ظاهرة التسول عند الأطفال- عقيل هاشم الزبيدي

Thu, 3 May 2012 الساعة : 12:37

التسول هي ظاهرة قديمة ومستمرة وهي تعتبر من اكثر الظواهر خطرا على المجتمعات فكيف اذا كانت هذه الظاهرة تمتد الى الاطفال الصغار دون سن البلوغ
ان استغلال الاطفال بسبب ظروف الفقر والعوز لاقحامهم في العمل بالتسول كحل لمشاكلهم المادية هو تصرف غير انساني وغير اخلاقي
ان حرمان الاطفال من حقوقهم بالتعليم والحياة الكريمة وادخالهم في عالم بعيد عن عالمهم كل البعد يجعلهم يفقدون حسهم الطفولي ويكتسبون عادات شاذة ويتعلمون تصرفات لا تنسجم مع طفولتهم البريئة اضطروا لتعلمها بسبب الاحتكاك اليومي بذاك المجتمع الذي لا يناسب اعمارهم ولا عقولهم التي لم تنضج بعد لتميز الصح من الخطأ والجيد من الرديئ مما يصدر لهذا المجتمع جيل شاب امي غير متعلم وعالة على هذا المجتمع لا ينتج الا الكثير من المشاكل الاجتماعية لاحقا من التحول الى الجريمة او الدخول في عالم المخدرات والانحرافات التي لا تنتهي
ان المستفيدين من تشغيل الاطفال بالتسول بستغلون الطرفين بطريقة غير انسانية فالطفل الصغير يدخل الى عالم مجنون لا يعرف الا المصالح والمنفعة ولا يفقه غير المادة وكيفية الحصول عليها بذلك تتحول تلك البراءة وتتشوه بما تكتسبه من الاحتكاك بهذا المجتمع
وبالمقابل يتم استغلال مشاعر الناس المتعاطفة مع الاطفال لكونهم يثيرون مشاعر الشفقة والاحسان مما يزيد من تلك الظاهرة وانتشارها
ان هذه الظاهرة بحاجة لجهود منظمة ولخطط من اجل القضاء عليها ولوعي من كل افراد المجتمع بمكافحتها ايضا وعدم الانسياق وراء العواطف واستثارة المشاعر لان التعاطف بمثل هذه الحالات يزيد من هذه المشكلة بدلا من تداركها
ان ظاهرة التسول هي ظاهرة غير حضارية وغير انسانية ويجب ان تتكاثف كل الجهود للحد منها ومعاقبة كل من ينظمها فالقانون يجب ان يكون صارما وخصوصا للاشخاص الذين يستغلون الاطفال بهذه الطريقة الغير انسانية
ان الاطفال مكانهم الطبيعي في بيوتهم ومدارسهم وعالمهم الجميل البريئ واحلامهم البسيطة الصغيرة وبين العابهم الطفولية وليس في الشارع مع المجرمين واللصوص يمدون ايدهم للحصول على المال الذي سيقضي على طفولتهم مستقبلا وسيكون هو النهاية لحياتهم الكريمة لاحقا وموتا اكيدا لكل طموح او مستقبل كان ممكن ان ينتظرهم يوما
وأنت تتجول في شوارع مدينتك ، حتما ستراهم هنا وهناك،سوف تجدهم في الساحات وعند المقاهي وفي محطات النقل وأمام دور السينما وكذلك في الأماكن المهجورة والخرابات.أطفال بوجوه شاحبة، غابت نظارتها،
وتراجع ألقها، وفقد فيها نزق الحياة وروعتها .عيونهم غائرة،وأجسامهم هزيلة،ونفوسهم مهيضة،هدها الضياع ،وأتعبها الجوع،لتموت في أعماقهم كل تلك المعاني والأماني الجميلة في الحلم بغد أفضل.
لقد أضحت أحلامهم موقوفة عن التنفيذ بعدما اقتلعهم القدر من أحضان أسرهم الدافئة، ليمج بهم في عوالم مجهولة المعالم، لتتحول حياتهم إلى جحيم يكتنفها الغموض ويطبعها اليأس.ويسمها الحرمان.
