خرافة المستبد العادل -طاهر مسلم البكاء -الناصرية
Mon, 23 Apr 2012 الساعة : 9:16

بسم اللة الرحمن الرحيم
على حد علمنا أن جمال الدين الافغاني أول من نادى لبلداننا بالحاجة الى حاكم مستبد عادل ،وكأنه كان يرى الشفاء والعلاج لأمراض مجتمعاتنا فيه ولكن من تبعه في التأكيد على هذه الأكذوبة كانت لهم أغراضهم الخاصة المختلفة عما كان يرمي اليه .
الحكام كان همهم تثبيت دعائم ملكهم وأحكام السيطرة على شعوبهم بأي طرق ممكنة ومنها أمثال هذه الترهات التي أنطلت على الناس ،كذلك المستعمر الذي طرد من أرضنا ووجد في الحكام المستبدين ذيول له ،يميلون حيث ما مالت مصالحه ،فأصبح يعمل على مساعدتهم في البقاء في كرسي الحكم ، بالضد من توجهاته وأفكاره في بلاده ،بدأ يظهر هذه الاكذوبة وكأنها الترياق الذي يشفي كل عللنا .
وهكذا ترسخت فكرة الحاكم المستبد العادل ليس لدى العامة فقط بل لدى أغلب كتابنا ومفكرينا وبدأنا ننظر لهذه الفكرة وكأن أساليب الحكم الاخرى لاتنفع مع شعوبنا .
ولكن في حقيقة الأمر هل هناك حاكم مستبد يكون عادل ؟
أنها أكذوبة من كثر ما رددت عندنا بدأ البعض يصدقها وعلى طريقتهم ردد الكذبة مئة مرة تصبح حقيقة تاريخية ،وأكبر أدلتنا على ذلك أن الدول الكبرى بمجموعها نراها تطبق النظم الديمقراطية في بلدانها وبين شعوبها ،ويصدرون لنا نظرية الحاكم المستبد العادل ويدعمون حكاما" بعينهم لعقود طويلة عندنا بشتى الوسائل والطرق ، فبالامس القريب تقوم أحدى الدول المدافعة عن الحرية والديمقراطية بتدريب قوات خاصة لمواجهة الشعب المنادي بالتخلص من رئيسه الذي يجثم على صدره منذ اربعة عقود ، ولكن عندما يجدون أن لامناص،فقد لفظة الشعوب هذا الطاغية فأننا نراهم سرعان ما يظهرون بمظهر المساند للجماهير وكأن شيئا" لم يكن وهذا يذكرنا بمقولة لمندوب سابق لأحد الدول العربية لدى الامم المتحدة ( على واشنطن أن تبرهن أن السادات لم يمت بسبب صداقته لأميركا ) واليوم وبعد عقود الزمن الماضية لايزال هذا التسائل صحيحا" أيضا ( فعلى أميركا ان تبرهن أن مبارك الديكتاتور المطرود ليس صديقها ) وغير ذلك الكثير من الامثلة المشابهة .
ولا يمكن في الحقيقة والتجربة الفعلية أن يكون المستبد عادلا" ، فالانسان بطبيعته فخور غرور جهول ،وحتى لو أبتدأ وهو يملك صفات العدل والسيرة الحسنة فما يلبث، بعد أن يرى غرور السلطة ويعيشها ، أن يتغير الحال شيئا" فشيئا ، فنجد منهم من كانوا يعلنون أن لاوجود لبلدانهم بدونهم والمتواضعون منهم يشبهون انفسهم بالخلفاء والأئمة وآخرون بالأنبياء والرسل وبعضهم يشطح به الخيال فيتصرف كفرعون !
واليوم تعي شعوبنا متأخرة ان كلا" من صفتي العدل والاستبداد صفتان متناقضتان ولايمكن أن تجتمع في شخص واحد ،وبدات تهفو وتقاتل من أجل الحياة الديمقراطية السليمة والتي لو تركت بحريتها لما اختارت غيرها .
ينقل تاريخنا أن رسولنا الكريم ص وفيما هو يستعد لمعركة بدر يسأله أحد الصحابة عن الخطة الموضوعة ( أوحي أوحى اللة به اليك يارسول اللة أم هي الرأي والحرب والمكيدة ويجيب النبي ص ( بل هي الرأي والحرب والمكيدة )،فينزل الرسول الكريم على رأي الصحابي بعد أن تبين صوابه.
واليوم شاهدنا في واقعنا المؤلم قرارات مصيرية تشمل كل البلاد ، تتخذ بدون نقاش ولامشورة ،يتخذها فرد وسط جوقه من الحاشية تصفق له وأمة باكملها متضررة .
ومن الضروري أن نشير الى أن بعض الممارسات الخاطئة في استخدام الديمقراطية من قبل بعض شعوبنا ،لايعود الى ضرورة الحاكم المستبد بقدر ما يعود الى تأخر أستخدام الديمقراطية عندنا وعدم فهمنا لها بصورة صحيحة ،بسبب مشاكل التعليم والظروف الاجتماعية الصعبة التي عاشتها بلداننا تحت نير الاستبداد والاحتلال .
ومن المناسب أن تدرس التجارب الديمقراطية العالمية لنحصل على ديمقراطيتنا الخاصة التي لابأس أن تدرس في مدارسنا ومؤسساتنا ،وتقع مسؤلية ذلك على قادة البلاد وخاصة القادة الروحيون للامة ،حيث ان القادة السياسيون ليس من مصلحتهم الشخصية بروز كفاءات جديدة من خلال ديمقراطية ناضجة ،كونهم ينساقون في طريق السلطة الذي يغري بنسيان مبادئ الثورة والنضال .
سكريبت اتصل بنا 2.5 من إنترنت بلس