الامام الشهيد محمد باقر الصدر مؤسس نظرية الحوار الفكري والعقائدي !! -عبدالامير الخرسان- فنلنده

Sun, 15 Apr 2012 الساعة : 13:17

(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) .
بمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لاستشهاد الامام محمد باقرا لصدر وأخته العلوية الطاهرة بنت الهدى (رضوان الله عليهم جميعا) أعزيكم بخالص العزاء وأواسيكم كأعظم ما تكون المواساة وألتمس لكم من الله الصبر والسلوان بهذا المصاب الجلل والرزء العظيم فانا لله وإنا اليه راجعون .
ان السيد الشهيد الصدر لم يكن غائبا عنّا لأنه يعيش بقلوبنا حبا وأملا وعاطفة وفي عقولنا فكرا وعقيدة ونظاما وفي أرواحنا عرفانية وروحانية وسموا وفي انسانيتنا أدبا وخلقا واستقامة وفي جهادنا ثورة وانتفاضة وشهادة وفي حياتنا حقا وصدقا وعدلا . ان السيد الشهيد لم يغيب عنا لأنه لازال رائدنا وفقيهنا ومرشدنا ومربينا من خلال مالمسناه في حياته وهو يعلمنا القيم الروحية والمعنوية والمثالية ويصوغ واقعنا بالأمل والعمل والتحدي والنصر اضافة الى تنمية ذلك الواقع الصعب والنهوض به وفك الاغلال والقيود التي كبلته ورفع المحن والأسى عن كاهله والقضاء على الطاغوت الجاثم على أرض العراق الحبيب يهجّر ويدمّر ويقتل بوحشية وبربرية بلا رحمة ولا انسانية .
لقد ملأ المرحلة بالفكر والعلم والإنسانية والجهاد وعمّق العلاقة بين افراد الشعب من خلال ثقافة الاصلاح والمعروف والخير الذي غرسه في الواقع آنذاك الذي أعطى ثماره في الماضي والحاضر والمستقبل .
لقد رسّخ السيد الشهيد (رض) مبدأ الاخلاص والقربة الى الله في العمل باعتبار الفوائد المترتبة من العمل هي رضا الله سبحانه اولا وقبل كل شيء عندما قال (يجب علينا ان لا نجعل مقياس سعادة العامل في عمله هو المكاسب والفوائد التي تنجم من هذا العمل وإنما رضا الله سبحانه وحقانية العمل ( هما المقياس ) وحينئذ سنكون سعداء سواء أثّر عملنا أم لم يؤثر سواء قدّر الناس عملنا ام لم يقدّر سواء رمونا باللعن او بالحجارة . ) . أراد السيد الشهيد الصدر(رض) من كل عامل مخلص لله سواء كان عالما عاملا مخلصا او مثقفا او كاسبا ان لا ينظر الى الفوائد المادية كأجور العمل وإنما ينظر الى اتقان العمل والإخلاص في العمل مع رضا الله عن هذا العمل مما يجعل الانسان سعيدا مطمئنا لما يقدمه للإنسانية والبشرية من منافع وفوائد تلبي طموحها ورقيها وسعادتها .
ان السيد الشهيد (رض) جذّر في واقعنا ونفوسنا حب الله والابتعاد عن حب الدنيا باعتباره رأس كل خطيئة عندما قال ( ان حب الدنيا هو الذي يفرغ الصلاة من معناها ويفرغ الصيام من معناه ويفرغ كل عبادة من معناها ) .
نحن نجتمع من أجل اظهار القيم الالهية والإنسانية التي غرسها السيد الشهيد الصدر في كياننا وشخصيتنا للأجيال وتربيتهم عليها لأنها تمثّل مبادئنا السامية وعقيدتنا الحقّة ومفاهيمنا الاسلامية خصوصا ونحن نعيش في الغربة والبعد عن الوطن والمجتمع الذي يحتضنهم ويربيهم ويعلمهم ثقافتنا وأعرافنا وأخلاقنا الاسلامية الكريمة والفاضلة .
