سفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراق

Thu, 10 May 2012 الساعة : 7:46

بين الجبايش وفينيسيا ثمة تشابه في البيئة المائية ومميزات الأراضي الرطبة والرغبة في المزاوجة بين خبرات وأمكانيات مدينة لا زالت تتطلع الى دور يلائمها وأخرى أنطلقت منذ سنوات طويلة وبمسار صحيح نحو المكانة التي تليق بها كمدينة سياحية جميلة.ولا عجب حين أحتضنت فينيسيا مؤتمرا دولياً لأنعاش الأهوار العراقية عام 2004 ،شاركت به دول ومنظمات أممية وشخصيات عالمية،لكن ما تلا ذلك يؤشر لضعف المتابعة من قبل الجهات ذات العلاقة حينها.
واليوم تصبح أهوار جنوب العراق ومدينة الجبايش تحديداً في دائرة أهتمام السفير الهولندي في بغداد،ما هي الوشائج التي تربط مدينتين كأمستردام والجبايش مع بعضهما؟!!
أمستردام وحلم الأهواريين
أمستردام، عاصمة هولندا وأكبر مدنها. أسست في القرن الثالث عشر الميلادي كقرية صغيرة لصيد الأسماك على ضفاف نهر الأمستل.أما الآن فهي تعتبر المركز التجاري والثقافي للبلاد ونقطة انطلاق رئيسية إلى أمريكا وباقي القارات. تشتهر بكثرة قنواتها المائية. يبلغ عدد سكانها حوالي 750,000 نسمة.
يعود تاريخ بناء أول مستوطنة بشرية في ذا هييج إلى حوالي العام 1270. ساهمت الدولة الهولندية في تنمية المدينة، حيث منحت في نهاية القرن الثالث عشر اعفاءا ضريبيا لتمكينها من النهوض تجاريا وتم إيصال قنواتها ببحر الشمال في نفس القرن. منحت "صفة مدينة" حوالي عام 1300 وأصبحت 1317 جزءا رسميا من هولندا. نمت المدينة في القرنين الرابع والخامس عشر وأصبحت مركزا تجاريا مهما في شمال أوروبا
توفر السياحة مورداً اقتصادياً مهماً للمدينة حيث يزورها الملايين سنوياً من كل أنحاء العالم،وسيلة  المواصلات الأكثر شيوعاً في المدينة هي الدراجة الهوائية، كما هو الحال في كل هولندا. هناك شبكة طرق تنتشر في كل أمستردام خاصة بالدراجات الى جانب الشوارع و القنوات المائية. وهي شبكة قنوات مائية تخترق المدينة من كل جانب وتصلها في النهاية ببحر الشمال. أنها مدينة المياة والجسور ،الأراضي الرطبة والزهور.مدينة تعبق بزهو التاريخ وروح المعاصرة.
لم تغفل هولندا بشكل عام وأمستردام بشكل خاص أن تحتضن اللاجئين العراقيين من سكنة أهوار جنوب العراق في تسعينات القرن الماضي ومنهم الكثير من أبناء الجبايش،أولئك الذين وجدوا فيها ملاذاً آمناً وروحا ودودة وطبيعة تبعث فيهم سحر الأهوار وبقايا ذكرياتها وخباياها ،هناك لنا أخوه ،رقيب جميل،حيدر حميد،سيد علي سيد حلو،علي لعيبي جابر،مصطفى ناقد...وكثيرون يطلون على حاراتها وحدائقها وأسواقها بدفئ أنفاس الجبايش وحميمية المشاعر.
 
