قطر..حكم الصبيان ووهن الكبار- سمير القريشي

Wed, 16 May 2012 الساعة : 18:38

كثير ما سمعت وأنا في عمر الصبا أن زمنا سيأتي على العالم يكون فيه حكم العباد ومقاليد البلاد بيد ( الصبيان ).. حينها لم أكن بمستوى يستوعب بفهم ووعي مفردات هذه المقولة الكبيرة ,لكنها استقرت في أعماق ذاكرتي إلى درجة إني اعتدت على ترقب حلول الزمن الحكم الصبياني ..وعندما اكتملت في عقلي معاني ومفردات هذه المقولة أخذت أطبق ما جاء فيها على صبيان البعث البائد( الرفاق ) واعتقدت بأني اقتربت من الكون في زمن الصبيان وزادت قناعاتي إصرارا حين لم يدع عدي صدام .المقبور ابن المقبور موبقه وجريرة آلا ارتكبها بحق أبناء الشعب العراقي ..
وبعد احتلال العراق في نيسان 2003 وسقوط حكم الصبيان الأول.. قلت في نفسي. الحمد لله تعالى لقد تجاوزت مثلما تجاوز العراق والعالم فترة حكم الصبيان وبالتالي فإننا مقبلين على حكم الرجال الكبار.. لكن سرعان ما تلاشت فرحة زوال حكم الصبيان بعد أن عم العراق طيف وتيار كبير من أحزاب سياسية طغت عليها صفات الصبية, ولم تعد تقتصر على إفراد كما كان في عهد النظام ألبعثي بقدر ما تحول حكم الصبيان على ظاهرة طافحة في تاريخ العراق السياسي الجديد ..وبطبيعة الحال عندما تهيمن على الواقع الظواهر الصبيانية فان كل شيء مهما كان من الأهمية والقداسة أو الوطنية والجماهيرية يتحول إلى لعبه لا أكثر ولا اقل ..وهذا ما يحدث في العراق الديمقراطي الجديد ...ومع ذلك كنا والى الآن مضطرين على التعايش مع الواقع الصبياني الجديد كواقع حال لا بد منه ولان الظاهرة الصبيانية العراقية اكبر من تحدي حكماء وعقلاء القوم مهما أتوا من قوة وبصيرة وإدراك ..
لكن لم أكن لأتوقع يوما ما أن حكم الصبيان سيتحول إلى ظاهرة عالمية ..إلى نظام عالمي جديد لان الكبار وهنوا وضعفوا وأمسوا من البؤس أن جعلوا دولة لا ترسم على الخارطة تتحكم بمصير منطقة تعد الأكثر أهمية من بين مناطق العالم ..أنها دولية قطر فهي اليوم تتصدى لتغير معالم وملامح الشرق الأوسط الجديد بعد أن عجزت الولايات المتحدة عن تغيره ..
قد يقول من يريد القول أن قطر ما هي آلا واجهة تختفي خلفها الدول الغربية وإسرائيل وتركيا وهي بهذا الوجه لا تملك أي قوة سوى تصديرها للغاز الطبيعي وقناة الجزيرة التحريضية.
وأقول نعم هذا المنطق صائبا وقطر وأميرها ورئيس وزرائها وأميرتها موزه التي أجرت مؤخرا عمليه تجميل كلفتها ثلاثة ملايين دولار يعلمون ذلك ويعلمون في ذات الوقت أن قطر لا تملك أي مقوم تاريخي وسياسي وجغرافي يضعها في موقع التأثير الإقليمي فضلا عن الدولي ..ومن هنا يأتي السؤال المهم ما الذي وجد الغرب وإسرائيل وتركيا في قطر حتى يمنحوها هذا الدور المحوري في عجلة (الربيع) العربي أو ما عاد يعرف بالربيع السلفي ؟؟
والجواب أن الكبار لم يعودوا مع ما يتمتعون به من قوة سياسية وعسكرية ولا أقول اقتصادية قادرون على المواجهة المباشرة ..لأنها ستفقدهم مكانتهم بين شعوبهم التي أنهكتها التدخلات الخارجية ...وهذا هو سر تحول دولية قطر إلى إمبراطورية القرن الواحد والعشرون العظمى ( طبعا إمبراطورية من ورق) أسكتتها محاولة انقلاب واحده كادت تقضي على أميرها النائم..
وبعد. اعتقد أن ظاهرة حكم الصبيان لم تعد ظاهرة شخصية بقدر ما هي ظاهرة اجتماعية وسياسية أو ظاهرة إقليمية ودولية فضلا عن شيوعها بشكل كبير في العراق الجديد على وجه التحديد.. وإذا اتفقنا على أنها بهذا الانتشار فلا نتوقع بأكثر من سلسلة لا تنتهي من الأعيب الصبيانية التي تقلب الأمور رأس على عقب في العراق والشرق الأوسط وفي العالم أيضا ..
وليعود التساؤل الأول الذي لازمني كثيرا منذ صباي وانأ اليوم كهل كبير متى ينتهي حكم الصبيان ؟؟؟
سمير القريشي
 

Share |