ماذا يريد الاكراد-نعيم كرم الله الحسان- الناصرية

Wed, 25 Apr 2012 الساعة : 18:39

مما لا شك فيه ان الازمة الكردية من الازمات المزمنة التي رافقت ظهور الدولة العراقية منذ نشأتها بعد الحرب العالمية الاولى واتخذت هذه الازمة اشكالاً ومسارات متعددة وكان يغلب عليها طابعها الدموي حيث لازال راسخ في الذاكرة وخلال... ستينيات وسبعينيات القرن الماضي صور التوابيت القادمة من الشمال نحو مدن وقرى ونواحي الجنوب فيما عرف شعبياً بحرب البرزاني وقد ذهب الاف الضحايا من جراء حروب متكررة رافقت كل الحكومات المتعاقبة على العراق ابتداءاً من العهد الملكي ومروراً بالعهود الجمهورية حيث كانت الازمة الكردية هي الازمة الاولى والمشكلة الاساسية التي واجهت وجود الدولة العراقية .
وكان الشعار الاساسي الذي يرفعه الاكراد وعبر حروبهم مع المركز كلها هو حقوق الاكراد وحريتهم .
والحق ان هذا الشعار كان شعاراً سياسياً يغطي نواياهم الحقيقية في بناء وإيجاد دولة كردية مستقلة .
وانهم يعتقدون بأن الامة الكردية قد خسرت وجودها بعد تقسيم العالم الى وحدات سياسية بعد الحرب العالمية الاولى وتلاشي الامبراطورية العثمانية حيث انهم لم يحصلوا على دولة اسوة بالقوميات الاخرى وهذا هو المحور الرئيسي في حركة الاكراد منذ قيامها الى اليوم وقد استخدموا طرقاً ذرائعية شتى من اجل تحقيق هذا الهدف فتارة يقاتلون بضراوة ويسقطون المدن ويستولوا عليها وعندما يقوى مركز الدولة يلجأون الى المفاوضات من اجل الحصول على مكسب جديد وقد استخدموا مبدأ الخطوة تلي الاخرى من اجل الوصول الى اهدافهم .
وتعتبر احداث عام 1991 انعطافة كبرى في تاريخ الازمة الكردية عندما ضعف النظام الدكتاتوري الذي بدد مقدرات الدولة العراقية ومزقها بسبب سياسات رعناء خبلية مزقت كيان البلد وقدرته على التماسك والاستمرار الامر الذي استطاع من خلاله الاكراد ان يحققوا قفزة نوعية في تاريخهم الحربي مع المركز من خلال قيام كيان شبه انفصالي في الشمال وبعد سقوط النظام الفردي ودخول العراق مرحلة جديدة وقيام العملية السياسية فتح الباب على مصراعيه للاكراد كي ينتهجوا شتى انواع السياسات والضغوط مستغلين بذلك الوضع الدولي والمحلي الجديد من اجل تحقيق مزيد من المكاسب التي جعلتهم يتصرفون وكأنهم دولة اخرى الى جانب العراق فأنهم لم يكتفوا بعد ان اسسوا لهم اقليماً يشبه دولة مستقلة راحوا يسعون للإستيلاء على العراق كله .
فاليوم في شمال العراق هناك رئاسة للاقليم وبرلمان ووزارات وجيش وقوات الاسايش وعلم يحمل شمس صفراء فضلاً عن ذلك كله هناك رئاسة دولة العراق ووزارة الخارجية بالاضافة الى هذا كله راح مسعود البرزاني يتحدث عن تقرير المصير فماذا بقي للشركاء الاخرين اذا كان السيد مسعود البرزاني يؤمن بالشراكة او اي من قادة الكرد الاخرين .
ان الحقيقة التي افرزتها المرحلة الجديد من تاريخ العراق وتحديداً منذ عام 2003 ان الاكراد لا حد لطموحاتهم الاستحواذية والتي ساعد عليها جملة من العوامل والاسباب وفي مقدمتها غياب التقدير الحقيقي من قبل بعض الكتل السياسية والاخرين الذين اسكرتهم منافع العملية السياسية ومباهجها الشخصية وما درت عليهم من مصالح لم يكسبها اشد التجار فناً وحرفة بعدما اوجدتهم الاقدار على طاولة السياسة دون ان يكون لهم تاريخاً فيها.
اقول غياب التقدير الحقيقي للمصالح الصميمية والعليا للعراق بلداً ودولةً ووجوداً بل راح البعض يسعى لاضعاف الدولة والحكومة بتفجير الازمات من ازمة الى اخرى دافعها الاساسي الطموح الشخصي او الارتباط بجهات يسوئها ان يكون العراق بلداً حراً وديمقراطياً وقوياً تحكمه الاغلبية المتأتية من خلال صندوق الاقتراع .
 

Share |