لك المجد ايها الملل العراقي-نبيل ياسين
Tue, 24 Apr 2012 الساعة : 12:57

مللت من حقائبي. مللت من أوراقي وقصائدي ومقالاتي. مللت من كتبي سوى أني اشتاق لها فأقرأها استعيد متعتي ولو قليلا. مللت من التطواف والوحدة. من الناس في بعض الأحيان. من الغربة التي لم ينفع معها رحيل صدام ونظامه. من النقاشات الساخنة والسجالات التي لاتفضي إلا بطيئا إلى اتفاق عابر أو خلاف مؤبد.
اجلس الآن في مطار بحجم مدرسة ابتدائية صغيرة في أقصى جنوب غرب فرنسا على المحيط الأطلسي، حيث الأمطار والزوابع والرياح العاتية التي يمكن أن تؤجل الرحلة، واكتب ناظرا من الواجهة الزجاجية إلى المطار الخالي من الطائرات منتظرا هبوط طائرتي إلى مطار ستانستد بعيدا عن لندن. ما الذي جاء بي إلى هنا؟ إلى هذه الأقاصي التي اهرب إليها كي لا أتذكر وطني، كي لا أتذكر بؤس الوطن ووطن البؤس. جئت لأتعرف، على حسابي المتواضع، على تجربة الزراعة في هذا الإقليم الفرنسي وأهميتها في اقتصاديات فرنسا وبقائها دولة عظمى، سياسيا وصناعيا وعلميا بسبب الزراعة، بينما تندثر الزراعة في عراقنا، أول بلد زراعي مشهور بتنظيمات الري في العالم. في فرنسا 300 ألف مزارع فقط. يغذون ثمانين مليون فرنسي خبزا ولحما وخضروات وفاكهة وزيتا ويصدرون للعالم نبيذهم الذائع الصيت وأجبانهم المشهورة ويقبضون مليارات الدولارات، في حين تتحول أراضينا، كما رأيت في السماوة وفي الديوانية والنجف وكربلاء والبصرة والحلة، إلى صحارى، وأراضي زراعة (الشلب) في غماس والشامية إلى يباب، أو بناء عشوائي، ويتحول مزارعونا إلى شرطة ينتظرون قانون تقاعد الشرطة الذي (نام) في البرلمان ولم يوقظه احد منذ أربع سنوات.
أتذكر قصيدتي (البيت) وانشد بدايتها: فلمن هذا البيت؟ نعم لمن هذا الوطن الذي لا نعرف له مالكا إلا من يحكمه. ولقد تغير مالكوه دون أن يعمد احدهم إلى إصلاحه وترتيب شؤؤنه وطلاء جدرانه الآيلة للسقوط. ولقد وفد إلينا، في سنوات المعارضة الطويلة، لصوص وحرامية ومحتالون نطلق عليهم باللهجة العراقية (كلاوجية) وتغلبوا علينا وتصدروا الواجهة فمنهم من قضى وطره مالا وجاها وعلاقات ومناصب ومنهم من اختفى ولم يعد له هم لكي يصرخ معنا ولكن بصوت أعلى من أصواتنا: إسقاط الدكتاتورية وإقامة الحكم الديمقراطي.
مللت مني، من تذاكر السفر التي كنت اجمعها في سنوات غربتي الأولى كتذكارات فعدت لا استطيع النظر إليها. مللت من البراري الشاسعة التي تمر عليها القطارات فلا تذكرني بوطني إلا حين أتمنى أن تكون براريه بهذا الالق من الجمال والخضرة وألوان الشمس المنعكسة على الأشجار والبحيرات والشواطئ. مللت من الجمال.
مللت من الخيانات والوشايات والمكائد التي حاكها لي أصدقاء وأعداء على حد سواء. مللت من حنجرتي وهي تصدح لبلادي بقصائد الحنين والمجد دون جدوى. مللت من أشيائي وهي تتراكم وتتكدس ثم تتلف في الزوايا وفي الرفوف وفي الأدراج الخشبية. مللت من الحنين إلى طفولتي التي لم أجدها في بغداد حتى هذه اللحظة. مللت من الخراب المحيط بي رغم الأبنية الشاهقة وواجهات المحلات الأنيقة والشوارع المبلطة والأرصفة المتأنقة بالخطوط والأزهار والأحجار القديمة. فخراب العراق يلاحقني في كل ركن من أركان المدن وزوايا القرى. مللت .
