قراءة في كتاب أمالي السيد طالب الرفاعي 1/2 -مصطفى العمري
Mon, 14 May 2012 الساعة : 13:35

قبل أقل من شهرين أشرقت شمس المكتبة العربية بكتاب للأستاذ الدكتور رشيد الخيون و الذي أملاه عليه السيد آية الله الدكتور طالب الرفاعي اسم الكتاب ( أمالي السيد طالب الرفاعي )
يقع الكتاب في 415 صفحة و تتنوع مواضيعه و قضاياه وتتحول برودة الطرح أحيانا ً الى سخونة وربما الى حرائق تستدعي من الواعين التنبه الى ماض أحرقنا من أجله أعمارنا و أعمار أولادنا لكي يرتقي على أكتافنا أناس بسطاء جهلاء وسطحيون وهذه هي الماساة حينما أحرق نفسي لكي أضيئ الطريق الى شخص او مؤسسة عمياء لا يرون ألا انفسهم ومصالحهم الخاصة .
لقد صرح الرفاعي بتفاصيل ما كان لغيره ان يصرح بها لأنه كان واحدا ً من أولئك الديناميكين المتحركين في المؤسسة الدينية الشيعية واحد القلائل الذين أطلعوا على تفاصيل دقيقة من داخل تلك المؤسسة الكبيرة والمهابة ( الحوزة العلمية ) و لأنني أعرف السيد الرفاعي عن قرب يجب ان أنوه الى بعض النقاط المهمة في شخصيته . وهي انه يمتاز بذاكرة حادة حيث انه يستطيع ان يحدثك عن خمسين سنة و كأنه يحدثك عن تفاصيل الأمس او اليوم . فذاكرته والحمد لله طيعة تمكنه من إستجرار الماضي بأدق التفاصيل و مطالعته المتعددة تجعله ان يخوض في مناخات يصعب على أقرانه الخوض بها .
لا أريد الحديث هنا عن شخص السيد الرفاعي بقدر الحديث عن كتابه الذي حاول في بعض فصوله إخراج الغاطس في دهاليز الحوزة , فقام بتعريضه للشمس لعل الشمس تطهر ما أفسده المتملقون و المتلونون و المنتفعون . سأحاول تسليط الضوء على قبسات من ذلك الكتاب علني أسهم في نشر حركة الوعي المتجمد في شرايين الناس الواعين خوفا ً من أن تصيبهم فتاوى الطعن واللعن .
مرجعية السيد الحكيم , المرجع لا يتذكر فتواه :
الفتوى التي صدرت بتحريم الحزب الشيوعي من قبل السيد الحكيم تستدعي التوقف عندها وفحوى الفتوى أو قصة الفتوى أن هناك رجل بائع قماش , بزاز من أهالي النعمانية كان يقلد السيد الحكيم , فأراد الانتماء الى الحزب الشيوعي فذهب الى الحكيم لكي يستفتيه فافتاه الحكيم بالفتوى الشهيرة ( لا يجوز الانتماء للحزب الشيوعي ) كانت هذه الفتوى لشخص ولم تكن للعامة . بعد فترة اشتد الخلاف في النجف بين السيد جواد شبر و الشيوعيين فذهب شبر الى الحكيم ليستخلص منه فتوى ضد الشيوعيين . وهنا تكمن الطّامة فالحكيم قال ( أنا كتبت مثل هذه الفتوى ! ) ثم صاح على ولده هات دفتر الفتاوى فورّق الدفتر وقال الحكيم لجواد شبر هذه الفتوى التي تطلبها لكن نص الفتوى غير موجود , لكن الموجود هو اسم الرجل البزاز الذي اخذ الفتوى فأعطوه اسم الرجل وعنوانه في النعمانية ثم ذهب اليه شبر و أخذ الفتوى منه . ( أمالي السيد طالب الرفاعي ص 185 )
التساؤلات المطروحة على هذه القصة كثيرة لكن أهمها :
هل أن السيد الحكيم والمرجع الأوحد في ذلك الوقت نسي ما أفتى به الرجل البزاز ؟ لكي يفتي به شبر ؟ أم ان الحكيم أفتى ثم نسي ما أفتى به ؟ ألم يكن بمقدور الحكيم إستنباط نفس الفتوى التي أفتى بها البزاز ؟ . هل أن الحرام على أشخاص ربما يكون حلال على أخرين ؟
الفتوى الشيطانية :
أطلق السيد الرفاعي على الفتوى القائلة بتطبيق الشريعة بالشيوعيين ( اي قتلهم ) اطلق عليها الفتوى الشيطانية لأنها سياسية أكثر منها دينية و العلماء الذين افتوا هم الحكيم والخالصي والواعظ و استبعد الرفاعي ان يكون السيد الحكيم قد أفتى بمثل هذه الفتوى ولكن هذا الاستبعاد لم يكن مؤصلا ً أو موثقا ً لكنه نابع من حسن نية الرفاعي بالحكيم , لكن الدكتور رشيد الخيون علق في الهامش على قول الرفاعي وكتب : كان عبد الغني الراوي ( الذي نشر الفتوى ) قد قابلهم و أخذ منهم هذه الفتوى . (نفس المصدر ص 189 ) .
علاقة المراجع بين الله والمال :
يقول الرفاعي أخبرت مرة من المرات السيد مرتضى العسكري وهو احد وكلاء السيد الحكيم المبرّزين ومن ذوي الشأن عنده , عن حاجتي فانا ليس لي مصدر مادي وقلت له , ألاحظ أُناساً لا يقاسون بي أقل من درجتي كثيراً لكنهم أصحاب مكانة لدى السيد الحكيم . فقال لي ( العسكري ) سيد طالب لا تروح بعيد إن خمسمائة دينار عراقي تاتي بها الى المرجع من الحقوق , تصبح لك عنده منزلة !! كأن إهتدى بك مائة نفر ! . ( أمالي السيد طالب الرفاعي ص 271 )
هذا التصريح الذي أتى من أحد المقربين الى المرجع الحكيم لم يكن تصريحا ً خالياً من المضمون بل هو كل المضمون هل عندك خمسمائة دينار لكي تكون قريبا ً من المرجع وتملك عنده الحظ و الحظوة , و إلا فاذهب الى جهنم .
وللأسف الشديد أن هذه اللغة لازالت قائمة الى اليوم عند المراجع و حواشيهم فهم لا يلتفتون إلا الى الاغنياء و لا ينفقون إلا على الأقرباء فأحد المراجع في النجف الاشرف يتحكم به صهراه وهما يسكنان في أجمل القصور في بريطانيا ويركبون ويشربون ويدخرون ما ليس لجباههم عرق فيه ميزتهم انهم أصهار المرجع ولا أحد يستطيع أن يسألهم من أين لكم هذا ؟ . ولذلك نوه السيد الرفاعي الحريص على المرجعية بقوله ( هناك تساؤل ملح حول الحقوق الشرعية أين تصرف وما هي فائدة الشيعة منها , وتساؤل اخر مُلحٌ ايضا ً عن دور الأبناء و نفوذهم في المرجعيات وياتي بعده نفوذ الأصهار والمقربين و الحواشي .. كلها أسئلة بحاجة الى إجابات مقنعة ) ص 288