الكلام هنا عن أطفال الشوارع المشردين، الذين صارت أعدادهم تتزايد
عدد من المشكلات الاجتماعية التي ساهمت وساعدت على توسع ظاهرة أطفال الشوارع التي أصبحت ظاهرة عالمية فيما بعد .
التشرد كسمة من سمات أطفال الشوارع
يتفق الجميع على أن التشرد هو سمة من سمات أطفال الشوارع.
وفي مفهومه، هو بقاء الانسان في العراء لفترات طويلة ، والمبيت في أي مكان يختلف أحيانا تبعا للظروف , فالمتشرد انسان بلا مأوى، لا ينعم بالأمان في بيت له باب وسقف وجدران، إنه إنسان مهمش، لا ينظر للمستقبل بنفس نظرة الانسان السوي، فكل حياته هي اللحظة التي يعيشها ،ومنتهى أحلامه أن يمر يومه بدون مشكلات او اعتداءات، ولكن جراح ماضيه دائما تطارده وفي بعض الأحيان تدعوه للانحرافات بكل أنواعها.
وفي قراءة للتشرد ،فهي ظاهرة جاءت وتولدت من إفرازات التمدن الجديدة، والحضارة الحالية، فهو إذن جزء من ضريبة للمدنية الحديثة.وبه نصل إلى ان الحالة ظاهرة عالمية،إلا أنها استفحلت في بلدان العالم الثالث ووجدت لها أرضا خصبة في عالمنا العربي،نظرا لتباين وضعف البنيات الإقتصادية ،وارتفاع نسبة الفقر الذي خلق خللا في البنيات المجتمعية وأثر سلبا على لبنات الأسر ودفع إلى تفككها.
ومن الأسباب الأساسية أيضا التي أنتجت مشكلة التشرد هذه الحروب والصراعات الطائفية التي أزمت من الوضع والتي دفعت بالنزوح والفرار من هذه التطاحنات العرقية مما أدى إلى ارتفاع حالة التسكع والتشرد والتشردم.
وهكذا نلاحظ بأن ظاهرة التشرد التي تفرز بشكل مباشر أطفال الشوارع، أضحت مؤشرا خطيرا يؤثر سلبا على المردود الإجتماعي في البلدان التي تعاني من هذه الظاهرة، بحيث يتحول هؤلاء الأطفال أو الشباب إلى طاقة هدامة تؤثر على سلامة مجتمعاتهم إذا لم يتعامل معها المهتمون بنوع من المسؤولية والحكمة.لأن امتلاء المدن واكتضاضها بالمشردين يؤثر على مستويات الخدمة ويشكل ضغطا على كافة المجالات الأمنية والصحية وغيرها. وبالمقابل فإن هؤلاء المشردين سوف يلجأون إلى مجموعة من النشاطات الطفيلية كالمتاجرة بالاشياء الممنوعة ومن بينها تجارة المخدرات.
مظاهر العدوانية والعنف في بعض الأحيان نظرا لترسخ مبدأ البقاء للأقوى في أذهان المشردين.
تفشي سلوك الاستجداء والاستعطاف والإلحاح بشدة لتلبية طلبهم.
علامات واضحة للحقد على كل الناس ممن ينعمون بحياة سوية.
النزعة إلى الإجرام والانحراف كوسيلة للحصول على المال أو لإرهاب العامة كنوع من إظهار القوة.
الانفعال الشديد والغيرة والعناد والسلوكيات الغير معتادة كالمشاكسة ومحاولة التحرش بالآخرين.
بروز القدرة الفائقة على الكذب لكسب ود الآخرين وتعاطفهم.
اللجوء إلى تعاطي المخدرات بكافة أنواعها أو استنشاق مواد مخدرة وتناول مشروبات كحولية لهشاشة الحالة النفسية
الجنوح إلى الانحرافات الجنسية (الشذوذ) والاعتداءات الجنسية بين أفراد نفس الفئة.