مللت من لحيتي التي ابيضت وهي تذكرني بان الرحيل من منفى إلى منفى لم يتوقف، وبأن الناس الذين أبقيتهم لي لا يشفعون لي من وحدتي التي تطيل إقامتها في نفسي دون أن تستأذنني. ومللت من شعري الطويل وأنا احمله من أربعين عاما حتى لم اعد أنا بدونه، وأصبح علامة فارقة يتعرف عليها رجال الأمن في المطارات والمحطات دون عناء فقد كانت علامة الثوريين العالميين في السبعينات والثمانينات.
وخلال أربعين سنة اقتنيت خمس مكتبات، اثنتان في بغداد. الأولى في بيت عائلتي، تركتها حين تزوجت. والثانية تركتها في بيتي حين غادرت العراق لا احمل منها سوى دواويني الشعرية وبعض مقالاتي. والثالثة في بيروت ذهبت مع الحرب. والرابعة في بودابست تركتها في قبو قبل عشرين عاما ولا اعرف عنها شيئا. والخامسة في لندن أقلصها بين عام وآخر لان الكتب تنام تحت السرير وخلف الطاولات وتحت التلفزيون وفوق مائدة الطعام حتى لم تعد زوجتي ندى الهاشمي، التي تحمل شهادة الدكتوراه في آداب اللغة العربية تطيق تبعثرها هنا وهناك، فهي منظمة بطريقة تجعلني مبعثرا أنا الآخر أمام حرصها على التنظيم حتى أنني اشعر بالذنب أمام تشردها هي الأخرى من منفى إلى آخر معي ومع كتبي وأوراقي منذ أكثر من ثلاثين عاما.
مللت.
مللت من مللي، ولم اعد قادرا على طرد الملل الذي يحاربني على جبهات متعددة فيعكر صفو كلماتي ويعتّم ألوان القصائد ويؤجل انجاز كتبي ويغريني بالكسل والصبر الذي لابد منه دون أن يقدم لي مفتاحا للفرج.
مللت من أشياء كثيرة. مللت من السوريالية التي تلبس الدشداشة والعقال وتتسكع على أبواب الشيوخ في دول الخليج، وتدعي الطليعية والتفوق بما تحصل عليه من مكرمات. ولقد كتبت في ديواني (صهيل في غرفة) عام 1998الذي صدر في القاهرة في عام 2002 :
مازال الملوك يستمعون لهجائي ويتميزون غيظا
بينما شعراء يدبجون قصائد المديح
ويركضون إلى البلاط ليحصلواعلى مكان في الطابور
سلام أيها الهجاء الرائع الذي يسند إنسانيتي
بدونك سأكون مهرجا مبرقعا بالألوان الزائفة والماكياج
ما فائدة الوجودية إذا كانت تحرس باب القصر؟
ومافائدة التروتسكية إذا كانت
تنتظر السيد على الباب؟
وما فائدة قصيدة النثر
إذا كانت تخفي وراءها التغني بالدكتاتورية؟
ولقد عجبت على كثرة شعراء قصيدة النثر العرب والعراقيين الذين يمجدون الدكتاتوريات ويلوموننا لأننا نعارض دكتاتورية صدام. فإذا كانت حداثة العرب هي دعم الدكتاتورية ونسيان الحريات وإغفال الحقوق وإهمال العدالة فان النخبة التي تدعي أنها تصنع الثقافة مصابة بمرض جنون الدكتاتورية والسبب أن اغلب هذه النخبة خرجت من أحزاب كلها تسعى لإقامة دكتاتورية على أنقاض وخرائب الدكتاتورية التي تعارضها، وهذا ما يتضح اليوم، فقد جعل الإسلام من طريدي القبائل ومن الصعاليك والفقراء والرعاة والعبيد بشرا ذوي حقوق متساوية مع رؤساء قبائلهم ومع أغنيائها ومع سادتها حتى جاء المروانيون فأعادوا جاهليتهم وسرقوا بيت المال ونكلوا بطلائع الدعوة ومن ضحى في سبيلها وأعادوا الطلقاء ليقودوا الردة على الدعوة، كما يحدث اليوم. وإلا ما معنى أن تتناقض دعاوى العشائر مع الشريعة وتلغي المادة الثانية وفقراتها من الدستور. لم يكن الإسلام عشائريا. الردة هي العشائرية. تلك التي ألغت الإسلام وكرست مفهوم العشيرة الذي أضعفه محمد لكي تنتصر الدعوة إلى المساواة والحقوق.
