كل الحلول ديمقراطية , لكنها لا تؤدي الى روما !! ا- ابو تبارك الناصري-الناصرية

Sun, 13 May 2012 الساعة : 9:32

منذ تشكيل الحكومة العراقية بعد انتخابات 2010 والبلد تعصف فيه الازمات , واذا اردنا ان نكون اكثر دقة فالازمات لم تبداء مع بداية تشكيل الحكومة بل هي بداءت منذ اعلان نتائج الانتخابات ( اذا حصرنا الحديث عن ازمات الدورة البرلمانية الحالية ) وكانت اكبر ازمة هي ازمة تشكيل الحكومة التي تأخرت ما يقارب 9 اشهر بعد موعد الانتاخابات , ومنها انبثقت جميع الازمات الى يومنا هذا .
في خضم هذه الازمات والحراك السياسي الذي وصل حد التراشق بالتهم والتصريحات الاعلامية وقد يكون تعدهاه الى التراشق بالمفخخات والاصقات والكواتم .

في خضم ذلك طرحت عدة مبادرات لحل الازمات و قد يراها البعض مؤامرات , جميعها ديموقارطية ودستورية الى حد ما اذا تكلمنا عن خطوطها العامة وليس تفاصيلها , المشكلة جميع هذه المبادرات والحلول لا تؤدي الى روما , و لم تقدم للمواطن العراقي حلا لمشكلة خدمية او ما يتطلع له من العيش المرفه , بالرغم من كونها جميعها ديمقراطية ودستورية في اطرها العامة .
سأتطرق الى بعض هذه المبادرات والحلول المطروحة في الساحة لا على سبيل حصرها وسردها جميعا , فنحن يوميا نشهد مبادرة ومبادرة مضادة , وانما نتطرق لاهما واشهرها وما يراد له ان يترتب عليها .

اربيل الاولى :

بعد ان نشر نص الاتفاقية بالتفصيل وان لم تكن خافية اطرها العامة عن الشعب فقد عرضت في النقاشات والتصريحات و التراشقات الاعلامية للسادة السياسيين , و بنيت عليها وتشكلت بموجبها جميع الهياكل الرئاسية لمؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية , تم بموجبها اختيار رئيس برلمان ونوابه ورئيس جمهورية ولاحقا نوابه وتكليف رئيس وزراء وبالتالي منح الثقة لوزارته . جميع بنودها المختلف عليها ديمقراطية ودستورية في اطرها العامة
فمجلس السياسات لا يوجد ما يعارضه في الدستور العراقي
ولا يوجد ما يمنع تشكيل مثل هكذا مجلس , الخلاف هو في قانون هذا المجلس اذ لا يمكن لمؤسسة ان تعمل وتصبح دستورية من دون تشريع قانون , الخلاف حول تفاصيل مسودة القانون البعض يريد ان يمنحه صلاحيات تنفيذية او تشريعية او حتى قضائية اذ يقول بان له الحق في ان تمر عليه بعض المسائل القضائية والملفات الخطيرة يجب ان تمر من خلاله للقضاء ,
والطرف الاخر يرى عدم دستورية هذه الصلاحيات التي ستؤدي الى عدم دستورية المجلس بالكامل اذا ما انيطت به مثل هكذا مهام , فالمؤسسات التنفيذية والتشريعية منصوص عليها بالدستور ومبين مهامها التي يفترض ان تقوم عليها وفق مبدأ فصل السلطات
وملفات التوازن هي ايضا منصوص عليها في الدستور في بعض فقراته بان يكون تشكيل المؤسسات الامنية بما فيها الجيش والوظائف العليا بالدولة خاضعة لمبدأ توازن مكونات المجتمع , المشكلة في تفاصيل هذه التوازنات كل فريق سياسي يريد ان يكون هو الممثل الوحيد لمكون طائفي او قومي
( يريدونه توازن طائفي قومي سياسي ),
فالتحالف الكردستاني لا يرى في أي كردي يشغل منصب رفيع في الدولة يمثل المكون الكردي ما لم يكن من التحالف ,
والعراقية لا ترى في أي سني يتولى منصب قائد فرقة عسكرية يمثل المكون السني مثلا ما لم يكن من العراقية او ترشحه العراقية فقط ,
والتحالف الوطني لا يرى في أي وكيل وزارة شيعي يمثل المكون الشيعي ما لم يكن مرشح من قبل التحالف , وكل مكون سياسي او طائفي لديه فيتو على مرشح الطرف الاخر , بالتالي استمرت لا متناهية الترشيح والرفض بالفيتو من الاخر ,