أسباب الظاهرة
• مشاكل اجتماعية
إن عملية حصر الأسباب المؤدية إلى فرز ظاهرة التسول تحيلنا على العديد من المشاكل الإجتماعية والإقتصادية والسياسية التي تتداخل فيما بينها وتتقاطع لتشكل جملة من العوامل يصعب ذكرها كلها
هناك ولهذا سوف نقتصر على أهم هذه الأسباب والتي نعتبرها جد أساسية وهي:
الطلاق: إن الكثير من الباحثين يعتبر مشكل الطلاق من الأسباب الرئيسية لاستفحال هذه الظاهرة، معتبرين إنفصال الوالدين يعرض الأبناء للتشرد و الضياع، فالأب والأم يذهب كل منها فى إتجاه ويتركون هؤلاء الأطفال بلا عائل فيكون العائل الوحيد هو الشارع، والرصيف هو البيت، أو أى مكان مهجور، وتشير الدراسات أن النسبة الكبيرة من أطفال الشوارع لهم أب وأم شرعيين وليسوا لقطاء.
الفقر : من دون شك إن إنخفاض مستوى المعيشة،وتدنيه بسبب قلة الحاجة والفاقة تدفع الأسر بأبنائها للشارع للعمل أو للتسول ، وهنا يجد الطفل نفسه مرغوما إلى الخروج إلى الشارع وحيث أنه يلتقي باطفال مثله هناك ممن يملكون الخبرة في التشرد فهو سريعا ما يتشرب منهم الصنعة ويصبح واحدا منهم.
المشاكل الأسرية : الكل يتفق بأن نفسية الطفل عموما و طبيعته تتميز بالحساسية وهذه تكون من أهم الدوافع التي تجعله يغادر المنزل و يذهب إلى الشارع ويأتي هذا غالبا بسبب التوترالناتج بين الأبوين داخل البيت .
الانقطاع عن الدراسة : تبين من خلال متابعة أطفال الشوارع أن جلهم لم يكمل دراسته نتيجة عدم الرعاية الأسرية ونتيجة عدم المتابعة فى المنزل مما يجعل القسم مكانا غير مرغوب فيه ، وهذه الحالة تجعل الطفل يفر من المدرسة إلى الشارع.وهناك يربط صداقات مع أطفال مثله من المشردين وبعد فترة يصير منهم.
عدم وجود وعي لدى بعض الأسر وتدني المستوى الثقافي والقصور في التوجيه والتنشئة الأسرية والاجتماعية للأبناء مما يجعل الطفل غير محصن وعرضة للتشرد.
غياب المؤسسات الاجتماعية والثقافية التي يمكن أن تلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً في احتواء مظاهر القهر والعنف والاستغلال التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال والتي يمكن أن تتدخل في الوقت والساعة لاحتواء الموقف والحيلولة دون استفحاله .
عدم المتابعة من قِبَلْ الأسرة للرفاق وأصدقاء الابناء .لان هناك العديد من الأطفال الذين يذهبون ضحية لرفقاء السوء الذين يكونون في الغالب من اطفال الشوارع.
عدم وجود تواصل بين البيت والمدرسة، يحعل الطفل غير متابع ومراقب مما يعطيه الثقة في فعل أي شيء ومن بينها اللجوء إلى الشارع.
سوء المعاملة للطفل من آبائه ومربيه وتوبيخه باستمرار وتأنيبه يؤثر على نفسيته لأن الأطفال شديدوا الانفعال والحساسية فاذا جرحت كرامتهم، عمدوا الى التشرد تخلصا مما يلاقونه من مذلة وهوان.
حرمان الطفل في البيت من ضروريات الحياة وطيباتها من طعام وغيره يضطره الى الفرار واللجوء إلى الشارع عله يجد فيه مايشبع معدته بمختلف الوسائل ويرضي طلباته.
• مشاكل تربوية
التسرب المدرسي، وهو العامل الأساسي لعمالة الأطفال ويرجع سببه إلى تعرض الأطفال للمعاملة السيئة أو للعقاب البدني من المدرسين .
ضعف المناهج الدراسية التي لا تسعى لتنمية فكر الطفل وإبداعاته .
