حـتـمـيـة ُ الـحـرب الـقـادمـة ... ودواعـيـهـا !- صـبـاح حـسـن يـاسـيـن -/ بـغـداد

Mon, 16 Apr 2012 الساعة : 10:43

( الـحـلـقـة الأولـى )
  مـقـدمـة :
 لا جـدال أنـهـا سـتـنـشـب !  وهـذا الـتـأكـيـد لـيـس رجـمـا ً بـالـغـيـب ، أو قـراءة فنـجـان ، أو هو مـن وحـي الـمـنـجـمـيـن  !
 بـل إن كـافـة المــؤشـرات والـقـراءات الـمـوضـوعـيـة ، ولـشـريـحـة واسـعـة مـن الـمـتـخـصـصـيـن فـي الـشـأن الـسـيـاسي  ( فـقـط )  قـد تـوفـرت لـديـهـم الـقـنـاعــة الـمـطـلـقـة بـأنـهـا قـادمـة  لا مــُـحـال .
 وإن أسـبـاب نـشـوبـهـا والـظـروف الـذاتـيـة والـمـوضـوعـيـة الـتـي بـرزت حـتـى الآن كـفـيـلـة ومـتـطـابـقـة مـع  الـعـقـل والمنطـق بـأنـهـا قـادمـة  وسـتـكـون عـنـيـفـة ومـوجـعـة ، وذات دمـار هـائـل ، وربما شـامـل !
وإن أمـكـانـيـة تجـنـبـهـا وتـحـاشـيـهـا لا يـدخـل فـي خـانـة الـتـطـلـعـات الـمـخـمـلـيـة أو الأمــنـيـات الـورديـة  أو الابـتـهـالات والـمـنـاشـدة ، بـل إن كـل أطـراف الـصـراع الـمـعـنـيـة  تـعـي مـا تـنـوه  وتـعـنـي مـا تـقـول .
 وبـغـيـة تـسـلـيـط الـضـوء الـوهــّـاج عـلـى ( الـسـونـامـي ) الـمـدمـر الـقـادم  ، عـلـيـنـا أن نـحـدد مـلامـح هـذا الـصـراع ، ومـاهـيـة تـلـك الـدواعـي وأسـبـاب حـتـمـيـتـهـا .
-    فـمـنـذ أكـثـر مـن ثلاثـة عـقـود وحـيـنـمـا بـدأ الـبـرنـامـج الـنـووي الإيـرانـي بـواكـيـر اخـتـبـارات الـذرة فـي عـهـد الـشـاه وتـوقـف ثـم اسـتأنـفـتـه ( الـجمهـوريـة الإسـلامـيـة ) فـي عـام 1982  ولا زالـت تـمـارس هـذه الـنـشـاطـات والاخـتـبـارات بالـسـريـة  والـكـتـمـان . وعـنـدمـا تـدخـلـت لاحـقـا ً الـوكـالـة الـدولـيـة للـطـاقـة الــذريـة وأثـبـتـت بـالـدلـيـل الـقـاطـع أن لـدى إيـران بـرنـامـج تـخـصـيـب فـوق الـعـادة وطـلـبـت خـضـوع مـفـاعـلاتـهـا للـتـفـتـيـش ، ادعـت إيـران أنـهـا لـيـسـت طـرفـا ً فـي مـعـاهـدة الـحـد مـن انـتشـار الأسـلـحـة الـنـوويـة ( ولـم تـوقـع عـلـيـه ) وأنـهـا دولـة  لا تقـل شـأنـا ً وأهـمـيـة عـن جـارتـيـهـا الـهـنـد وبـاكـسـتـان ، وهـي تـمـتـع  بـالسـيـادة الـمـطـلـقـة  ، ومـن حـقـهـا أن تـجـاري الـمـجتـمـع الـدولـي فـي مـسـاعـيـهـا الـعـلـمـيـة ، ولا سـلـطـان لأحـد علـى أرضـهـا وسـمـائـهـا ومـيـاهـهـا ومـواطـنـيـهـا .
