هل هو حظي وقدري ..أم خطأي وسوء تقديري - جاسم الياسري
Sun, 29 Apr 2012 الساعة : 0:01

نلتقي يكل يوم بأناس فنسمع منهم الكثير ، نتألم معهم ولهم، نمرح ونضحك معهم دون أن ننبته إلى الكثير مما يقولون. الكثير منهم يتحدث عن آلامه وأحزانه ، ما تعرض له وما حدث معه ، ومن المسؤول عن ذلك كله أنه "القدر" كما يقولون أو "الحظ " وإن ذلك كله مكتوب لهم وعليهم فهم مستسلمون للأمر الواقع . نقابل آخرين يمرحون ويضحكون فرحين بما حصلوا عليه ونالوه ، بما تم تحقيقه وإنجازه من نجاح أو عمل فنسمعه يقول "خدمني الحظ" أو "وقف بجانبي القدر" "وحظي اليوم كان رائعا " ً و غيرها من الكلمات التي يستخدمها ليقول بإنه محظوظ بهذا النجاح أو العمل بل وحتى التعرف على فتاة جميلة للخطبة أو للخروج معها فيقول لها كم أنا محظوظ بك (أمي داعية لي) والعكس طبعا أن ساء الأمر ليقول (إن أمي غاضبة علي أو دعت عليُ) ويا سبحان الله. إن حدث حادث ما يقولون أنه قدرنا أو العين أو الحسد ، أنا كنت متشائم من روؤية فلان صباحاً أو من بكاء فلان لذا لم أوفق في المقابلة أو العمل أو أداء الأمتحان!!
إن مثل هؤلاء الناس يقللون من قيمة أعمالهم وقدراتهم العقلية والجسمية والنفسية ففي مواقف النجاح يكون الحظ أو الدعاء أو لون القميص أو نوع القلم أو البدلة هي من ساعدتهم بهذا النجاح وكأنما تلك الأشياء هي من أدى العمل وقام به وليس هو بنفسه وكأنما القلم هو من كتب عنه وليس يده التي خطت الكمات بناء على معالجة معلومات من دماغه لما قآم بقرائته والتعب والسهر عليه، القميص أو البدلة هي من تحدثت في المقابلة للعمل وليس هو بما يمتلكه من مقومات ومعلومات وكفاءة بالعمل . أما إن كان أحدهم في موقف سلبي فإن أول ما يلومه هو الحظ والقدر وينسون أنهم لم يقدموا ما مطلوب منهم أو أنهم من المحتمل أن يكونوا تهاونوا في العمل ولم يأخذوه بمحمل الجد ولم يركزا وأدى ذلك إلى تلك النتيجة السلبية ، او إنهم وضعوا أهدافاً لتحقيقها أو إنجازها أعلى بكثير من قابياتهم أو قدراتهم محاولة منهم مجاراة أو تقليد الآخرين بدون أن يعلموا ما لهم وما عليهم يعني سوء تخطيط وتقدير.
أما تحليلنا النفسي العلمي لمثل هذا التفكير فنقول إن هناك نوعين مما نطلق عليه بمركز السيطرة للفرد فهو أما أن يكون خارجياً وهو يتمثل بالنوع الذي يلوم القدر والحظ أو يشكر القدر والحظ على ما حصل له ، وكما سبق القول فأنهم يتنصلون مما لديهم من قدرات ليضعون اللوم أو السبب على أشياء خارجية ومثل هؤلاء يؤمنون بالعين والحسد (أزرق العين وأفرق السنين وغيرها مما يعتقدون به بإنه مؤثر ومسيطر عليهم وعلى كل ما يقومون به) وهم أيضا يسخرون القدر وما فيه عند نجاحهم وتفوقهم فهم محظوظون دائما متفائلون باللون المعين أو اللبس أو شخص ما. أشارت معظم الدراسات والأبحاث التي أجريت على مثل هؤلاء الناس بأننا نجدهم متشائمون دائماً، لديهم قلق عالي وتوتر عند أداء أي عمل ما ، ضجرون ولديهم نسبة عالية من الشك بالآخرين. بمعنى آخر بأنهم معرضون للآصابة بالأضطرابات النفسية أكثر من الآخرين.
النوع الثاني من مركز السيطرة هو الداخلي وهم الذين يعرفون إن ما حدث هو نتيجة لما قدمته إيديهم فهم يعرفون بأنهم لم يفكروا أكثر ، ولم يكونوا أكثر تأنياً في إتخاذ القرار ، ولم يذاكروا أو يراجعوا وأن الحظ أو القدر لا علاقة له بما حصل لهم والدليل إنهم لو عملوا كذا أو كذا ما حصل لهم ذلك . الدراسات والأبحاث بينت إن مثل هؤلاء الأفراد تجدهم متفائلين ، واثقين من خطواتهم يعرفون دقائق الامور وعندما يقومون بعمل ما أكبر من قابلياتهم يقولون سنقوم بذلك كمجازفة ونحن نعلم إننا قد لانوفق به. مثلا تلتقي بشخصين يرون حادث سيارة فيقول أحدهم ما حظ هذا الرجل وكيف أنه محسود ولم يهنىء بالسيارة كثيراً بينما نجد الآخر يقول [نه لو كان أكثر تركيزاً أو حذراً بالسياقة أو أكثر أنتباهاً ولم يلهي نفسه بالمسجل أو الحديث الهاتفي على النقال أو تجاوز السرعة المقررة لما حصل له ذلك . وياله من فرق بين التفسيرين !!!
إن أغلب المجتمعات العربية وعلى مختلف ألوانها لديها مركز السيطرة الخارجي فهم أي العرب يلومون القدر والحظ وسوء الطالع والسحر ومن يعمل به لما يصيبهم سواء كان على المستوى الشعبي بل وحتى سياساتنا تعتمد كثيراً على هذا ، فنحن في المجتمعات العربية نؤمن بإن كل شيء مكتوب علينا ونحن لا حول ولا قوة لنا، وكل أخطائنا هي نتيجة للسحر، الحظ، القدر والعين والمؤامرات الخارجية والداخلية (ولا نعمل بالمثل القائل هذا ما جنته علي يداي)!! إننا لا نزال تحت تأثير هذا النوع من مركز السيطرة لأننا نفكر بعاطفية أكثر من كوننا عقلانيين وهذا هو أحد أسباب تخلفنا وجهلنا أننا لا نثق بقدراتنا وطاقاتنا سلباً أو أيجاباً بل لدينا السحر والحظ والقدر هو من يعمل لنا ونيابة عنا ، متى نعترف بأن ماحدث هو نتيجة لسوء تقدير منا وسوء فهم وعدم إدراك جيد للموقف، فنحن لا نقول ذلك إلا بعد فوات الآوان وإن قلناه لاننا لانزال نعتقد بإننا مسحورين أو محسودين. هناك الكثير من الاخطاء المطبعية واللغوية في مقالي هذا وهو نتيجة للحسد وليس نتيجة لعدم تدقيقي ومعرفتي للغة العربية !!!