سيمائيــــة الالوان في القران-/ كريم شلال
Sun, 20 May 2012 الساعة : 14:09

كتاب جديد للكاتب والباحث
بعد صدوركتابين للباحث ( كريم شلال ) ( متحف لبقايا شعر / دراسة في شعرية كمال سبتي ، وجنائن غريبة / دراسة ظاهرة الاغتراب عند الشاعر عقيل علي) يعود بدراسة مهمة وفي منحى اكثر اهمية تمحور حول دراسة سيمائية للالوان في القران الكريم حيث صدر كتابه بعد طول امل ومعاناة عسيرة قوامها ( سنتان ) بعد ان حاول بعض اصحاب الضمائر الخاوية طمث معالمه ومصادرة هوية مؤلفه لكن الله (جل شانه ) قد اركسهم وخاب فالهم ليخرج الى النور بطبعتين مختلفتين من داري نشر هما ( دار البصائر/ لبنان / ب 196 صفحة وبالحجم المتوسط ، ودار المتقين / لبنان ايضا / ب 145 صفحة بالحجم الكبير، وقسم الى ثلاثة فصول : الفصل الاول تضمن الالوان والقران ، والفصل الثاني تضمن الالوان والحياة ، اما فصله الثالث فتضمن الالوان وعلاقتها بالادب وفق المنظور القراني ، ليكون اضافة مباركة للدراسات القرانية الكريمة التي تختص بجانب اخرمن الدراسات الحديثة التي تعنى بالدراسات السميائية ، والتي حاولت فتح نافذة على فحوى" الالوان " واهميتها في حياة الكائنات الحية وبالذات الانسان وقبل الاجابة عن ماهية اللون لابد من الاشارة الى فضل الله تعالى في ذلك وفي غيره من النعم ، ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ )(ابراهيم/34 )، فمن معاجزه "جل جلاله" ، أن كلمة "اللون" وردت في القرآن الكريم "تسع مرات" ، وقد يهدف ذكرها الى تحديد ماهية اللون كما في: قوله (قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ) (البقرة / 69) ، فيما يرد "اللون" في مواضع اخرى مقترنا بكلمة "الاختلاف" كما في قوله تعالى : (وَمِنَ آيَتِهِ خَلقُ السَّمَواتِ والأرْضِ واختِلافُ ألسِنَتِكُم وأَلْوَانِكُم’إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ للعالِمِينَ)(الروم / 22) ، دالا على القدرة المطلقة لله "عز وجل "، وفي موضع اخر يرد "اللون" كدال لغوي ورمزي لشد ذهن الانسان الى التفكير والتدبر والتبصرببدائع خلق الله في كونه الفسيح كقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأوْلِي الأَلْبَابِ ) (الزمر / 21)، والالوان "الستة" التي وردت في القران (الأخضر والأصفر والأبيض والأسود والأحمر والأزرق) جاءت بصورة مباشرة ، اوقد تاتي "الالوان" بكلمات تدل عليها كما في : ( الليل والنهار والنور والظلام) وغيرها كما ورد في ص 10 ، ان الولوج الى هذا السفر من خلال نافذة "الالوان" معتمدين بذلك على ما لدينا من ثروة علمية وادبية كبيرة وعظيمة مخزونة في ثناياه، وايضا على بعض أسراره وجوانبه من خلال ما اودعه الله تعالى فيه واشار اليه باشارات عابرة تحتاج الى الروية والتاني لأولي الألباب والبصائر حيث ترد هذه الاشارات في غير موضع ، فاذا جمعت لكانت كافية لان تفي بالغرض، وتوضح كل الخفايا والاسرارفي هذا العلم الذي بدأت كثير من جوانبه تتشكل وتتبلور في عصرنا ، ويبق الكتاب جدير بالمتابعة من قبل المهتمين بالدراسات القرانية الكريمة خصوصا تضمنه لجرد خاص بجداول عن الالوان وورودها في كتاب الله الكريم وجدول بكل لون بوروده في السور المباركة ، كذلك يذهب الى علاقة الالوان بحياة الانسان ص110/ وبالطب ايضا ص134، واسباب استخدام بعض الالوان دون سواها ، وعلاقة ذلك بعادات وفولكلور الشعوب حتى قال أحد علماء النفس وهو أردتشام : أنّ اللون يؤثر في اقدامنا و احجامنا ويشعر بالحرارة أو البرودة، وبالسرور أو الكآبة، بل يؤثر في شخصية الرجل وفي نظرته إلى الحياة ، وكل ذلك يعود الى ربطه بالاستخدام القراني للالوان ، وعلاقة الالوان بالادب واثره على الصورة الشعرية ص163 وغيرها من الامور المهمة التي تذهب الى أن القران الكريم يتسم بصفة الإعجاز من عدة جهات يحتاج البحث فيها بتفصيل إلى مجال واسع وطرح متأني للحيلولة دون اغفال بعض منه ،ويبقى البحث حول علم السيمياء لبي حديث عهد بل هو ضارب في عمق التراث العربي، اذ أن القدامى قد تفطنوا في وقت مبكر إلى قيمة العلامة ، من حيث هي حقيقة حسية تعود وتحيل إلى حقيقة مجردة غائبة ، وكانت دراستهم التطبيقية تتمركز حول الدراسات القرآنية ، فالقرآن هو الموجه والباعث الحقيقي للدرس السيميائي ، ولعلنا نكون في النهاية قد لفتنا أنظار الدارسين إلى أهمية علم السيمياء فيما يمكن أن يفتح لنا من مداخل، تمكننا من إعادة قراءة التراث بكل جوانبه ومناحيه قراءة جديدة، فنعيد اكتشاف ذاتنا الثقافية والحضارية من خلاله ، والله الموفق .


