الهاشمي .. والبحث عن الخيبة-باقر الرشيدــ بغداد
Mon, 16 Apr 2012 الساعة : 11:29

في مجتمعات النظم الديمقراطية غالباً ما يصدم الجمهور ويصاب بخيبة أمل موجعة ، بعدما تجري الإنتخابات البرلمانية وتستقر الأوضاع السياسية ليكتشف البعض بل الكثيرون أحياناً أن أصواتهم ذهبت لشخص أو كتلة أو حزب لايستحقها ، وقد تتحول عندهم حالة الصدمة تلك إلى مشاعر غضب كبيرة حين تتولد لديهم القناعة بأنهم قد خدعوا من قبل منتخبيهم ، وكثيراً ما يولد الغضب تظاهرات إستنكار ورفض يعلن الناس فيها البراءة ممن خدعوهم ، كي يحفظوا برفضهم وآستنكارهم ماء وجهوهم أمام الآخرين الذين لابد أن يلومونهم على آختيارهم السيئين للإشتراك في هرم قيادة البلاد . وما من شك أن طريق الشر التي آختار الهاشمي السير فيها وحالات الإحباط التي تعتريه منذ سفره الأول لأقليم كردستان وما تلتها من مراوغات ومحاولات للتسول على بوابات حكام قطر والسعودية ، قد زرعت الخيبة والندم في نفوس الكثيرين من مريديه الذين خدعوا بشخصيته وشعاراته التي سرق بها أصوات البعض من العراقيين الطيبين في الإنتخابات السابقة .
إن قضية الهاشمي وكما يعرفها كل العراقيين هي قضية قضائية ، كان من المفترض أن تحسم في أيامها الأولى بمثوله أمام القضاء ومواجهة التهم الموجهة إليه وتقديم ما لديه من أدلة يرى فيها إثباتاً لبراءته . إلا أن الذي جعل القضية تأخذ أبعاداً ضبابية ومعقدة هو تدخل أطراف أرادت أن تتخذ من هذه القضية وسيلة ضغط على الحكومة الغرض منها الحصول على مكاسب غير مشروعة ليس إلا ، ولا يهمها بعد ذلك إذا ما أدين الهاشمي أم لم يدن . فالسيد مسعود برزاني لايهمه شأن الهاشمي أو شأن أي شخص آخر من خارج دائرة عائلته ، لكنها الرغبة الدائمة للحصول على المكتسبات غير المشروعة ، وعقدة التعالي والنزوع للزعامة الأبدية التي طالما عبر عنها بأقواله وأفعاله وآخرها نداؤه من أمريكا :( سأعود للعراق وأدعو الكتل للقاء في أربيل وإذا لم يتحقق اللقاء سأدعو لحجب الثقة عن الحكومة ) .. أي منطق إستعلائي هذا ؟ وأية عقد نفسية تصدر من جنباتها مثل هكذا كلام يعتقد قائله أنه ولي أمر العراق والعراقيين ؟ هذه هي المواقف التي ضيعت الفرصة على الهاشمي لحل مسألته بالمثول أمام القضاء بعد صدور أوامر القضاء مباشرة وهو يعلم قبل غيره بعدالته ، والغريب أن الهاشمي لم يكتف بتناول كأس الخديعة من مسعود ، بل سار به غيه إلى بلاط حمد ومربوعة آل سعود آملاً أن ينال منهما ما نال الليبيون من دعم للخلاص من القذافي ، متناسياً أن في بلده (العراق) حكومة منتخبة وبرلمان ونظام ديمقراطي ، وأن أعتى قوة في الأرض لاتستطيع أن تنال من نظام حكم يقوده الشعب بممثليه .
لقد أضحت صورة الهاشمي اليوم في أشد مظاهر البؤس ، وما الموقف الجديد لتركيا منه الآن إلا دليل على ذلك ، حيث تردد أنها تنوي تسليمه إلى السلطات العراقية بعد أن أيقنت أن العراق قد أصبح قوة في المنطقة كما صرح بذلك أردوغان ، كما أن وكالات الأنباء ودون ذكر الأسباب أكدت رفض السيد أردوغان مقابلته ، وهذا ما يترك المجال واسعاً لكثير من التساؤلات والتحليلات ، فبعد أن أدرك المسؤولون الأتراك بأنهم متهمون بعدم الحيادية إتجاه القضايا المهمة في المنطقة ويريدون الآن إزالة هذه التهم ، وطارق الهاشمي الموجود فوق أرضهم متهم ومطلوب بقرارات القضاء العراقي ، وعلى هذا فمن غير اللائق أن يكون هناك إهتمام به من قبل حكومة أنقرة ، كما أن الصحف التركية وصفت هذه الزيارة بأنها جاءت لبث الفتنة بين بغداد وأنقرة وتخريب العلاقات الثنائية بينهما ، وأن تركيا لا يمكن أن تضحي بمصلحتها من أجل متهم مطلوب لقضاء بلده ، لقد وضع الهاشمي نفسه في موقف بائس فالإنتقادات الموجهة ضد تحركاته لم تكن على ضوء زيارته لتركيا فقط بل إن الكثير من المواقع الألكترونية عرضت صوراً لأمير قطر وهو يرتدي (النعال) أثناء لقاء حمد بالنائب المطلوب للعدالة وقد تم التعليق عليها في تلك المواقع .