لقد اشتهر السيد بغزارة العلم وقوة المنطق وعظمة الحكمة ومنتهى الحلم والزهد والتواضع والصبر والورع والتقوى ووطّن نفسه على الاشتغال بالبحث والدرس والفقه والأصول والتأليف حتى صنّف ألوان الكتب في مختلف مجالات الحياة العلمية والاقتصادية والفلسفية والسياسية والاجتماعية والحوزوية .
لقد انطلق السيد الشهيد الصدر مع العلم والحوزة والعلماء ليس طالب للعلم فقط بل رائد العلم وفقيه العلماء وأستاذ الفقهاء وأعظم المراجع والمرشد في المؤسسة الرشيدة التي اسسها للحوزة العلمية وأراد للحوزة ان تكون حوزة المؤسسات والاختصاص وهذه النقلة النوعية من لدن السيد الشهيد الصدر(رض) انطلقت منذ بداية شبابه وأول مسيرته في الحوزة لأنه أراد للحوزة العلمية ان تكون المدينة الفاضلة التي ترتكز على النظام والمنهج والتشريع ليزرع البذرة الأولى في المجتمع الاسلامي ويجعلها أول الطريق لتأسيس الحكومة الاسلامية القائمة على أساس الاسلام والنظام والأخلاق والورع والتقوى الذي يتخلق به اصحاب النفوذ والمسئولية ورجال الدولة , كما هي حكومة رسول الله (ص) وحكومة أمير المؤمنين علي (ع) القائمة على أساس نظام الاسلام والعدل والمساواة والعمل الدءوب وخدمة المجتمع كما أمر الله سبحانه وأراد للناس ان يعيشوا سواسية في حياتهم لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلاّ بالتقوى . لا يعوزهم شيء ولا يصيبهم فقر او فاقة .
أراد السيد الشهيد الصدر (رض) للعلماء والحوزة العلمية ان تعيش هموم الناس وآلامهم وتعالج قضاياهم المصيرية سواء الدينية او الدنيوية , وأن تنظر للجميع بعين الاحترام والإجلال وان تعيش بلا فاصل يفصلها عن المجتمع سوى العلم والفضيلة والخلق الحسن يدارون به الناس ويعلّمونه لهم ليلتزمون نهجا ونظاما .
لقد أكّد السيد الشهيد الصدر (رض) مبدأ الحوار وأسّس قواعد الحوار الفكري والعقائدي والإنساني الذي انطلق منه وجعله نظاما في حياتنا أولا وإصلاح الملحدين والمشككين ليؤمنوا ثانيا ومنهج للمؤمنين ليعززوا ايمانهم بالعمل الصالح وتبليغ رسالة الله بالتي هي أحسن لينتفع بهم المجتمع كله .
لقد كان السيد الشهيد حريص على وحدة المجتمع والوطن والأمة الاسلامية بكل أديانها وطوائفها من خلال ما كتبه وأوصى به الشعب ان يكونوا يدا واحدة وفكرا واحدا ضد الظلم والجبروت .
لقد كان السيد الشهيد يستقرئ الاحداث في العراق وما وصل اليه الشارع العراقي من الانهيار أمام جبروت الطواغيت ودول الاستكبار في القضاء على الاسلام ورجال الاسلام والفكر, فرأى لابد من معالجة الأمر والوقوف أمام جبروتهم وتحدياتهم فجنّد كل طاقاته الفكرية والسياسية والاقتصادية وأطلق العنان لفكره وقلمه أولا ليفضحهم ويفضح أفعالهم وأطماعهم ونياتهم التخريبية المكشوفة وبعد ذلك خرج شاهرا سيف الجهاد والمواجهة أمام وجوههم العاتية ليردهم عن كيدهم وبغيهم وضلالهم وطردهم من الوطن الحبيب , لكن المعركة كانت غير متكافئة كما كانت معركة جده الحسين (ع) مع طواغيت عصره فاستشهد هو وجميع أنصاره مع أخته العلوية الزينبية بنت الهدى . رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته وحشرهم مع النبي وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين .
14 - 4- 2012 عبدالامير الخرسان
ألقيت هذه الكلمة في المهرجان السنوي الذي أقامه حزب الدعوة الاسلامية في توركو - فنلندا يوم 14-4-2012
 

 

Share |