ناشنل جغرافك في أهوار جنوب العراق
Thu, 3 May 2012 الساعة : 15:54

جاسم الأسدي/مهندس أستشاري/منظمة طبيعة العراق
تعتبر مجلة ناشنل جغرافك من المجلات العالمية المتخصصة والواسعة الأنتشار والأكثر صلة بالتنوع الجغرافي والأنثربولوجي والأحيائي على السواء على وجه الكرة الأرضية وفي أعماق البحار والمحيطات والأراضي الرطبة عموماً.وهي الأخت الأكبر للفضائية التي تحمل الأسم نفسه،والتي نجد أنفسنا مشدودين أليها بكثير من الرغبة لحب المعرفة والهروب من دهاليز السياسة وأخبارها المتناقضة في هذه الفضائية او تلك.
سكان أهوار جنوب العراق
حفل تاريخ المجلة بالأهتمام بالبيئة العراقية منذ سنوات طويلة ،فقد أرخت وأستعرضت لسكان أهوار جنوب العراق بتحقيق مصور يحمل الأسم نفسه لكاتب أدب الرحلات الأنكليزي وليم ثيسغر وعدسة كافن ماكسويل ضمن عدد شباط لعام 1958 م .
وكان هذا التحقيق مصدر ألهام لكاتب ادب رحلات آخر أستهوته أهوار بلاد الرافدين فشد الرحال أليها من حيث كان يعمل في ميناء البصرة ،أنه كافن يانغ الشاب الأنكليزي الذي أبدع في وصف تفاصيل حياة عرب الأهوار وتقاليدهم وعاداتهم وثقافتهم وجذورهم السومرية،وتنقل بزورق صغير يسمى بالمشحوف وآخر يسمى بالطرادة في أهوار الوادية والصحين والصيكل في العمارة وأهور زجري في البصرة وأهوار الجبايش والحمار في الناصرية وحرر كتابه الرائع "العودة الى أهوار جنوب العراق" والذي عربه بلغة جميلة الصديق الدكتور حسن الجنابي ونشرته دار المدى.
وكان عدد شهر نيسان عام 1976 م من مجلة نشنال جغرافك حافلة بتحقيق لكافن يانغ يحمل عنواناً رئيسيا سماه "سكان المياة في عالم الصحراء"،يتضمن أنطباعاته وصور مدهشة بعدسة نيك ويلر ،أنه يغوص في شؤون عرب الأهوار ويؤرخ لحيوات كثيرة التفاصيل بروح أليفة ولا ينسى ان يعرج على أسماء وشخصيات تشكل عالما يمتزج فيها الخيال وروح الدعابة والثقافة المحلية المرتبطة ببيئة المياة.
أستذكارات أخرى
بعد عام 2003 وأعادت أغمار أهوار جنوب العراق أستذكرت مجلة ناشنل جغرافك تاريخ الأهوار الحافل بالتنوع الأحيائي والتجفيف المقيت الذي دمر الانسان والبيئة معا في تسعينات القرن الماضي،وتابعت في سلسة أخبارها في تشرين الأول عام 2010 كل ما جرى بمعرفة ودراية تنطوي على تقدير عالي لقيمة أهوار بلاد الرافدين .كتبت تقول مذكرة بما قاله تيموني فورسمان مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة :
"الخسارة المأساوية لأهوار بلاد الرافدين تبرز بأعتبارها واحدة من أعظم الكوارث البيئية في العالم،أن تجفيف الأهوار العراقية قد دمر موائل شتائية لأنواع كثيرة من الطيورالمائية المهاجرة من غرب سبيريا الى جنوب أفريقيا وأعداد تصل الى الملايين .كما تعطي مثالاً على طائر الدخلة هذا الطائر المحلي المعروف بغريد البصرة والذي تأثر كثيرا بسياسة التجفيف ،حيث رصدت أحدى محطات المراقبة في كينيا تضائل أعداده بعد تجفيف أهوار جنوب العراق.أن تأثير تجفيف الأهوار العراقية أمتد الى آلاف الأميال مابعد حدود البلد وألقى بظلاله على التنوع الأحيائي في أفريقيا وهدد حياة أكثر من 66 نوع من الطيور. ان النتائج المترتبة على الحرب والضغوط الأخرى على حياة الطيور في العراق تمتد إلى ما هو أبعد من حدود البلاد.أن أعادة أغمار أهوار جنوب العراق ليست بسيطة ولكنها واعدة وخاصة ما يتعلق بهور الحويزة والأهوار الوسطى وهور الحمار"
عودةً مرةً أخرى
أبتداءً منذ شباط عام 2012 كان بريدي الألكتروني يزخر برسائل تعريفية لعدد من العاملين في الناشنل جغرافك مكازين ،يطلبون مني أستعراض أمكانية منظمة طبيعة العراق وأمكانياتي الشخصية لمساعدتهم لوجستيا في المكوث في مناطق الأهوار وأجراء تحقيق مصور عنها بعد أعادة أغمارها من جديد وتسهيل مهمة الفريق وأرشاده الى أسهل السبل لأجراء اللقاءات والوقوف على التنوع الطبيعي والنظام الهيدروليكي.
أنها مهمة صحفية في غاية الأهمية،كان علي أن لا أبخل بأي جهد لأستقبالهم والحفاوة بهم ،وهذا ماكان ،وجهان صحفيان ودودان يصلان الجبايش تباعا هما كارولين دريك،و دونالد بيلت في 26 آذار و 3 نيسان 20012
تجولا طيلة ثلاثة أسابيع في ذي قار والبصرة وميسان،دخلا غابات القصب وصاحبا جامعي الحشائش في البركة البغدادية،أنحنوا أمام جمال الطبيعة ورصدوا شروق الشمس وغروبها في الأهوار الوسطى.قضوا ليلة جميلة مع مربي الجاموس في قرية ال بحر في أعماق هور الحمار دون حراسة ولا خوف فالبيت القصبي وساكنيه قد وفر لهم المأوى والطعام التقليدي ،أنهم أصبحوا جزءاً من عائلة طالب الأهوارية .حليب وجبن ضفائر وخبز التنور الحار فطورهم في باكورة صباح يبعث على الدهشة.زاروا سداد الفرات وناقشوا تاريخ التجفيف،ورصدوا نشاط الفنانين التشكيليين في الهواء الطلق تحت سماء الأهوار،ألتقطوا آلاف الصور لوجوه بشرية تحمل نكهة الماضي ولطيور جذلى ولصناعات فلكلورية ولقنوات تحف بها غابات القصب الكثيفة،أستمعوا لنساء ورجال بأهتمام ورصدوا نشاط الأهواريين بكثير من المودة.جلسوا في مضائف مختلفة وتلذذوا بشرب القهوة المرة ولم ينسوا هز الفنجان كما السكان المحليين.
أترك الصور التالية تتحدث المزيد عن جولتهم ،والتي ستثمر حتماً عن ريبورتاجات رائعة ،سيطالعها أكثر من خمسين مليون قارئ،أن صورالأهوار العراقية ستكون حتماً الأكثر أهمية بين محتويات عدد النشنال جغرافك مكازين القادم.















