حكايات فلاحية: مرثية إلى رفيقي الذي لم يمت بعد! -صالح حسين

Tue, 1 May 2012 الساعة : 11:06

ان قيادة حزبنا الشيوعي العراقي الحالية، تعمل على حتوتة ( إصبغ وجهك وصير حداد ) أو هي تشبه تماماً ، نوع من ( البطيخ الأصفر ) ويسمى  بالعامية ( عنجور  مبسمر ) وهذا النوع من البطيخ يصاب بمرض ( البسمار ) الذي يؤدي إلى تشوه تام في نموه، أي عدم زيادة حجمه، وبالتالي يصبح  لدينا ( نوعان – صنفان ) منه هما:
الأول:  هو صلب كالحجر الأسود، لايصلح للأكل إطلاقاً.
  الثاني: هو الذي يتحول تدريجياً إلى ذلك النوع ( الفاسد – التالف ) شكلا ومحتوى، وتنفح منه رائحة على عكس طيبة، مع الفارق بالوصف، ولكن هذه هي الحقيقة، والتي ترفضها هذه القيادة! والأكثر من ذلك فأنها دائماً تسوق نفسها في الواجهة ( رغم إنها في نظر الأغلبية الصامتة من الرفاق كأنهم من ( العنجور المبسمر ) طبعاً هذا الصمت، مدفوع له الثمن سلفاً! سواء كان ذلك من حكومة الأقليم ( أنصار البيشمركة ) ولغاية في نفس يعقوب، أم من القيادة نفسها التي أصبحت تملك رأسمال وشركات متعددة الجنسية!

أحد هذه البسامير البطيخية، هو مطالبتها لحكومة ( المالكي - قاسم عطا ) الترخيص والموافقة على قيادة مظاهرة تخص العمال في الأول من أيار لهذه السنة 2012، وتعتقد هذه القيادة جزافاً، أن مظاهراتها تحقق لها نوعاً من الحضور الذي فقدته تماماً في الشارع العراقي الذي أدار لها ظهره، أي ( طيـّز ) لها، أو كما يقال، ضربها (  بوري ) وأصبحت بنظر هذا الشارع ( عنجور مبسمر ) وإذا كانت فعلا تعتقد بالمظاهرات السلمية، لماذا لم تستجيب لطلبات معارضيها، مهما قل عددهم أو كثر، أو مهما طالت المسافة، بدلا من ساحة عقبة بن نافع إلى ساحة التحرير، بدءاً من  الدول الأوربية مروراً بعموم محافظات العراق  وأنتهاء بمقر اللجنة المركزية في ساحة الأندلس - بغداد!  

وحسب متابعاتي الخاصة ومعلوماتي المتواضعة عن تاريخ حزبنا الشيوعي العراقي، فإنه كان دائماً وفي كل الظروف والمراحل، منقسما على نفسه، أو كان على قسمين، منذ العهد الملكي مروراً بفترات العهد الجمهوري، وأنتهاءاً بحكومات الأحتلال الأمريكي، وبما يعني أختلف الشيوعيين على ( نوري السعيد) ونظامه الملكي، وكذلك على (عبد الكريم قاسم ) وجمهوريته، و( صدام حسين ) ودكتاتوريته، وأخيراً أنتهوا بخلافات أكثرها حدة وأشدها خطراً مثل الحصار ثم الغزو والأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003. والأهم من كل ذلك هو التحايل والتلاعب من هذه القيادة نفسها، على مفهوم الثوابت الوطنية، والتقييم غيرالصحيح لمسيرة الحزب الداخلية ولا سيما منها التنظيمية، ناهيك عن حالات التآمر التي عشناها بدءاً من ( المؤتمر الرابع حتى المؤتمر الثامن والنصف ) وفي كل محطة يترجل رفاق لنا، طيبين ومناضلين معروفين ... والذي يؤسف له أن قياداتنا لاتلتفت يميناً أو يساراً لهؤلاء المناضلين، وربما تنعتهم بأشنع التهم، وتعتبر نفسها هي المنتصرة دائماً، بخلافاتها الداخلية، وكأنما تشبه تلك ( ! ) التي تبدأ بالعد من جديد! وهذا هو الأهم بالنسبة لها، مقابل ذلك، أعطاء قوة لأعداء الحزب الطبقيين!

من المفيد أن نقرأ  قصيدة للشاعر السعودي ( محمد زايد الألمعي ) تحت عنوان: ( مرثية الخونة ) حيث قال فيها:

 " مثل القصـيدة تأتي دونما يجـبُ يدنون منك وفي إقدامــهـم هربُ
فتسـتريب لرؤياهـم على قلقٍ وتستجيب وفي إقبـــــــــــــالك الريبُ
من حاربوك وهم من أجلك احتربوا وخونوك وقد خانوك وانسـحبوا
ومن لصوتك جاءوا كي تقاسمهم خبز القصيدة والدفءالذي رغبوا
من رافقوك لكي تشقى بصحبتهم فهم خطاياك خانوا مثلما صـحبوا
وهم رفاقك إذ آنسـت وحدتهم وهم ملامتـك الكبرى إذا عتبــــــــوا
وهم كلامك لكن لست في دمهم إلا خلاصة ما قالــوا وما طلبــــوا
من أثقلوك بأحــلامٍ تراودهم وغادروك على الأحــــــــلام تنتحب
كأن جرحك بالآهـــــات يلأم ما نكأت فيهم ، فلا شكرٌ ولا عتــب
أو أنهم دمــك الحاني تقلبـــــــه فوق القصيدة حتى ينضـج التعب
وليس صوتك فيــهم غير عابرةٍ من الزمان تسليهم إذا اكتــــأبوا
وأنت أنت سواهم حين تسـبقهم يمشون خلفك والأقدام تضـطرب
فإن تراءت لـهم في الدرب بارقةٌ قالوا فداءك نصلاها ونقتــربُ
وغادروك وقد ألقـــوا بلادتهم على خطـــــــاك وقالوا ماله أرب
لا أنت منهم ولا أهلــوك غيرهم من ناسبوا كل مسخ ما له نسب
تبكي عليهم وتبكي من تعلتـهم هم سالبوك ومسـلوبوك والســـلب
لسوف تجترح الضوء الذي انزلقوا يوماً عليـه ، فلا تحزن إذا ذهبوا ". أنتهى.