وأنـهـا أي إيـران لا تـرغـب فـي أن  يـتـدخل أحـد فـي شـأنـهـا الـداخـلـي وخـصـوصـيتـهـا ... !  ووفـق هـذا الـنـهـج  اتـكـأت  إيـران وعـبـر أريـعـة رؤسـاء ( بـعـد الـثـورة )  وأثـنـيـن مـن الـمـرشـديـن الـروحــيـيـن عـلـى أنـهـا الـدولـة الـتـي لا يجـابـهـهـا أحـد  لـنـفـس الـحـكـمـة  !
ولـم يـنـدرج هـذا الـوضـوح فـي رؤاهـا وفـق الـبـنـيـويـة ( الميكيافلية  ) بـل عـبـر بـوابـات كـبـيـرة ادعـت ولا زالـت تـدعـي بــهـا ، هـو عـظـمتـهـا وقـوتـهـا ، والـسـلـطـان ...!  وهـنـا تـكـمـن  قـوة الـسـلـطـان التـي تـخـتـبـئ إيـران تـحـت عـبـاءتـه الـطـلـسـمـيـة ، وتــتحـدى بـه قـوى الـكـون ، والـدول الـعـظـمـى !   
 والـسـؤال اللغـز : مـَـن  هـذا الـسـلـطـان ؟
-    للإجـابـة عـن هـذا الـسـؤال الـمـحـيــر ، والـذي مـفـاده  : مـاذا تـمتـلـك إيـران مـن إمـكـانـيـات وقـدرات  تـجـعـلـهـا تــتحـدى الـقـوى الـعـظـمـى فـي الـعـالـم ، والـتـي تـمتـلـك أحـدث مـا قـدمـتـه الـتـكـنـولـوجـيـة الـعـسـكـريـة الـحـديـثـة  ؟ وهـل هـي ّ ( وكـمـا يـصـرح يـومـيـا ً كـبـار الـقـادة ) الـعـسـكـريـيـن والـمـدنـيــين الإيـرانـيـيـن ، وعـلـى رأسـهـم الـمـرشـد الأعـلـى ( علي خامنئي ) بـأن إيـران قـادرة عـلـى هـزيـمـة أي جـيـش  فـي الـعـالـم يـحـاول الـتـعـرض لها أو الـمـسـاس بـأمـنـهـا أو يـضـرب مـنـشـآتـهـا  ، وإنـهـا سـتـفـاجـئ الـعـالـم بـمـا تـمـلـكـه مـن قـدرات غـيـر مـعـروفـة  !
الـوهـم ، أم الـعـزّة بـالـنـفـس ؟
لـكـل مـن تـابـع أحـداث الـثـورة الإيـرانـيـة وإرهـاصـاتـهـا وخـفـايـاهـا وسـبـب صـيـرورتـهـا ، يـدرك وبـدون عـنـاء أن إيـران خـرجـت وبـعـد ثـمـان سـنـوات مـن حـربـهـا مـع الـعـراق مـنـهـكـة الـقـوى خـالـيـة الـوفـاض ، ذات اقـتـصـاد مـحـطـم ، ومـثـقـلـة بـالـديـون الـداخـلـيـة والـخـارجـيـة ، وتـعـيـل مـئـات الآلاف مـن الأرامـل والـمـعـوقـيـن الـذيـن يـنـتـظـرون رعـايـتـهـم وتـوفـيـر احـتـيـاجـاتـهـم .
ومـع كـل تـلـكـم الإشـارات إلا ّ أن الـقـيـادات الـمـتـوالـيـة فـي إيـران كـانـت ولا تـزال تـصـب جـام اهتـمـامـهـا عـلـى بـرنـامـج الـتـسـلـيـح ، لا خـشـيـة مـن أحـد ، بـل عـلـى أسـاس عـقـيـدة ديـنـيـة سـنـتـطـرق إليـهـا أنـفـا ً .
