جبال كردستان بين الأمس واليوم -أبوهدى الشطري
Fri, 13 Apr 2012 الساعة : 23:02

لابد لأي متتبع لمجرى الأحداث في عراق مابعد الطاغية أن يكون واضحا في تحديد مسار المسؤولية عن هذا الفعل أو ذاك..
فالتعميم في الأحكام أحد وسائل خلط الأوراق أو شكل من مسالك الهروب من ساحة المواجهة..ونحن هنا لا نريد أن نكون كغيرنا..فمسعود البر زاني لا يمكننا القول أنه ينطق عن لسان كل أبناء شعبنا في كردستان رغم هيمنته الواضحة ورغم تسلطه وإمساكه بأغلب مفاصل الإقليم والأجهزة الفاعلة فيه..
كما لا يخفى على من يتابع الأحداث أن هذا الرجل يحكم الإقليم منذ أكثر من عشرين سنة وهو لا يختلف عن أي طامح في البقاء على كرسي الزعامة حتى يأذن الله بأخذ أمانته..وهو يعتمد في تقوية نفوذه اليوم على ستراتيجية واضحة تعتمد على ركيزة واحدة((أن تظل بغداد ضعيفة))..
ولأن الدولة بعاصمتها..
فكلما كانت العاصمة ضعيفة كانت الفرصة مواتية لمسعود ومن يدور في فلكه أن يأخذ أكثر مما يستحق وأكبر مما يحدده القانون..
ومن هنا نفهم لماذا أراد مسعود أن يعقد المؤتمر الوطني في أربيل..ولماذا أراد للقمة العربية أن تكون في أربيل..ولماذا يحاول دائما أن يطرح أربيل كبديل عن العاصمة بغداد..وسيظل يحاول دائما أن يلعب على كل الحبال التي من شأنها أن تجرد بغداد من قوتها وتجعل من أربيل عاصمة غير معلنة للعراق والغريب أنه حينما ترفض بغداد الهرولة إلى أربيل تثور ثائرته وينتفض كأنه مفترس هائج يصرح كيف يشاء ويتهم كيف يشاء ويهدد بالانفصال ولا يقف عند الحدود المسموح بها في مسيرة بناء الدولة الديمقراطية..
فالاختلاف والتنوع سنة كونية وهي حالة لا تستفز إلا من لا يعترف بالأخر ولا يرى إلا ذاتيته وأفضليته..والديمقراطية منهج يراد منه تقعيد ثقافة الاختلاف وإدارة المواقف المتقاطعة..
وفيما يبدو أن السيد البرزاني لا تعجبه هذه التعددية لأنه يعتقد أنه الأوحد وأنه الأجدر وأنه الأقوى وأنه....
إنني وكمتابع متواضع أتمنى على السيد البر زاني أن لا يذهب بعيدا..وأن لا يردد ذات الأسطوانة المشروخة والحديث غير المسموع عن الدكتاتورية والتهميش والإقصاء..
وأن لا يعتقد أن إخواننا الكورد يوافقونه في مواقفه وتصريحاته النارية..بل عليه أن يعتقد أنه قد أساء كثيرا إلى تاريخ شعبنا في كردستان وتضحياته الجسام التي قدمها طلبا في الحرية والكرامة حينما جعل من كردستان ملاذا أمنا للهاربين من سلطة القانون وأعطى شرعية لمن فقد شرعيته وتصور أنه بذلك سيكون بطلا قوميا..متناسيا أن جبال كردستان يجب أن لا تكون إلا ملاذا للمجاهدين والمناضلين والمقاومين الذين اختلطت دماءهم العربية والكردية وهم يقفون بوجه طاغية العراق لأكثر من ثلاثة عقود مقتسمين رغيف الخبز ومشتركين في المحنة والمعاناة متناسين كل عناوينهم وألقابهم..
إن القوى الكردية الخيرة والواعية والوطنية لا تصفق لك ياأستاذ مسعود..
كما أن الخيرين من أبناء العراق لايرغبون الا في عراق موحد قوي له موقع يليق به وبتاريخه وحاضره ولا يرغبون في بغداد إلا قوية ودارا للسلام وقبلة تؤمها أنظارالعرب والمسلمين..
وما يصدر منك بين فترة وأخرى لا تنال من كبرياء الوطنيين ولا تفت في عضدهم لأنها لا تمثل بالنسبة لهم إلا طنينا مزعجا قد يشغلهم عن بعض الهموم ولكنه لا يوقف مسيرتهم نحو العلى في عراق تحكمه العدالة المنشودة وتسوده كرامة الإنسان ولا يحتكم إلا للدستور وللدستور فقط وما تحلم به لن تطاله ولن تناله وان غدا لناظره قريب.