الزهراء نور لأهل الأرض وكوكب زاهر لأهل السماء- طاهر مسلم البكاء- الناصرية

Thu, 26 Apr 2012 الساعة : 15:04

اليوم وبتقدم العلوم تتغير الحياة وتتغير معها النظرة القديمة للمرأة عما كان في سالف الأزمان ، نسترجع كيف أعطى ديننا الحنيف ،قبل إلف وأربعمائة سنة ، مكانة كبيرة للمرأة شرفتها كأم ومربية ، فهي وأن كانت تعد نصف المجتمع ولكنها تقوم بتربية وأعداد النصف الأخر أيضا" .
وبهذه المناسبة ونحن نتناول قبس من سيرة سيدة نساء العالمين الزهراء البتول ، فأننا نتناول سيرة معطرة بشذى الوحي وعبير الرسالة المحمدية وأريج عطرها الخالد على مر الزمان ، يحكي للأجيال عنفوان البطولة والجهاد والفداء .
- ولدت في رحاب مكة سنة 18 قبل الهجرة وقيل قبل البعثة .
- أبوها سيد الأولين والآخرين .
- أمها خديجة بنت خويلد سيدة قريش ومن أثرياءها ، والتي وهبت كل ثروتها وحياتها لرسول الله والدعوة المحمدية .
- زوجها علي أبن أبي طالب ،الذي يقول عنه طه حسين ( من الخطأ ان نقول أن علي أول من اسلم ، فعلي والإسلام ولدا معا" ) ، وهو سيف الله ومعجزه الخالد وأول فدائي في السلام ،الذي أذل الله به جبابرة العرب ونصر به رسوله ودينه الحنيف .
- ذريتها : الحسن والحسين سبطا رسول الله وريحانته و سيدا شباب أهل الجنة ،وجميع أئمة الدين وأعلام الهدى من صلبهما .
يقول أبن عباس : أن النبي ( ص ) رفع يديه وقال : -
( الهم أني أشهدك أني محب لمن أحبهم ، ومبغض لمن ابغضهم ، وسلم لمن سالمهم ، وحرب لمن حاربهم وعدو لمن عاداهم ، وولي لمن والاهم ) .
سميت فاطمة وكنيت بالزهراء لأنها تزهر لأهل السماء كما تزهر الكواكب لأهل الأرض ، وهي الكوثر على وصف كتاب الله ، وهي معروفة في السماء ، كما هم آل بيت الرسول ، من قبل ولادة آدم (ع ) ، وخطت أسمائهم على سفينة نوح ( ع ) .
لقد عاشت الزهراء الأحداث العظيمة في صدر الرسالة وانطلاق الدعوة المحمدية ، وشاهدت وحشية قريش إزاءها ، وتمسكهم بأهوائهم الجاهلية ،ووقفت إلى جانب أمها تشد من أزر رسول الله وتخفف عنه الهموم ، وكانت ترى ما يرى أبيها من إشراق لنور الرسالة يشع على الكون ويشمله بسناه الخالد ، وكانت تنصت إلى صوت الرسول وهو يصف من بطحاء مكة كيف ستتهاوى عروش كسرى وقيصر ،وكيف سيتخلل الضياء الأرض بعد أن لفها الظلام ، فلم ينفع بطش قريش ولا حصارهم في إيقاف الرسالة ،ومع أن حصار قريش ووفاة أبي طالب وأمها خديجة كانت متعاقبة ومن الفترات التي صعبت على رسول الله ، ولكن الزهراء أصبحت أم أبيها تشد من أزره وتخفف عنه وكانت تنجلي هموم رسول الله برأيتها ، هاجرت لاحقة" بالرسول صحبة فتى الإسلام وفدائيه علي أبن أبي طالب وكان هذا على مسمع ومرأى من قريش ، التي أصبحت يوم الهجرة خائبة خاسرة تبحث عن محمد لتقتله وتستريح من ثقل دعوته على جاهليتها ،وعندما أشرفت الزهراء على المدينة المنورة وشاهدة الأنصار والمهاجرون يحفون برسول الله ، يلبون ويعلنون استعدادهم لفداء رسول الله والتضحية من اجل الدين الجديد ، سرت سرورا كبيرا وتمنت إن تكون أمها ترى هذا اليوم العظيم .
زواجها :
بعد سنتين من الهجرة واستقرار المسلمون في المدينة ، بدأ الخطاب يتقدمون طالبي يدها من رسول الله ،ولكنه كان يقول لهم ( أني أنتظر فيها أمر الله ) .
وكان الحياء من الرسول يمنع عليا" من التقدم لخطبتها حتى حان الوقت الذي جاء فيه مطرق إلى الأرض فأحس النبي بما في نفسه فاستقبله بأبتسامته الطيبة ،ورحب بقدومه ,وبأجماع الصحابة كان علي احب الناس الى رسول الله، فقال له علي (( ذكرت فاطمة يارسول الله)) ،ولم يزد على ذلك فرد عليه الرسول : مرحبا" وأهلا" , وخرج علي مستبشرا .
وعرض الرسول على ابنته رغبة ابن عمها قائلا (( لقد سالت ربي إن يزوجك خير خلقة وأحبهم إليه وقد عرفت عليا" ومواقفة وجاء لي اليوم خاطبا" فما ترين ؟
فامسكت ولم تتكلم بشي , فخرج النبي وهو يقول ((سكوتها رضاها وأقرارها)) .
وجمع الرسول المسلمين وخطب فيهم :
((إن الله أمرني إن أزوج ابنتي فاطمة من علي ابن ابي طالب وقد زوجتها على أربعمائة مثقال فضة ))
وقال النبي (( بارك الله فيكما وجعل منكما الكثير الطيب )) .
وقال لابنته فاطمة (( لقد زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة وانه لأول أصحابي إسلاما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما )) .
وعاشت الأيام العظيمة مع الرسول في بدر وأحد والخندق وباقي غزوات الرسول (ص) وعاشت يوم فتح مكة العظيم ودخول المسلمون مكة منتصرون .
وقد ذكر المؤرخون ما يقرب من ثمانون اية نزلت بحق علي وال بيته الأطهار ولكننا نختصر فنورد بعضا" منها :
- ان الذين أمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا. 96 مريم.
- أنما يريد اللة ان يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا . 33 الاحزاب .
- قل لاأسألكم عليه أجرا" ألا المودة في القربى . 23 الشورى .
- فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللة على الكاذبين . وهي أية المباهلة مع نصارى نجران،ومعلوم من هؤلاءالذين باهل بهم رسول الله ،أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين ولو أن هذه الاية نزلت فقط في أهل بيت الرسول لكانت كافية لكل ذي بصيرة للدلالة القاطعة على أن هؤلاء هم أل محمد ، ولكنه الحسد والحقد وطمع الدنيا من أوجد حزب الشيطان الذي يشكك في ذلك .
- أن الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .وعن الفخر الرازي قال سئل النبي ص كيف نصلي عليك يا رسول الله ، قال : ( قولوا الهم صلي على محمد ، وعلى ال محمد ، كما صليت على أبراهيم وال ابراهيم وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على أبراهيم وال ابراهيم ، انك حميد مجيد ) .
- ان الابرار يشربون من كاس كان مزاجها كافورا ،عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا....الايات من 5 – 22 من سورة الانسان .
وبدخول السنة الحادية عشر للهجرة ، تواجه الزهراء أصعب المواقف وهي تسمع أباها يقول لأصحابه : (يوشك أن أدعى فأجيب ) ، وسمعته يقول في حجة الوداع : ( لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) ،ثم يوصي الأمة ،بعد أمر الله تعالى :
(يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وأن لم تفعل فما بلغت رسالتك ، والله يعصمك من الناس . 67 المائدة ) .
حيث قال :