لـم تـستـطـع إيـران قـطـعـا ً اللـحـاق بـنـسـق الــتكـنـولـوجـيـة الـمتـطـورة وخـاصـة ً الـعـسـكـريـة مـنـهـا ، ولـم تـقـدر عـلـى صـنـاعـة طـائـرة حـربيـة واحـدة تـضـاهـي أو تــُجـاري الـطـائـرات الـحـربـيـة الـمـعـتـمـدة لـدى سـلاح الـطـيـران فـي عـمـوم الـمـنـطـقـة ( ولـن تـسـتـطــيـع )  وكـل مـا قـامـت بـه إيـران خـلال الـسـنـوات الـمـنـصـرمـة هـو جـعـجـعـة ومـحـاكـاة للـصـواريـخ الـبـالـستـيـه الـروسـيـة الـصـنـع مـن أمـثـال سـكـود وضـرائـرهـا التـي صـنـعــت فـي مـطـلـع الـخـمـسـيـنـات مـن الـقـرن الـمـنـصـرم  ، وهـذه الـصـواريـخ لـيـس لـهـا أي إستراتيجية حـربـيـة سـوى تـوجـيـههـا إلـى  أهـداف وتـجـمـعـات سـكـنـيـة لأغـراض الـردع ، ولـيـس لـهـا خـيـار فـي حـسـم أي حـرب أو مـعـركـة ، ولـكـن جــُـل ّ مـخـاطـرهـا أنـهـا قـادرة عـلـى حـمـل رؤوس مـتـعـددة الأغـراض  ،  كـيـمـيـائـيـة  ( Chemical ) أو بـايـلـوجـيـة ( Biologic   ) وهـذه الأسـلـحـة مـحـرمـة دولـيـا ً وذات عـواقـب وخـيـمـة ، كـمـا قـامـت بـبـنـاء عـدة غـواصـات يـتـم رصـدهـا ومـتـابـعـة خـطـوط سـيـرهـا عـبـر الأقمار الـصـنـاعـيـة الـتـجـسـسـيـة  عـلـى مـدار الـيـوم .
وجـمـهـوريـة إيـران الإسـلامـيـة وبـحـكـم حـجـم ونـوعـيـة الـتـخـصـيـب الـذري الـمـتـاح فـي مـفـاعـلاتـهـا الـنـوويـة  ، هـي غـيـر مـؤهـلـة حـتـى الآن  لـصـنـع سـلاح نـووي فـعــّال ، حـتـى وإن ادعـت ، وهـذا مـا يـجـزم عـلـيـه الـخـبـراء ... غـيـر أنـهـا تـسـعـى وبـكل جـد ومـثـابـرة .  
وعـلـى ضـوء هـذه الـحـقـائـق الـنـاصـعـة ، والتـي يـعـرفـهـا الـعـالـم وأصـحـاب الـقـرار ، فـعـلـى مـن تـراهـن إيـران فـي تـهـديـداتـهـا الـمتـواتـرة ، وفـي كـافـة الـمـنـاسـبـات ...   أ ألـوهـم أم الـعـزة بـالـنـفـس  أم كـلاهــمـا مـعـا ً أم مـاذا  ؟
حـتـمـيتـهـا ودواعـيـهـا :
عـلـى الـرغـم مـن الإدعـاءات الـمتـكـررة لـكـبـار المسئولين الإيـرانـيـين بـأن بـرنـامـجـهـم الـنـووي هـو فـقـط للأغـراض الـسـلـمـيـة ، ولـيـس لـديـهـم الـنـيـة فـي تـطـويـره للـصـنـاعـات الـعـسـكـريـة ، وهـذا الاتـجـاه حـق مـشـروع لـكـل بـلـد وقـد كـفـلـتـه بـنـود الـقـوانـيـن الـدولـيـة ومـواثـيـق الأمـم الـمـتـحـدة  ولـكـن بـشـرط أن يـكـون خـاضـعـا ً لـرقـابـة الـوكـالـة الدولية للـطـاقـة الـذرية الـتـابـعـة للأمـم الـمتـحـدة  بـمـوجـب مـنـهـج زيـارات دوريـة مـع وجـود مـهـنـدسـيـن دائـمـيـن فـي تـلـك الـمـواقـع للإشـراف عـلـى نـظـم التـخـصـيـب وعـدم انـزلاق الـبـرنـامـج عـن مـسـاراتـه الـصـحـيـحـة والـمـتـفـق عـلـيـهـا .  