مما اضطر رئيس الوزراء الى تعيين الوكلاء والكثير من المناصب والوظائف العالية في مؤسسات الدولة بالوكالة وحسب التوازن الطائفي و القومي الا سياسي , وجميع هذه المناصب كانت بالوكالة لان التعيين فيها بالأصالة يتطلب تصويت البرلمان على المرشحين وهذا ما فشل فيه البرلمان لحد الان بما في ذلك ملفي حقيبة الداخلية والدفاع
( الفشل هنا فشل البرلمان )

من ضمن بنود الاتفاقية هي رفع إجراءات هيئة المساءلة والعدالة عن اشخاص معينين ومذكورة اسمائهم في الاتفاقية , وتم هذا بعد ان أوجدوا له مخرج دستوري ضيق بان يكتب المستثنى تعهد بالبراءة من حزب البعث و ممارساته والترويج له وتم ذلك وبقدرة قادر أصبحت المسألة ديمقراطية ودستورية أيضا .

مبادرة اربيل الثانية :

جاءت ب 18 نقطة , حظر الاجتماع خمسة من القادة السياسيين احدهم امتنع عن التصويت وهو رئيس الجمهورية والآخرون وقعوا عليها وهم اياد علاوي ومسعود البرزاني و اسامة النجيفي ومقتدى الصدر .
جاءت تفاصيلها في البيان الذي القاه السيد مقتدى بعد الاجتماع ألتشاوري وفي الرسالة التي وجهها الى التحالف الوطني ,
جاء في محاور هذا الاجتماع نقطة عن تحسين الخدمات , ولا اعلم كيف اقحم ملف الخدمات في الصراع السياسي والازمة الحالية , فالصراع والازمة لم تكن من اجل الخدمات , ولم يتطرق بالمرة الى الخدمات لان مشاكل الخدمات الجميع يعلم ان حلها هو بتقديم الكتل مرشحين أكفاء ونزهاء للمناصب العليا بما فيها الوزارات وعن طريق دعم الحكومة وتقويم عملها لا عن طريق خلق الأزمات و وضع العصا في دواليبها ,
وجاء فيها ايضا كلام عن لزوم تطبيق اتفاقية اربيل الهلامية الاولى التي نعلم ان جميع الخلاف حولها هو حول تفاصيلها وهو من مهام البرلمان ان يشرع قوانين او يصادق على الترشيحات للمناصب العليا ( فمسألة فك شفرة طلسمها بما لا يتعارض مع الدستور هي بيد البرلمان ) فالمسألة عائدة للبرلمان وليس للحكومة .

ولا افهم كيف جاءت نقطة بمضمون ان اسرائل كيان غاصب , هل جاءت لأجل تبرئة كردستان من علاقاتها المشبوهة مع الكيان الصهيوني ؟؟ او هي إدانة لكردستان ؟؟!!

وكذا نقطة بمضمون ان النفط ثروة جميع الشعب , هل هي لتبرئة للإقليم من التهم الموجهة له بالتهريب ؟؟ او هي لإدانة عمليات التهريب من قبل الإقليم ؟؟!

ما بين هذا وذاك لم تتطرق احد النقاط الى ضرورة عقد الاجتماع الوطني الذي كان الحديث عنه بان تناقش فيه جميع المسائل العالقة وكانت ترفض عقده القائمة العراقية , فجاء من ضمن نقاط البيان للاجتماع ان تسحب الثقة من رئيس الوزراء خلال 15 يوم اذا لم ينفذ اتفاقية اربيل الاولى والثانية ؟؟!!

بالرغم من ان اتفاقية اربيل الاولى فيها شيء من الإلزام باعتبار ان اطراف الخلاف موقعه عليه , كانت اتفاقية اربيل الثانية بين اطراف هي أصلا غير مختلفة تريد ان تمرر مقرراتها بالفرض والتهديد على أطراف أخرى مختلفة معها
وتطرح الاجتماع التشاوري الخماسي بديل عن المؤتمر الوطني المزعم عقده لمناقشة جميع الخلافات بتفاصيلها بما لا يتعارض مع الدستور !!
اثر هذه المخاضات العسيرة لخلق شيء من الاستقرار السياسي , كان هناك فعل ورد فعل على جميع هذه المبادرات , يتلخص في ثلاثة حلول .

