في حضرة الشهداء-ابو هدى الشطري
Thu, 10 May 2012 الساعة : 11:36

الشهداء روح الامة المتوقدة عطاءاً وكرامة .. ورمز كبرياءها الرافضُ اي شكل من اشكال الخنوع .. هم تاريخها المعبر عن سر عظمتها .. نستذكرهم ونقف في حضرتهم وقفة المتأدبين والمقصرين .. لأننا لم نكن مثلهم .. لا في صدقهم .. ولا في عزيمتهم .. ولا في صبرهم .. ولا في مستوى وعيهم لقضيتهم .. ايها الراحلون الى علياء خلودكم .. المتوضئون بدماء نحوركم .. الراكبون من الامور اصعبها .. الباذلون من الارواح اغلاها .. ايها المهاجرون الى الله تعالى .. المعرضون باختياركم عن وميض السراب .. الراكبون جياد الليل .. الرافضون عبر آلام الجراح ..النازفون عقيدة وعزيمة .. وبأيديكم بيارق مكتوب عليها.. كفى بك ذلاً ان تعيش وترغما ..
يامن شددتم احزمة الموت وعقدتم العزم على السفر الطويل .. يا من تركتم دياركم واحبتكم وصرختم بوجه سلالة المنحرفين ..
يحدث بعضكم بعضاً عن الصديقين والشهداء والصالحين ..
فعبرتم خنادق النار وكشفتم صدوركم كي لا يلحق بنا وبكم العار .. وتشابكت ايديكم وتوحدت عزائمكم في زمن عز فيه النصير وجف فيه الضمير .. يا من نذرتم للحق دماءكم ... واهديتم في طريق الحسين ارواحكم .. وتبايعتم مع الله سراً وجهراً .. وارتضيتم ان تظل دياركم ثكلى .. وايقنتم ان الدنيا مزرعة الآخرة وان لكل زارع ما زرع .. فتعاهدتم على الرحيل .. ولسان حالكم يقول :-
وما هذه الارواح الا ودائع ********** ولا بد يوماً ان ترد الودائع
واذا اردنا ان نتعلم منهم .. فلا حدود لدروسهم ولا نهاية لزمن عطائهم ...
فهم رواد مدرسة المقاومين لا مدرسة المقاولين .. مدرسة من كتبوا بالدم بسملة صلاتهم.. مدرسة من صرخوا في وجوه الضباع ..الحق في عزمنا متين .. لانشترى نحن ولانباع .. مدرسة من هجروا الاحبة والديار .. وانسوا الغربة والزنازين وقصب الاهوار.. مدرسة الموت الجماعي المقدس .. هنا حيث دقت المسامير في رؤوس اخواننا.. هنا احرقت مضائفنا .. هنا جففت الانهار وحوصرت الاهوار فمات الزرع وهلك الضرع .. وصوت الحسين يصك اسماع الملكوت .. هيهات منا الذلة .. هنا مدرسة مدينتي التي علمت كل الدنا ابجدية المعرفة .. مدينة مالبست الاوشاح الكبرياء رغم ازمنة البؤس وستراتيجيات الاعزاء.. مدينتي مدرستي .. قد كتبت تاريخها بدماء ابناءها .. فتجاوزت سنين المحنة والترويع .. وعبرت كل سياسات الابادة والتجويع .. عبرتها بدموع اليتامى واحزان الارامل والثكالى
باجساد طاهرة مكسرة العظام .. ممزقة الاوصال.. بارواح زكية ازهقها الظالمون صبراً وقهرا..
هنا دوحة الشهداء الذين اعاروا جماجمهم لله ووقفوا بوجه بلدوزر الحقد الطائفي البعثي فقضوا ماعليهم وبقي ما علينا ..
الشهداء هم كل ذلك واكثر .. ولولاهم لظل الطواغيت يتربعون على اشلاء شعوبهم ولبقي المنحرفون يلوحون بسيوفهم ويتغنون بخيانتهم ويفتخرون بعمالتهم ..
من هنا تحتفي الامم بشهداءها وتسجل مآثرهم .. وتؤبن ذكراهم .. إيماناً انها تنهض بارادتهم وتستنشق صدقهم وترتوي من ثباتهم ..
وواجب علينا ان نستذكر ونؤبن شهداءنا ليسمع هــــذا الجيل عن اولئك العظام البررة مالم يكن يعلم .. وليدرك جليل عطاءهم وقوة بأسهم وعمق ولاءهم وهم يواجهون آلة القمع الصدامي وادوات الرعب البعثي وكل اساليب البطش وصور الانتقام التي عجت بها دهاليز الموت في مديريات الامن ودوائر المخابرات ..
اليوم نستذكر كل شهداءنا الذين اذيبت اجسادهم في احواض التيزاب والذين ثرمت لحومهم وطحنت عظامهم وسملت عيونهم ومثـّل المنحرفون باجسادهم ..
اليوم نستذكر من اكلتهم التماسيح البرية والكلاب الوحشية في شُعب الاجرام البربري والبعثي لا لشيء فعلوه الا ان يقولوا ربنا الله ..
يجب ان نستذكرهم ليدرك الجميع وجوب الاقتداء بمنهجهم والسير على طريقتهم فهم صمام الامان لخلاصنا وسبيل النجاة مـــــــــما يخطط لنــــــــا ويحاك ضدنا فــــــي محور الشــــــر الثـــــــــلاثي (( تركيا العثمانية والسعودية الوهابية وقطر الاسرائيلية )) ..
يجب ان نهتدي بهديهم كي لا نلدغ مرة اخرى .. وحتى تعي الامة واجباتها وتحاسب المتاجرين بمعاناتها من الباحثين عن المجد الشخصي والمستعدين للمساومة وبيع الشرف والكرامة في المزادات السرية والعلنية من اجل كرسي متحرك هنا او منصب زائل هناك ..
يجب ان نستذكرهم ونقلب صفحات حياتهم علـّنا نتعلم شيئاً من كرم اخلاقهم وبعضاً من طهارة سيرتهم ونُبلِ سلوكهم في زمن جفت فيه منابع التقوى وانحسرت فيه شطآن الكرامة .. ونامت عيون النواطير وابتلع المحدثون السنتهم .. فغرق اكثر شبابنا في اعماق فلسفة الضياع .. وغدا كل شيء في حياتهم سلعة تـُشتري وتُباع ..
يجب ان نستذكرهم كي لا يعود اطفالنا المساكين كما كانوا قبل مائة من السنين لا ينامون الا ان تقص عليهم جدتنا حكاية من حكايات " السعلوة والطنطل" .