غـيـر إن مـا يـدور فـي خـلـد جـمـهـوريـة  إيـران الإسـلامـيـة لا يـتـطـابـق مـع تـلـك الاعـتـبـارات ، وهـي تـراهـن عـلـى أن الـزمـن والــتـغــيـرات الـسـيـاسـيـة وتـنـاوب الـرؤسـاء والـحـكـومـات  وغـيـرهـا ، كـل هـذه الـعـوامـل كـفـيـلـة بـأن يـأتـي الـيـوم الـذي تـسـتـطـيـع بـه مـن الـوصـول إلـى هـدفـهـا ، كـمـا هـو الـحـال مـع الـهـنـد وغـريـمـتـهـا بـاكـسـتـان ، وأن أصـوات الـعـالـم واستـنـكـاره لـم يـثـنـي ( بـيـونك يـانـك ) مـن الـسـيـر فـي بـرامـجـهـا الـنـوويـة والـعـسـكـريـة  ... وهـنـا يـكـمـن الـخـطــأ الـكـبـيـر ! إذ أن هـذه الـدول الـتـي دخـلـت حـديـثـا ً نـسـبـيـا ً الـنـادي الـنـووي لا تـشـكـل خـطـرا ً عـلـى الـغـرب ولا عـلـى حـلـفـائـه الاسـتـراتـيـجـيـيـن وأعـنـي بـهـمـا الـهـنـد وبـاكـستـان . ومـا يـتـعـلـق بـكـوريـا الـشـمـالـيـة والـمـشـكـوك بـقـدرتـهـا عـلـى صـنـع قـنـابـل انـشـطـاريـة فـإنـهـا تـقـع فـي  شـرق قـارة أسـيـا  ولـن تـشـكـل مـصـدر خـطـر أو قـلـق كـبـيـريـن لأوربـا والـولايـات الـمتـحـدة وبـقـيـة حـلـفـائـهـم بـاستـثـنـاء جـارتـهـا كـوريـا الـجـنـوبـيـة  ، والـيـابـان .