يذكرنا التأريخ النضالي للكادحين، بتعرض  العمال والفلاحين والكسبة، في أغلب بلدان العالم إلى انتهاكات مختلفة منها: حرمانهم من نيل حقوقهم و حتى أجورهم، فكان يتم  أستغلالهم في أعمال قاسية دون تأمين مستلزماتهم الحياتية، و يُجبرون على العمل وبناء القصور وتنظيف الشوارع والأعمال الشاقـّة في المزارع...الخ

وهنا لابد لي من أن أعرج على قول أحد أعضاء اللجنة المركزية هو ( أبو أحلام – جاسم الحلفي ) الذي دخل البرلمان لمدة أسبوعاً واحداً ومن ثم شمله ( الأجتثاث ) والذي ذكرني به، هو ما كتبه بتاريخ 29 / 4 / 2012 ، على موقع ( ينابيع ) حيث يصف نفسه، تحت عنوان: احتفال خاص بالأول من أيار جاء فيه:

" بدأت علاقتي بالأول من أيار يوم قرأت أوراق "تحت أعواد المشانق" حيث وصف فوتشيك احتفاله بذلك اليوم داخل زنزانته الانفرادية، منتظرا تنفيذ حكم الإعدام، وسفره مع خياله الى ساحات احتفال العمال وراياتهم الحمراء في عواصم العالم المختلفة. ومنذ ذلك اليوم وانا حريص على الاحتفال بيوم العمال العالمي، مهما كان الظرف، وحتى ان كنت وحدي، متخذا من احتفال فوتشيك وحيدا في الزنزانة مثالا عظيما: هكذا تكون مع الآخرين! بل ولم انس الاحتفال بهذا اليوم المميز، حين كنت أجوب مع رفاقي الأنصار شعاب الجبال في كوردستان وهضاب سهل كويسنجق وإطراف ضواحي اربيل. كما احتفلت به مع حزب اليسار السويدي، وساهمت في أول احتفال في ساحة الفردوس ببغداد، غداة انهيار النظام المباد".

التعليق: لا ندري عن أي ( مايو ) يتحدث ( الحلفي )، وبأية صفة يتحدث هل  كـ( عضو برلمان، أوعضو لجنة مركزية، أو بصفة كاتب...الخ، وهنا نتساءل : إذا كنت فعلا مناضلا شرساً ومدافعاً عن حقوق ومصالح العمال، بمناسبة ( الأول من أيار ) وغيره، وبهذه الدرجة من الحماس! فلماذا لم تكشف أنت وغيرك من الرفاق، أصحاب الشعارات المزيفة، حساباتكم الخاصة لدوائر الضرائب العراقية والسويدية وغيرها من دول اللجوء الأوربية!؟ لتثبتوا لنا أولا وللعالم حسن النوايا والمصداقية بشعاراتكم، ثم ألم يكن هذا هو بحد ذاته سلب جهود وعرق جبين العمال، الذين تدعو أنت وغيرك للتظاهر بعيدهم العالمي!؟ وهل فعلاً إنكم تتذكرون العمال والفلاحين ومعاناتهم اليومية في العراق وتحت الأحتلال الأمريكي !؟ وترفعون الشعارات الكاذبة من أجلهم، أو إنكم قد أصبحتم جزءاً من البرجوازية الطفيلية والرأسمالية المتعفنة، والأصح أداة من أدواتها! وبالتالي أصبحتم في نظر الشارع العراقي والعربي ( بطيخ مبسمر )!

مربط الفرس: عيد العمال العالمي ( الأول من مايو -  أيار من كل سنة ) هو رمز التآخي والتضامن والنضال الأممي من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية، وفي سبيل تحقيق القيم والاهداف الوطنية السامية.

فيا عمال العراق إنتفضوا على قيودكم وسجانيكم المتلونين وضد الأمبريالية وعملائها، إنكم وحلفاءكم من الفلاحين والكسبة تغرقون يوماً بعد آخر نتيجة شعاراتهم الكاذبة التي أدت إلى بروز ظاهرة البطالة والأمراض والفقر... والتي لامحال إنها ستصيب أجيالنا القادمة بالجهل والتخلف، فالقيادات التي استوردتموها من الخارج، والتي كانت معارضة للنظام الدكتاتوري السابق، فلسان حالها يقول إنها أصبحت أكثر جشعاً ودكتاتورية، سواء كانت داخل الحكومة أم داخل أحزابها أم منظماتها ... فأصبحت هذه القيادات، ومنها قيادة حزبنا الشيوعي العراقي، وعلى العموم بدون أستثناء، تملك رؤوس الأموال وأمتيازات السلطة، فأخذت تمثل دور الذئب والضحية!

Share |