التاريخ يتكرر
انه التكرار. التاريخ يكرر نفسه أكثر من مرة، بل مرات ومرات. يعلن الحسين وهو على رملة مصرعه: كونوا أحرارا. لن أعطيكم إعطاء العبيد. ولكن السفيانيين يعودون من أبواب التاريخ وليس من ثقوبه. فيحولون الأحرار إلى عبيد ويقتلون الحسين أكثر من مرة.
حسين يكرر مقتله كل يوم
وفي كل يوم لنا كربلاء
كتبت ذلك عام 1984. وحين تقتل الحرية يكرر الحسين مقتله، وحين يذل الناس وتسعى السلطة لتحويلهم إلى عبيد وتسرق الأموال وتصادر الحقوق فان كربلاء تتكرر كل يوم. لا يهم شكل يزيد. فربما كان سفيانيا وربما كان مروانيا وربما كان ممن ينوحون على الحسين ومظلوميته أيضا.
لا عزاء لنا. لقد مللت من الآمال الكاذبة. لذلك أحببت الحسين حيث استشهد من اجل الآمال الصادقة.
مللت من الحداثة وما بعد الحداثة التي تنتظر من السلفية أن تعينها على العيش والشهرة والمجد. مللت من الديمقراطية التي البسها الحرس القديم، الحرس الدكتاتوري، رونق البهجة الفاشية بإلغاء الآخر ومطاردة أفكاره. مللت من حقوق الإنسان التي نحنا عليها حتى جفف دموعنا الجلادون الذين لبسوا حلة حقوق الإنسان ونزعوا عنا حق الدفاع عن حقوقنا.
مللت من انهيار القيم وانحطاط الأخلاق وسفاهة الدين الذي يسرق وينهب ويقتل ويقمع ويطارد ويمنع باسم الله الذي أعطانا حقوقنا وجعلنا أحرارا. مللت من القرآن الذي يتجادل عليه الشيوخ ويمزقونه إربا وهم يقتلون بعضهم بعضا ويكفرون بعضهم بعضا بآياته التي تطرب روحي لها وهي تغوص في الأزل الإلهي البعيد.
مللت من الحلال والحرام اللذين دخلا إلى ما تحت أظافرنا والى ملابسنا الداخلية والى ماعون أكلنا ولقمة عيشنا ولون جواربنا والى طبخ قدورنا وقضاء حاجاتنا وكيفية مشينا وهيئة جلوسنا وطول لحانا وشعورنا وألوان قمصاننا وتفريق خضرواتنا بعضها عن بعض حتى صارت الحياة برمتها حراما والشذوذ حلالا.