 والـيـابـان لا تـخـشـى عـلـى أراضـيـهـا مـن أي هـجـوم كـوري شـمـالـي ، إذ أن لـديـهـا تكنولوجية متـطـورة جـدا ً فـي مـجـال الـصـواريـخ الاعـتـراضـيــة قـد تـفـوق كـفـاءة مـنـظـومـات الـقـبـب الـفـولاذيـة الـمـعـتـمـدة فـي الـعـالـم  ، وإن أي صـاروخ بـاليـستـي ومـهـمـا يـحـمـل مـن رؤوس حـربـيـة                                                                                                                                           لـن يـسـتـطـيـع الـولـوج إلـى أجـواء الـيـابـان ، قـبـل أن يـنـتـحـر خـارج أراضـيـهـا  ، وهـي حـازمـة عـلـى أن لـن  تـتـكـرر مأساتـا هـوريـشـيـمـا  و نـاكـازاكـي  مـرة أخـرى عـلـى جـزرهـا  ، حـتـى وإن كـلـفـهـا ذلـك  ثـمـنـا ً بـاهــظــا ً  ، لا عـلـى الـمـستـوى الـمـادي الـزهـيـد ، ولـكـن حـتـى عـلـى الـمـسـتـوى ( الأخـلاقـي ! )  الـذي يفــتـخـر بـه شـعـب الـيـابـان الـمـسـالـم والـمـحـب لـبـلـده  ومـنـهـم  ( رجال الـسـامـوراي  )  وأن دفـاعـهـا الـمـشـروع عـن أرضـهـا ومـواطـنـيـهـا ضـد أي اعـتـداء خـارجـي ، ومـن أي طـرف مـعـلـوم أو مـجـهـول سـوف لـن يـوقـفـهـا عـن أن تـلـحـق أضـرارا ً غـيـر مـنـظـورة عـلـى مـن يـتـجـاوز علـيـهـا ، وهـذا مـا يـردده علـى الـدوام الـزعـمـاء الـيـابـانـيـون ولـكـن بـغـايـة الـتـهـذيـب  واللـيـاقـة الـدبـلومـاسـيـة  والـركـل عـلـى قـفـا مـن يـحـاول الاعـتـداء عـلـى هـذا الـشـعـب الـذي آمـن بـالـسـلـم  وركـن إلـيـه مـع قـوتـه . والـيـابـان قـادرة وبـجـدارة إن تـخـلـت عـن الـتـزامـاتـهـا واعتـبـاراتـهـا الأخـلاقـيـة  واحـتـرامـهـا للمـواثـيـق  والاتـفـاقـات  الـتـي وقـعــت عـلـيـهـا بـعـد نـهـايـة الـحـرب الـعـالـمـيـة الـثـانـيـة ، أن تـصـنـع آلاف الـقـنـابـل الـذريـة والهيدروجينية والـنـيـتـرونـيـة وغـيـرهـا مـن الـقـنـابـل الانـشـطـاريـة  بـخـفـة لا تـقـل عـن صـنـعـهـا للألـعـاب الـنـاريـة الـمـتـوهـجـة فـي مـسـاءاتـهـا وفـي كـثـيـر مـن الـمـنـاسـبـات
أمـّـا مـا يـتـعـلـق بـالـجـارتـيـن الـنـوويـتـيـن الـهـنـد وباكستان فـلـهـمـا وضـع مـختـلـف إذ أن الـهـنـد أطـلـقـت تـجـربتـهـا الأولـى عـام 1974 فـي سـنـوات الـحـرب الـبـاردة بـيـن الـمـعـسـكـريـن  ، وقـطـعـت أشـواطـا ً مـتـقـدمـة فـي هـذا الـمـجـال ولـحـقـت بهـا   بـاكـسـتـان عـام 1986 لـنـفـس الأسـبـاب وصـمـتـت الأصـوات آنـذاك بـسـبب ضـرورة الـتوازن النووي لدولـتـيـن تـدور بـيـنـهـمـا مـشـاكـل عـالـقـة حـول إقـلـيـم  الـبـنـجـاب  وغـيـرهـا ، ومـع كـل هـذه الـتـوترات  فـقـد أبـرمـت الـدولـتـيـن  عـام 1996 مـعـاهـدة عـدم اعـتـداء نـووي .
