ما لنا لا نعطي للثورات فرصته- الدكتور جابر السعد - ذي قار

Sun, 13 May 2012 الساعة : 11:04

علق الكاتب الأمريكي توماس فريدمان على ما يحدث اليوم بمنطقة الشرق الأوسط وأشار إلى تعثر الربيع العربي، وضياع آمال المتفائلين بالانتقال نحو الديمقراطية والمستقبل الزاهر.
وقال فريدمان في مقال له في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: "إن بريق الصحوات العربية الإسلامية تلاشى أمام ما يوصف بأنياب الثورة المضادة التي تحاول وأد المستقبل وما يحمله من آمال".
وأنياب الاستبداد كما سماها ليبرمان هي في أعتقدانا عديدة واهمها ما يلي :
أولاً: الغرب الذي روج وما زال أن التغيير لا يأتي إلا من الخارج وقد حرص على خلق نموذج واضح على ذلك هو ما عمله في العراق , في إسقاط الولايات المتحدة لنظام صدام حسين . وقد أسقط في يد الغرب عندما حدثت ثورة تونس فقد انتبه دهاقنة السياسة الغربية ان المعادلة قد أصبحت ليس في صالح فرض شرق اوسط جديد او ديمقراطيات على غرار العراق . وبذلك صارت ثورة تونس المعادلة الصعبة . وصار لزاماً على الغرب متمثلاً بالاتحاد الاوربي ان ( يؤكد ) ان لا سبيل لإسقاط ألقذافي ونجاح (الثورة الثانية) الا بمساندة طائرات الأطلسي ,كذلك فان الاتحاد الأوربي او أوربا بأكملها قد أدركت ان 65% من مصدر الطاقة ( النفط ) الذي يذهب الى أوربا يمر في منطقة البحر المتوسط و (تونس وليبيا ومصر ) مفاتيح هذا البحر المهم .

ثانياً : بقايا الأنظمة السابقة المندحرة , والتي تحاول ان تمد اذرعها الباقية لتخطف بريق الثورات وتبرهن على ان الشباب والإسلاميين ليسو ممن يقوم بثورات ويقود مجتمع , ويحاولون مرة وضع العصي في عجلة الحكومات المشكلة , ومرة يقدمون مرشحين مخضرمين ذوو بريق لافت , واخرى يثيرون قبيلة ضد اخرى ليثبتوا ان الديمقراطيات لا تشفي جراح الوطن وان الربيع العربي لا يجلب وراءه الا صيف عاصف !!.

ثالثاً: وعي وثقافة المجتمعات التي الى ألان لم تريد ان تدرك ان العالم في تغيير مستمر وان الحضارات قد بدءت بشعلة وقبس صغير وجهود ناس تمردوا على الاستبداد ابتداءاً من ثورة سبارتاكوس الى الانقلاب على الكنيسة الى مارتن لوثر كنغ الى ...
والى الان لاتريد بعض المجتمعات ان تدرك ان هناك تداول ( سلمي ) للسلطة وما يستثنى من ذلك السياسيين لانهم نتاج تلك المجتمعات , بل يمكن ان يكونوا اكثر الناس ايمانا بان الاحقية السلطوية عندما يصلون اليها لا ينبغي ان ينازعهم عليها احد وانها هبة من الله اليهم و تكليف سماوي وان الاخرين لا يستحقونها لان من يجلس على كرسي الحكم من صغار الموظفين الى كبارهم هم ( النخبة ) والاخرين رعاع وحسب اعتقادهم !!.
بالاضافة الى ما تقدم فان معظم المجتمعات العربية ليس فيها منظومات مؤسساتية تهتم بالديمقراطية ولا فيها تقاليد ولا نماذج تسهل على الناس فهم الاتي من تغيير .

واخطر مرحلة في عمر الشعوب والثورات هي (المرحلة الانتقالية ), صراعات وتصفيات وعدم ثقة وقد تمتد تلك المرحلة الى اطول مما يجب ان يكون . ولنا في الثورة الفرنسية اسوة أنتقالية فهي الثورة التي صفت مفكريها وأكلت ابنائها الاوائل حتى وصلت الى ما وصلت اليه واعتبرها المفكرون والسياسيون والفلاسفة من أعظم ثورات البشرية على اهوال الاستبداد قاطبة .
فهل لنا نحن العرب المسلمون ( المستعجلون دوما ) ان نعطي الفرصة للثورات وان لا نساعد (الانياب ) في تمزيقها . ثم نردد بين بعضنا ان لا نفع من الثوريين و لا من ثوراتهم !. وبهذا نضيع اعمار شعوبنا ونرتمي في حضن الغرب ثانية , وحتى نستيقظ مرة اخرى . . . . عيش يا حــ . . . حتى يأتيك الربيع .

ذي قار – العراق
dr.jss57@yahoo. com
 

Share |