مللت من المجد الزائف الذي تدعيه امة في أسفل درجات العقل وفي آخر طابور العلم وفي أول مرتبة من مرتبات الجهل والغرور الفارغ والادعاء الأمي بالمعرفة والتفوق على الأمم حاملين شعار (كنتم خير امة أخرجت للناس) فتشابهوا مع قبيلة تغلب التي ظلت تعيش على معلقة عمرو بن كلثوم حتى قال الشاعر فيهم
الهت بني تغلب عن كل مكرمة
قصيدة قالها عمرو بن كلثوم.وفي وصف القبائل يروي المسعودي في أكثر من عشر صفحات ما قاله الشعراء في مثالب القبائل وقد طلب أبو العباس السفاح من يزيد الرقاشي أن يسامره ويحدثه عن أعجب القصص فقص عليه قصة رجل من تنوخ ينزل على بني عامر بن صعصعة فكان كلما يلقي شيئا من أحماله تمثل بهذا البيت
لعمرك ماتبلى سرائر عامر
من اللؤم مادامت عليها جلودها
فخرجت عليه جارية من الحي فسامرته وآنسته وسألته حتى آنس بها ثم قالت: ممن أنت، متعت بك؟ فقال رجل من تميم، فقالت أتعرف الذي يقول
تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا
ولو سلكت سبل المكارم ظلتِ
فقال لا والله ما أنا منهم فقالت ممن أنت إذن؟ فقال من عجل، فقالت أتعرف من الذي يقول
أرى الناس يعطون الجزيل وإنما عطاء بني عجل ثلاثٌ وأربعُ
فقال لا والله ما أنا من عجل وظلت تسأله وكلما انتسب إلى قبيلة جاءته ببيت شعر أو أكثر في هجاء تلك القبيلة حتى مر على جميع قبائل العرب وهي تعيره بمثلبة من ينتسب إليهم وأخيرا قال لها أنا من ولد حام فقالت أتعرف الذي يقول
فلا تنكحن أولاد حام فإنهم
مشاويه خلق الله حاشا ابن اكوع
فقال لا والله ما أنا من ولد حام ولكني من ولد الشيطان الرجيم، قالت فلعنك الله ولعن أباك، افتعرف الذي يقول
ألا يا عباد الله هذا عدوكم
وهذا عدو الله إبليس فاقتلوا
فقال لها هذا مقام العائذ بك، قالت قم فارحل خاسئا مذموما، وإذا نزلت بقوم فلا تنشد شعرا حتى تعرف من هم ولا تتعرض لمساوئ الناس فلكل قوم إساءة وإحسان إلا رسول رب العالمين وأنت كما قال جرير للفرزدق
وأنت إذا حللت بقوم
رحلت بخزية وتركت عارا
العراقيون ينتظرون رسائل لن تأتي
وظلت رواية همنغواي خالدة ونال بها جائزة نوبل لأنه يروي قصة رجل عجوز يصطاد سمكة كبيرة جدا ويأتي بها إلى الشاطئ ويواجه العواصف لكنه حين يصل الشاطئ تكون قد وصلت بهيكلها العظمي بعد أن نهشتها اسماك القرش وأكدت الرواية على أن الإنسان قد يخسر ولكنه لا ينهزم ولا يتحطم. والشعب العراقي هو هذا الصياد العجوز الذي اصطاد سمكة وخسرها ولكنه لم ينهزم ولم يتحطم.
وكانت الشمس هي التي دفعت بطل رواية الغريب لألبير كامو ليقوم بجريمة القتل. انه أدب العبث. والشعب العراقي مارس العبث لوقت طويل. وعلى الرغم من أن مسرحية صموئيل بيكيت (في انتظار غودو) تديم الشعور بالعبث المتواصل في الحياة إلا أن العراقيين الذين انتظروا غودو ما يزالون ينتظرونه على قارعة الطريق. انه الأمل الذي يأتي بالبشارة في نهاية النهار.
وعاشت ماكندو (مائة عام من العزلة) لكنها أخيرا أنجبت احد أهم الروائيين في العالم. غابرييل غارسيا ماركيز الذي يذكرني في روايته (ليس لدى العقيد من يراسله) الذي ينتظر رسالة مصيرية، بملايين العراقيين الذين ينتظرون رسائل دون أن تأتي. انه الأمل الذي لا ينتهي.