الـبرنـامـج الـنـووي الإيـرانـي :
تـمـتـلـك إيـران مـا لا يـقـل عـن سـتـة عـشـر مـفـاعـلا ً نـوويـا ً مـوزعـا ً عـلـى طـول الـبـلاد وعـرضـهـا ، ومـن أبـرزهـا ( نـاتـانـز  ، وآراك ،  وكـالاي ) وجـمـيـعـهـا تـعـمـل لأغـراض ( غـيـر عـسـكـرية ) كـمـا يـقـول المسؤولون الإيـرانـيـون وحـتى الـيـوم . والـمـدهـش فـي الـمـوضـوع أن إضـفـاء صـبـغـة الـسـريـة والكـتـمـان عـلـى تـلـك الأنـشـطـة يـجـعـل الـعـالـم والـبـلـدان الـمـجـاورة والإقـلـيـمـية فـي حـالـة ارتـيـاب دائـم ، وتـوتـر مـستـمـر ،  والـجـمـيـع يتساءل : لـمـاذا لا تـفـتح جـمـهـوريـة إيـران الإسـلامـيـة  أبـواب مـنـشـآتـهـا عـلـى مـصـراعـيـهـا أمـام مـفـتـشـي وكالة الـطـاقـة لـتـريـح الـعـالـم  وتـسـتـريـح . بـدلا مـن هـذا الـحـصـار والـعـقـوبـات التـي تـثقـل كـاهـل الـمـواطـن الإيـرانـي الـبـسـيـط .

وللإجـابـة عـلـى هـذا الـسـؤال : فالأمـر لـيـس بـهـذه الـعـفـويـة !
فـإيـران مـصـرة حـد الاسـتـمـاتـة عـلـى امـتـلاك أقـوى تـرسـانـة مـن الأسـلـحـة الـتـقـلـيـديـة وغـيرهـا فـي الـمـنـطـقـة ، ومـهـمـا كـلـفـهـا فـي سـبـيـل ذلـك الـهـدف الـكـثـيـر مـن التـضـحـيـات ... ولـسـبـب جـبـار : هـو أن نـخـبـة فـي دائـرة الـمـؤسـسـة الـديـنـيـة الـمـغـلـقـة  تـتـوفـر لـديـهـم قـنـاعـة لا تـرقـى إلـى الـشـك بـأن ظـهـور ( الـمـنـقـذ ) مـرهـون بـقـيـام حـرب عـالـمـيـة ثـالـثـة أحـد طـرفـيـهـا الإسـلام مـمـثـلا ً فـي إيـران ( الـفـئـة الـنـاجـيـة  ) !!!   
 والـمـنـقـذ فـي أدبـيـات ( الإمـامـيـة ) وهـي أكـبـر طـائـفـة مـن طـوائـف ( الـشـيـعـة ) هـو الإمـام الـثـانـي عـشـر والأخـيـر ( مـحـمـد ابن الـحـسـن الـعـسـكري )  مـن سـلالـة الـخـلـيـفـة عـلـي ابـن أبـي طـالـب ( رابـع الـخـلـفـاء الـراشـديـن ) وهـذا الإمـام الـذي غـاب عـن الأنـظـار فـترة مـن الـزمـن ثـم عـاد واخـتـفـى مـن جـديـد ، لـيـظـهـر فـي أخـر الـزمـان و ( يمـلأ الأرض عـدلا ً وقـســطـا ً  كـما مـلـئـت جـورا ً وظـلـمـا ) وهـذه قـنـاعـة متـواتـرة لـدى ( الـشـيـعـة الإمـامـيـة ) والـتـي يـعـززون صـدقـيـتـهـا مـن الـمـصـادر الـعـقـلـيـة والـنـقـلـيـة  ( راجـع الكـلـيـنـي ، والـطـبـرسـي ، والـطـوسـي والـمـحـقـق الـحـلـي ) وغـيـرهـم مـن مـراجـع وفـقـهـاء الـشـيـعـة ، كـمـا ويـسـتدلـون عـلـيـهـا فـي الآيـة  القـرآنيـة   ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) الآيـة الـخـامـسـة مـن سـورة القصص .
