جماليات القبح وسيمولوجيا الصورة في ضوء بلغة الضاد -عدنان عزيز دفار
Thu, 10 May 2012 الساعة : 11:45

لاشك إن الصورة عند عبد الرضا عناد ليست مقبرة للذكريات ،إنما إعادة إنتاج الواقع بنسق جمالي رائع، يحتاج إلى نظرة متفحصه ومدققة بالمعاني التي تلتصق بخلفية تلك الصورة كي تساعدها على ،اكتشاف القيم الدلالية والجمالية في ثنايا الصورة ، التي يتجسد فيها تجلي الخطاب المرئي بانعكاساته المتنوعة ، التي تحمل في خفاياها معاني أخرى تمتد في افقها البصري الى ، إشارات زمنية واجتماعية وسياسية وإنسانية . نتلمس فيها لغة التوثيق العالية لعثرت الزمن وانكسار الإنسان، ولكن بعدسة فنان يختزل الواقع بنظرة ثاقبة ، فيعطي بديل جمالي لقبح الزمن، الذي عسكر وحفرمزيد من الخنادق في يدي امرأة عجوزقد اسدل الزمن المتعب اثقاله على اكتافها فناءت به عن حمله ، ولايشفع لها ان هروب التزين بخاتم شذري .فسنين المرارات قد تخندقت وحفرت ماحفرت في وجهها لكنه سرعان مايبعث على إضاءة أمل يجعلها تتجسد في ذلك الخاتم ولولا الخاتم لزاد قبح على قبح .ومرة أخرى يقفز خطوة تتسع، الى قسوة التجرؤ على الطبيعة ،من نظام أباد الحرث والزرع والنسل . نجد عدسته تلتقط نخلة تقف وسط سهل، يئن العطش، ليقول لنا ان النخلة تموت واقفة مثل إنسانها الجنوبي،الذي يحرق في لفافة تبغه على قارعة الرصيف احزانه ولآلامه وتحديه لكنه مفعم بالحلم ، يشاطره استكان شاي ، ألف الغربة في وطن تجاوز على أبناءه كثيرا، ويمتد في اطر متعددة ذات مديات بصرية تحمل معاني متعددة بأفق مضيء. شباك متجذربحائط يشكو الحطام، ويستجير بزمن لايتقدم، يقف على أطراف واحات لم يتح له الدخول اوالتقدم أكثر، لذا نراه يعيد لنا نشر أبداع واقعه، رغم مرارات الحقيقة وقسوتها. والمرآة التي يعمل عليها عاكسة لواقع أراده أكثر ابتعادا عن حقيقته، صور اشخاص معلقة في المرآة ، التي أعطت أنعاكسمتماهي مع حياة رتييبه تعيد انتاج نفسها مرات عدة ، لأشخاص يجترون الأحاديث في المقهى، والحائط هروب أراده هو بعدسته التي كانت نسقا جماليا مرتفع عن مسطبة المقهى التي جسد فيها سمو الإنسان عن واقعه ومحاولة إيجاد طرق مختلفة للهروب ، ولايكتفي بالبحث عن الدهشة متنقل الى تداعيات جديده لمدلولاته التي تبحث في المألوف عن اللامألوف لذا نحتاج الى إعادة المشاهدة لما أماط اللثام عنه في لوحاته التي أحاطتنا بالدهشة والإبهار وقطعت شريط آخر لاحتفالية الضوء بلغة الضاد التي يسعى أليها بعدسة وثقت أدق حبيبات رمل الحياة بروح جديده بعيدة جدا عن كونها مجرد أنعاكس لواقع نألفه يوميا انما إعاد أنتاجه بلغة الجمال والإحساس المرهف وهنا يمكن ان نقف على عتبة إبداع " عناد" التي تُجمل لنا القبح بدلالات متنوعة تترك لنا حرية التأويل والتفسير كونها صور تحكي عن بعد آخر في ثناياها المتحركة في المعنى الذي لايجد بدا من الاصطفاف مع بيئته والإنسان و في النهاية هي قراءة متحمسة في المعاني المتضادة والوفاء لجذور الانتماء والحب الجنوبي العميق .