الاول :

حديث عن سحب الثقة عن رئيس الوزراء , باعتبار ان الحكومة تشكلت اثر اتفاقية اربيل الاولى , لكن وسحب الثقة لا يكون دستوري اذا لم يحصل استجواب لرئيس الوزراء ومن ثم طلب من رئيس الجمهورية يقدم الى مجلس النواب يوصي بسحب الثقة او طلب من 1\5 اعضاء مجلس النواب يوصي بسحب الثقة بعدها يصوت على سحب الثقة , وبالتالي تصبح الحكومة بكامل طاقمها مستقيلة , وتبقى تسير الأمور لحين تشكيل حكومة جديدة , فمن غير الدستوري او القانوني ان تسحب الثقة عن رئيس الوزراء فقط .
وان كان سحب الثقة باعتبار ان الحكومة تشكلت اثر اتفاقية اربيل ولم تنفذ الاتفاقية , على ذلك يترتب اعفاء رئيس الجمهورية ايضا ورئيس البرلمان , ويعاد انتخاب رئيس برلمان جديد ورئيس جمهورية جديد ايضا يكلف الأخير رئيس وزراء بتشكيل وزارة , لان جميع هذه المناصب وزعت وفق اتفاقية اربيل وتفاهماتها فمن غير المنطقي ان تغير احدها ولا تغير الأخرى .

الثاني :

حديث عن حديث عن حل الحكومة والبرلمان والصيرورة الى انتخابات مبكرة , ولكي يكون دستوري هذا الحل ينبغي ان يقدم طلب من ثلث اعضاء مجلس النواب لحل البرلمان او طلب يقدم من رئيس الوزراء بموافقة رئيس الجمهورية ومن ثم يصوت البرلمان على حل نفسه , ويدعوا رئيس الجمهورية الى انتخابات مبكرة بعد ذلك , وهنا نعود لمشكلة عدم التوافق على المفوضية الحالية للانتخابات , وكذا الخلافات حول قانون الانتخابات , فاما ان يشرع البرلمان قانون انتخاب جديد و يعين مفوضية جديدة وهاذ صعب جدا في ضل هكذا خلافات والبقاء على القانون السابق والمفوضية السابقة هو ايضا مشكلة لبعض الاطراف .

الثالث :

ان يصار الى تشكيل حكومة أغلبية سياسية , وهذا يتطلب اعادة النظر في التحالفات السياسية وبنائها بطريقة تمكن من ايجاد تحالف قوي داخل البرلمان يستطيع دعم الحكومة وتشريع القوانين التي تحتاجها الحكومة من اجل أداء عملها و تنفيذ برامجها و كتلة أخرى تلعب دور الرقيب على الحكومة , ويبدوا ان جميع الإطراف لا ترغب في لعب دور المعارضة البرلمانية , وهو الحل قد لا ينفع في القضاء على الازمة السياسية بل قد يزيد المشهد تعقيد , لكنه ينفع في فصل ملف اداء الحكومة لوظائفها بعيدا عن تجاذبات الازمات والصراعات وايجاد فريق حكومي متماسك و متآزر من اجل العمل على خدمة المواطن وتنفيذ البرنامج الحكومي بعيد عن الازمات السياسية .

او اذا لم يتم التوصل الى احد تلك الثلاثة حلول المطروحة فسيبقى الوضع على ماهو عليه وممكن ان يكون هذا طريق رابع

هذه المبادرات والمقترحات التي جميعها ديمقراطية ودستورية , لا توصل المواطن العراقي الى تطلعاته في عيش مرفه و واقع خدمي يلبي احتياجاته الانسانية , بالرغم من تعددها وتبايناه وتناقضها لا توصل المواطن الى روما العيش المرفه

فالى اين انتم ذاهبون يا قادة الكتل ...
واي الطرق تسلكون فجميعها لا تلبي طموحات المواطن البسيط في تحقيق عيش رغيد ؟؟!
 

Share |