( أنتم واردون علي الحوض ،وأن عرضه ما بين صنعاء وبصرى ،فأنظروا كيف تخلفوني في الثقلين )
فنادى منادي : وما الثقلان يا رسول الله ؟ .
قال : ( الثقل الاكبر كتاب الله ما أن تمسكتم به لن تضلوا أبدا" والثقل الاصغر عترتي ،وان اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فلا تقدموا عليهما ولاتقصروا عنهما فتهلكوا ) ثم قال:
أيها الناس ألستم تعلمون وتشهدون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟
قالوا بلى يا رسول الله .
فأخذ بيد علي ورفعهما حتى نظر الناس الى بياض أبطيهما ثُم قال :
(أيها الناس الله مولاي وأنا مولاكم ، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه يقولها ثلاث مرات وفي لفظ أحمد أمام الحنابلة أربع مرات، ثم يقول اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ،وأنصر من نصره ،وأخذل من خذله ،وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه، وادر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب ) ثم قال اللهم أشهد ،ثم أمر المسلمين أن يبايعوا عليا" بالخلافة وأمرة المؤمنين .
وبأشتداد المرض على رسول الله ، ينتقل الى الرفيق الأعلى ،ويقوم علي وجماعة من الصحابة بتجهيزه لمثواه الأخير ،هذا وفاطمة يغشى عليها ساعة بعد ساعة لوقع المصاب ، ثم تلقي بنفسها على قبره وتؤخذ حفنة من التراب وهي تقول :

ماذا علي من شم تربة احمد ** إلا يشم مدى الزمان غواليا
صبت علي مصائب لو أنها ** صبت على الأيام عدن لياليا

وقالت أيضا" :
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها ** وغاب مذ غبت الوحي والكتب
فليت قبلك كان الموت صادفنا ** لما نعيت وحالت دونك الكثب

ولم يطل بالزهراء المقام في الدنيا بعد فراق أبيها سوى خمسة وسبعون يوم ،أذ لحقت برسول الله حيث جوار ربها ،ودفنت ليلا" حسب وصيتها .

[email protected]

 

 

Share |