عدم توفير فرص عمل للخريجين مما ينعكس سلبا على الأسرة ويدفع إلى فقدان الثقة في الدور التكويني للمؤسسات التعليمية وهذا ينعكس على الأطفال ليبدأ العزوف عن التعليم .
تدني العائد الاقتصادي والاجتماعي من التعليم .
جهل الاسر بقيمة تعليم البنات وإجبارهن على ترك المدرسة لمساعدة أمهاتهن في الأعمال المنزلية
جفاف البرامج التربوية الهادفة وغياب الأنشطة والسياسات التي تساعد على الحلول .
غياب الأنشطة الترفيهية التي تكسب الطفل فضاء للتعبير عن مواهبه والتعبير عن ذاته وإثبات وجوده

الحروب وآثارها المدمرة وفقدان الاستقرار.

وجود الكثير من الثغرات القانونية وضعف المساءلة الجنائية سواء بالنسبة لأرباب العمل أو لأولياء الأمور الذين يدفعون أولادهم للعمل وترك المدرسة .
عدم متابعة ومراقبة تنفيذ الالتزامات التي فرضها القانون على أصحاب العمل الذين يلجأ ون إلى استخدام الأطفال لعمالة رخيصة لتدني أجورهم .
وهناك الكثير من القصص التي تحكي حياتهم:0

مصير مجهول . . ومستقبل قاتم ينتظر ابراهيم ورفاقه الذين اتخذوا من الإشارات الضوئية والشارع العام منزلا لهم و مكانا لمصدر رزقهم يمتهنون التسول المبطن المتستر في أشكال مختلفة فمنهم من يمسح زجاج السيارات وآخرون يستعطفون السائقين لإعطائهم بعض النقود فيما يحمل بعضهم بين يديه بعض السلع البسيطة مثل العلكة لبيعها. اذ يرى المراقب لواقع الإشارات الضوئية العشرات من الأطفال التي ألقت بهم الظروف مابين السيارات والإشارات فأضحوا عرضة لكل أنواع الأمراض الاجتماعية ومعرضين للاعتداءات البشرية ..نقابلهم فلا يثيرنا منظرهم وإذا استوقفنا احدهم نقابله بامتعاض ظاهر وعندما يطلب منا المساعدة او العون ننفر منه ونشيح بوجوهنا عنه دون شفقة او عطف الا من قلة قليلة أما البقية فيعتبر وقوفه معهم مضيعة للوقت وإزعاجا لا مبرر له أسئلة كثيرة ترددت في الذهن ونحن في طريقنا لمتابعة هذه الظاهرة المقللة .. ترى من المسؤول عن هؤلاء الأطفال ؟ وهل هم ضحايا فعلا ام محترفون ؟ ومن الذي دفع بهم إلى الشوارع الحاجة ام ان هناك من دفعهم للتشرد والقي بهم في طرق الضياع ؟
أطفال .. هائمون في الشوارع ويقول الطفل شاكر 7 سنوات الذي بدأ منهمكا بالعمل ويحمل في يده علبة علكة لبان من نوع بخس الثمن . إلى ان شاكر يصر على ان البطالة وعدم توافر فرص العمل هو ما دفعه للجوء لهذا العمل لتامين قوت يومه. وتابع ان الظروف الصعبة التي تمر بها أسرتي حيث ان والدي متوفى ولي ثلاثة أخوة يصغرونني بالعمر بالإضافة لوالدتي التي تعاني من الامراض هي التي رمت بي الى الشارع لأعمل أي شي حتى أستطيع تامين ولو جزء بسيط من العيش المحترم-- جلس احمد 10 سنوات على الرصيف حيث قال لنا انه وإخوته الأربعة يعملون في هذه المنطقة منذ أربع سنوات حيث أنهم يعيلون أسرة كبيرة مكونة من تسعة أفراد أكبرهم في الثانية عشرة ووالده متزوج على امة ويسكن في منطقة بعيدة عنا ولهذا اجبرنا على العمل لتحمل المسؤوليات المترتبة علينا. أما سعيد 13 سنة الذي بالرغم من صعوبة الحياة التي يعيشها الا ان الابتسامة لا تفارقه ؟
 

Share |