الريل وحمد وثالثهما محسن - رزاق الخفاجي
Tue, 15 May 2012 الساعة : 9:33

ارخى الليل سدوله في ليلة جن فيها جنون الحر في البصرة الفيحاء , حيث تجرد( محسن) من ملابسه , الا الداخلية منها, كوسيلة للصمود امام هذه الموجة القاسية التي اجتاحت البلد , كان يجوب سطح منزله القديم الذي يقع في منطقة ( الكزيزة) والذي عفى عليه الزمن يمسك (بمهفة الخوص) يدورها بيده فتحرك الهواء الساكن حول وجهه , تبعثرت اجساد اطفاله الثلاثة وامهم كيفما اتفق هنا وهناك , حتى مضى هزيع من الليل فالسكون يسود المكان الا من اصوات بعض السيارات المارة عبر الجسر المجاور (جسر الكزيزة) ,او نباح كلاب تتشاجر بسبب عظمة لحيوان مات منذ زمن , اوبسبب انثى تحوم حولها افئدة الذكور, كان يناقش الأمر مع زوجته الممتعضة هي الأخرى خاصة وان حصة المنطقة من الكهرباء رغم قصرها قد حجبت هذه الليلة , ومولدة البيت الصغيرة قد نفذ وقودها , لكن النقاش كان عقيما , وانهاه صوت الشيخ فاضل على السطح المجاور يبدد الصمت وهو يطلب من الله الرحمة , حيث علق محسن متمتما ( وكيف يرحمنا رب العزة ونحن لم نرحم بعضنا) ومضى الليل الا اقله , وتنفس الصبح وصدحت المآذن بذكر الله ,توضأ محسن وزوجه واديا الصلاة , ثمة نسمات ندية بدأت تزور المكان وتداعب الأجساد والوجوه بخفة كما تداعب يد الحسناء وجه حبيبها قشعريرة لذيذة اجتاحت اجسادهم الرطبة , لحظات حتى استسلموا لنوم عميق بعد ليلة ليلاء , صارعوا فيها اعتى الوان العذاب ... ربما راودتهم احلام جميلة , لكن الحلم لم يدم طويلا فقد اغتاله هدير اهتز له المكان وصفير متواصل دون انقطاع يدخل الى المسامع فيخدشها , نهض محسن مولولا وتعالت اصوات الأطفال بالبكاء , وصوت الزوجة يلعن القطار ومن اخترعه , جثى محسن على ركبتيه وخاطبه ( حتى انت يا ريل حمد ) ثم عاد واضطجع وهو يردد ( مرينه بيكم حمد واحنه بغطار الليل)