يبدو ان السعوديين لايجيدون فن الاخراج المسرحي للالاعيب المخابراتية ، فقبل فترة اقاموا الدنيا ولم يقعدوها حول خبر محاولة اغتيال السفير السعودي في امريكا ، ويوم امس ظهرت علينا آلة الاعلام السعودي بخبر مفاده اعتقال السلطات المصرية لخلية ايرانية تريد اغتيال السفير السعودي في القاهرة ، ولهذا السبب سحبت السعودية سفيرها في القاهرة ،او هكذا تريد السعودية ان توحي لنا ، وكأن ايران لا عمل لديها سوى التفكير باغتيال السفراء السعوديين الذين لا يهشون ولا ينشون ، بوصفهم علماء ذرة سيغيرون معادلة القوى لصالح ال سعود ، ولكن الله اراد ان يفضح تلك الالاعيب ، فهاهي السلطات المصرية اليوم تكذب هذا الخبر جملة وتفصيلا ، بقي علينا تحليل الاسباب التي من اجلها تخبط السعوديين حتى جعلتهم يستعجلون باخراج هذه المسرحية على عجل .
مما لا شك فيه ان مسرحية المحامي المصري المعتقل والمتهم بالمتاجرة بالمخدرات ، لم تنطلي على الشعب المصري ، ولهذا السبب رافق هذا الحدث ضجيج اعلامي واسع طالب فيه المصريون كشف الحقيقة ، وكان من تداعيات ذلك ان سحبت السعودية سفيرها من القاهرة ، ومن ثم اتهمت ايران بمحاولة اغتياله ، ولكن تبين للسعوديين ان هذا العمل اي سحب السفير سوف يضر بمصالحهم اكثر مما يتضرر المصريون ، وقد اوحى الاعلام السعودي بعكس هذه الحقيقة للراي العام المصري المغلوب على امره ، فقد سمعنا من ماكنة الاعلام السعودي انها اوقفت اعطاء تأشيرات الدخول للمصريين وانها تفكر جديا بالبحث عن بدائل للعمالة المصرية ،الامر الذي جعل بعض المصريين المتضررين ينادون بالاخوة السعودية المصرية ، وبضرورة حل الاشكال بالطرق السلمية ، حتى ولو وصل الامر الى التضحية بالمحامي المصري المتهم بحيازة والمتاجرة بالممنوعات زورا وبهتانا ، وربما اشتغل المال السعودي هنا ايضا ،واقصد في مسألة خروج مظاهرة لبعض المصريين يطالبون السفير السعودي بالرجوع الى مقر عمله في ام الدنيا ، ورب سائل يسأل فيقول ، كيف تقول ان السعودية سوف تتضرر اكثر من مصر بقضية سحب السفير من القاهرة ،حتى راحت تفكر بارجاعه باسرع وقت ، وجوابي عن هذا السؤال هو : ان السبب الحقيقي الذي من اجله سوف ترجع السعودية سفيرها الى القاهرة في اقرب وقت هو اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المصرية ، بعبارة اوضح ان ابتعاد السفير السعودي من القاهرة في هذه الايام بالتحديد يعني عدم حصول المرشح السلفي المصري على ما يمكنه من ربح الانتخابات ولو بالتزوير ، ومن ثم تذهب مئات الملايين التي صرفتها السعودية لانجاح مشروعها السلفي في مصر منذ نجاح الثورة المصرية سدى ، وهكذا فكرت السعودية باعادة سفيرها الى القاهرة باسرع وقت بهذه الطريقة ، والايحاء بانها لم تسحب السفير في ضوء المظاهرات المنددة بها ، بل انها سحبت سفيرها بسبب مؤامرة ايرانية تريد اغتيال ذلك السفير ، وهكذا ضربت السعودية عصفورين بحجر واحد ، ولكن الله ابى الا ان يكشف تلك اللعبة ، وتتضح مدى سذاجة المخرجين السعوديين .