 والـذي يـتـابـع خـطـب ومـحـاضـرات الـرئـيـس أحـمـدي نـجـاد وبـقـيـة كـبـار المـسـؤولـيـن وأئـمـة الـجـوامـع وسـدنـة الأضـرحـة  ، سـيـلاحـظ  دون لـبـس تـأكـيدهـم عـلـى حـتـمـيـة ظـهـور صـاحـب الـزمـان ، وفـي هـذه الأيـام أكـثـر مـن أي وقـت ٍ مـضـى ، كـمـا يـصـرحـون فـي كـل الـمـنـاسـبـات ، والـمـلـفـت للانـتـبـاه أن تـسـريـبـات ( مـحـصـورة ) تـفـيـد بـأن هـنـاك مـن يـلـتـقـي مـع ( صـاحـب الـزمـان ) بـطـريـقـة مـا ويـتـلـقـى مـنـه الـتـوجـيـهـات ، وإن الأيـام التـي كـان يـعـتـكـف بـهـا ( آيـة الله الخـمـيـنـي ) فـي عـقـد الـثـمـانـيـنـات مـن القرن المـنـصرم كـانـت لـهـذا الـغـرض  .
إن أي مـحـاولـة مـن الـمـجـتـمـع الـدولـي لـثـنـي الـنـظـام الإيـرانـي عـن الـسـيـر فـي مـنـهـجـه الـمتـواصـل فـي صـنـاعـة الـسـلاح الـنـووي هـي مـحـض مـحـاولات لـيـس إلا ّ ! وإن الـعـقـوبـات الاقـتـصـاديـة والـسـيـاسـيـة الــتي تـفـرض عـلـيـهـا الآن والــتـي يـسـعـى الـغـرب وحـلـفـاؤه الإستراتـيجيون عـلـى تـشـديـدهـا لـن تـجـدي أي نـفـع ( لأسـبـاب سـنـنـاقـشـهـا في الحـلـقـات الـقـادمـة ) وتـأسـيسـا ً عـلـى مـا تـقـدم ومـع إصـرار الإيـرانـيــين  عـلـى أن بـرنـامـجـهـم الـنـووي ( خـط أحـمـر ) لا يـجـوز لأحـد الاقتراب مـنه ، تــتجـلـى الـصـورة وتــتـضـح أبـعـادهـا ، فـالـمجتـمـع الـدولـي الـذي يـخـشـى مـن أن تـقـع أسـلـحـة دمـار شـامـل بـيـد الـمـتـطـرفـيـن أو الإرهـابـيــين ويـنــتج عـنـهـا حـصـول كـارثـة إنـسـانـيـة لا يـعـلـم أحـد ٌ حـجـم هـولـهـا ومـداهـا ، أضـف إلـى ذلـك أن الـدولـة الـعـبـريـة تـصـرح وعـلـى لـسـان كـافـة مسؤوليها بـأنـهـم لـن يـنـتـظـروا حـتـى يـأتـي ذلك الـيـوم الـذي تـزيـلـهـم فـيـه إيـران أو غـيـرهـا مـن عـلـى الـخريـطـة . كـمـا وأن بـلـدان الـخـلـيـج الـتـي تـريـد إيـران فـرض أيدلوجياتها الـمـذهـبـيـة وطـمـوحـاتـهـا الـتـوسـعـيـة ، لـن يـسـعـدهـا مـطـلـقـا ً أن تـرى فـي الـسـاحـل الـمـقـابـل لـشـواطـئـهـا بـعـبـعـا ً مـخـيـفـا ً ومـرعـبـا ً يـتـربـص بـدولـهـا ويـزحـف عـلـى أراضـيـهـا ، ولـهـم تـجـربـة قـاسـيـة ومـريـرة مـع نـظـام الـرئـيـس الـراحـل ( صـدام حـسـيـن )
 ومـن هـذه الـمـنـطـلـقـات والـثـوابـت يـتـحـدد إطـار الـرؤيـة الـواضـحـة بـأبـعـادهـا الـحـقـيـقــية  فـي أن بـوادر الـحـرب حـتـمـية وأنـهـا قـادمـة لا مـحـال ، وإن تـوقـيتـهـا وسـاعـة الـصـفـر هـي ّ بـيـد الـكـبـار .

•    كـاتـب وصـحـفـي عـراقـي / بـغـداد

Share |