تركو موضوع أمنه الشخصي دون عناية حيث كانو مشغولين بطلب العلم منه أكثر من تقديم الأمن له حتى صار هدفا سهلا لأعدائه .وفي حال وجود عالم يتصدى بعلمه ويحمل رايته ويسعى الى تغير الواقع الخاطئ ويضع النقاط على الحروف وأن يعرض نفسه على العامة ويدخل بيوتهم ويكسر جدران الجهل والخوف واللامبالاه فيهم,عالم يخرج لينير الظلمة بنور علمه ويمد يد الخلاص من آثار التشويه والتحريف والتدليس,هذا هو العالم الذي يجب علينا أخذ العلم منه وأن نسأله عن أمور ديننا ودنيانا وأن نأسس له المدارس لنستفيد من وهج علمة وأن نهيأ له كل أسباب النجاح في تأدية رسالته التي كرس نفسه للأجلها حتى نصل ألى الغاية المنشودة ,ألى مجتمع مثالي يعتمد على الأسلوب العلمي والحضاري في جميع الأمور الحياتية والفكرية والعقائدية ,ألى مجتمع يستند على أساس من التاريخ الحقيقي وعلى حاضر مبنيّ بناء" صحيحا" لنصل الى الغاية المنشودة والأمل الكبير بعد طول أنتظار .
أن أعدائنا يتربصون بنا الدوائر ولن يتركو صغيرة ولا كبيرة ألاّ ويستخدموها ضدنا ولهذا لابد أن نلتفت التفاته مهمه بمغزى ومضمون الجزء الثاني من قول ( قبل أن تفقدوني ) والذي أراد به أن ينبهنا ويحذرنا من أعدائنا الذين يشنون الحرب ضدنا وبكل الأساليب منها التشوية الفكري والتسقيط الشخصي والتصفية الجسدية , وأراد ان يحذرنا من الذين يحاربون العلماء حتى لا يؤدوا دورهم الذي خلقو لأجله مستخدمين كل حيل المارقين والناكثين وكل ألاعيب ودهاء الطلقاء وأبناء الطلقاء ,اراد ان يعلمنا ان عدم فقدان العالم هو جزء لايتجزا من التطور العلمي وهنا لابد لنا أن نتخذ جميع الخطوات التي تأمن لنا ديمومة التواصل مع العالم وعدم فقدانه لأي سبب كان وأن نحصن أنفسنا من الحرب الأعلامية التي تشن ضدة واللأكاذيب ولأباطيل التي تنسب اليه لتقطع التواصل بيننا وبينه وأن نوفر له الامن الشخصي خوفا من التصفية الجسدية لا سامح الله ولدينا شواهد كثيرة ..وحتى نأخذ العبر ونستلهم الدروس من الأحداث التاريخية والمعاصرة فعلى أصحاب العالم والمقربين منه مثلما يأخذو العلم منه عليهم أن يوفرو الأمن له, وأدعوهم الى عدم الأخذ برأيه بخصوص هذا الموضوع لأنه سيتمنى الفوز لنفسه بالشهادة ولكننا لا نريد الخسارة لأنفسنا بفقد...وكما صاح مولانا في فجر ذلك اليوم (فزت ورب الكعبه )لكننا صحنا بعده (تهدمت والله أركان الهدى ...)