ولدى امرئ القيس قصيدة يقول فيها
فلو أنها نفس تموت جميعها
ولكنها نفس تساقط أنفسا
فكم نفس لدى العراقيين لكي تساقط بقية الأنفس. ولعل المتنبي مل أيضا وهو يقول
[color=FA0309]أما تغلط الأيام فيّ بأن أرى
بغيضا تنائي أو حبيبا تقرّب ُ
ولله سيري ما اقل تئية
عشية شرقيَّ الحدالى وغرّب ُ
عشية احفى الناس من جفوته
واهدى الطريقين التي أتجنب[/color]
وكنت في الخامسة عشرة من عمري أحفظ هذه القصيدة كلها واستعين بالشروح وقواميس اللغة لفهم معاني القصيدة التي لن اشرحها الآن لأني أصبحت (لئيما) لكي ادفع من أراد من القراء أن يقرأها، أن يقرأها مع شروحها في ديوان المتنبي الذي يفترض أن يكون في كل بيت كما يوجد في كل بيت انجليزي كتاب أو أكثر من مؤلفات شكسبير.
اللغة والدولة
وإذا فقدنا القدرة على اللغة نفقد القدرة على العيش. فالدولة، حسب هوبز، هي نتاج اللغة. فالبشر لهم دولة لان لهم لغة. ولذلك لا توجد دولة للحيوانات لأنهم لا يتكلمون. ومن لا دولة له لا عيش له مثل البشر. وما نحتاجه هو دولة لكي نكون بشرا. ولا أظن أننا قادرون على تأسيس الدولة ولغتنا غير مفهومة. فمذيعونا يتحدثون بلغة (أكلوني البراغيث) وسياسيونا يتحدثون بلغة (العراق جمهورية عاصمتها القاهرة ورئيسها حافظ الأسد) ومثقفونا يتحدثون بلغة (الوردة دبابة تحملها نحلة). أما الفقراء فلغتهم مفهومة ويتحدثون بلغة (إننا جياع ولم نحصل على شيء من النظام الديمقراطي).
مللت من الأنفاق التي نخترقها ليلا ونهارا في المترو ومن الأنفاق والممرات الطويلة والطويلة في المطارات الكبيرة حتى كأنك طرت ساعة لتمشي ساعة أخرى بينما الآلات التكنولوجية الجديدة ألغت البشر لتحتار أمامها وهي تعقد حياتك وتجعلك تتكلم مع الحديد والزجاج والألمنيوم والذاكرة الرقمية التي ألغت وظيفة إبراهيم السري، شرطي الأمن الوحيد في البياع في مطلع الستينات وهو يركب دراجته ويجوس بعيونه بحثا عن أفكار هدامة ونشاطات مقدامة تحظرها الحكومات حتى اليوم. فإذا عرف إبراهيم السري أن فرقة امن ستداهم بيتنا اسر لي بذلك وقال اخبر إخوتك كي يهربوا من البيت. كان حسن الجوار يجعله يخجل من التطلع بعيوننا مرة أخرى إذا ما افلح رجال الأمن باعتقالنا.
وأتابع وأقرأ جميع التعليقات دون استثناء وأعيرها عينا نقدية أيضا وأعجب أن بعض قرائي يلومونني على طول مقالاتي وهم أقلية لحسن الحظ وأتذكر أن الشعوب تقرأ حتى الآن ولذلك يزداد وعيها ونقرأ مجلدات وموسوعات وتاريخا طويلا من الكتب القديمة والحديثة لكي نعرف ونعلم فما بال بعض قرائنا يضجرون من قراءة ألف وخمسمائة كلمة أسبوعيا؟ من حقهم أن يطالبوني بالاختصار ولكن اسألهم أين هو الاختصار في عراق يتحدث فيه الجميع ولا يسمع احد من هؤلاء الجميع، ويكتب الجميع ولا يقرأ إلا القليل من هؤلاء الجميع ومع هذا نريد من الأوضاع أن تصلح ومن الحكومة أن تتعض ومن البرلمان أن يكون انعكاسا لرغبات الشعب ومن أعضائه أن يكونوا شرفاء فلا يحولون السياسة إلى تجارة وعضوية البرلمان إلى فرصة للمقاولات، ولقد دهشت (رغم أنني توقفت عن الاندهاش) حينما سمعت عضو برلمان كان صائغا يقول أن التاجر الناجح هو السياسي الناجح. لا اله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. المجد للملل العراقي الطويل.