الجبايش وبعض تفاصيلها
للذين يعرفونها عن قرب،والذين ترعرعوا فيها قبل سبعينات القرن الماضي،مدينة ولا كل المدن .جزر ثابتة واخرى طافية تربو على 1600 جزيرة تربتها من الأسل والقصب والبردي يتخلله طين القيعان المنقول بأيدي الضفادع البشرية العارية من اجهزة الغوص والأوكسجين.
لاتعرف السيارة ولا الطرق الخارجية، وسائط النقل الوحيدة هي (المشاحيف،والبلام)،والزوارق البخارية المعروفة بالكلون والجي أم.
حدائق غناء تحاذي صدر الفرات،وشواطئ تعبق بأريج زنابق الماء.هواء نقي ينساب دون عوائق ومياه عذبة تورد السكان مباشرة دون حاجة لمحطات التحلية.طيور مهاجرة تلوذ ببيئة اهوارية دافئة فريدة في تنوعها الأحيائي هربا من أصقاع سبيريا وبرد أوربا .البط والحذاف والخضيري ودجاج الماء تجد متنفس للحياة في بحيرات وقنوات كثيرة
أسماك الكطان والبني تسبح جذلى مع حمى الفيضانات ودونها،لم تعرف المدينة الصيد الجائر بأستخدام المبيدات والصعق الكهربائي كما عرفته لاحقا .
سكان محليون قيل أنهم من اصل سومري موغل في القدم واعتبرهم آخرون ممن نزح الى العراق من نجد سيما وانهم أسديون حتى النخاع.طباعهم مجبوله على المودة وحب الطبيعة والعيش باحضانها.مدينة لاتتقاطع فيها الاديان أوالقوميات أو الأجناس.
هكذا تجد المدينة وأنت تزورها سائحاً أو موظفا حكوميا قادما اليها من بغداد أو راوة أو السليمانية ،ودودة،شغوفة
بالعيش المشترك.طافحة بالألوان باعثة للبهجة على الدوام.سر الماء جزء من كينونتها وسحرها  وطقوسها.لم تعرف المدينة صلاة الأستسقاء ولم يدخل في قاموسها مايدل على التصحر والجفاف.سلاحف،أسماك وضفادع تشارك طلبة المدارس صفهم الدراسي حين يجتاح الفيضان أبواب المدينة مهوسا بحرية الحركة.ياله من تجانس بيئي وتناغم حياتي ذهب والى الأبد.
القصب والبردي وسادة أطفالها مثلما هو أعلاف جواميسها وأبقارها ،غابات منه تشاكس الفضاء بأطرافها ،ممتدا الى مداخل البيوت ومضائفها.
قهوة الصباح المرة تدور في الفناجين مع اطلالة الصباح ورائحة خبز التنور الطيني يداعب الأنفاس بحنو.أكلة (المسموطة)
هويتها أسماك يابسة مطبوخة مع التوابل ونومي البصرة والبصل وكثير من الأملاح.
أنها مدينة الطبيعة في كل شيئ ،مدينة تغيرت صورتها كثيرا عبر عقود من الزمن لكنها حافظت على هويتها كمدينة أهوارية تحف بها المياة وتفتح ذراعيها للزائرين بكل مودة.
سفير هولندا كان هنا
في الخامس من آيار 2012 وفي ساعات الصباح الأولى تلقيت أتصال هاتفي بأن السيد برون رودنبيرخ السفير الهولندي في بغداد سيكون بضيافة منظمة طبيعة العراق ومدينة الجبايش بعد ساعات،ياله من خبر جميل،أعاد الى ذهني سنوات طفولتي حين كنت ألهو بتلذذ مع أقراني في الأبتدائية ونحن نشير الى أعداد السواح الذي يزدحم فيهم كورنيش الجبايش ونهر الفرات بالسفراء...وكنت أقص لأبي حكايتي معهم وتوددي لهم.
 ها هو السفير الهولندي بعد رحلة متعبة وطويلة من بغداد فالبصرة فالجبايش يطل علينا بقامته الفارعة الطول،كان الوقت مابعد منتصف النهار بساعة ،جو حار وأستقبال أكثر حرارة.
كانت قراءته عن أهوار جنوب العراق حافزاً لهذه الزيارة،أضافةً لسرد مواطنة هولندية تدعى يانتين لطبيعة الأهوار بعد أن مكثت فيها خمسة أيام وتجولت في قنواتها وبيوتها القصبية.
رافقه عدد من منتسبي منظمة طبيعة العراق وعدد آخر من المجلس البلدي في الجبايش في أربعة زوارق وتجول في الأهوار الوسطى عبر نهر أبو سوباط فالبركة البغدادية،أستمع لقصة الأهوار وتجفيفها،تطلع الى طموحات ساكنيها،أستهوته بيوت القصب وصيادي الأسماك،وتربية الجاموس.أستفسر عن الأغمار وطبيعة النظام الهيدروليكي،وأهم التحديات التي تواجه الأهوار في أعادة أنعاشها،وكان مستمع رائع لمحدثيه رغم حواجز اللغة.
جلس في مضيف المنظمة على حافة الفرات وشرب القهوة المرة،تلذذ بأكل السمك المسكوف وخبز التنور وكان تلقائيا بسيطاً دمث الروح.
حين غادرنا الخامسة مساءً قدمت له منظمة طبيعة العراق عدد من الصور الفوتوغرافية عن أهوار بلاد الرافدين ونموذج لزورق خشبي،وتمنى له الجميع سلامة العودة لبغداد الحبيبة.
لا يسعني ألا أن أتساءل هل ستفتح زيارة السفير الهولندي للجبايش وأهوارها الطريق لصناع القرار لكي يزوروها ويعملوا من أجلها تلك المدينة التي آوتهم وتحملت وزر ذلك بتجفيفها.أنه تساؤل أتمنى أن لا يكون ثقيلاً عليهم.
وأترك الصور التالية عن زيارة السفير الهولندي رودنبيرخ ، لهم ولقرائي الأعزاء تتحدث عن نفسها بكثير من الحبور.
 

سفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراقسفير هولندا في ضيافة أهوار جنوب العراق/جاسم الأسدي/مهندس أستشاري..منظمة طبيعة العراق
Share |