ثنائية العلامات والشروط والتمهيد للظهور- رشيد السراي- النجف

Fri, 13 Apr 2012 الساعة : 21:51

في العلامات أنا منتظِر وفي الشروط أنا منتظَر
ثنائية العلامات والشروط والتمهيد للظهور
الظهور المبارك مشروط ومعلم ، مشروط بشروط لا يتحقق إلا بها ومعها ، ومعلم بعلامات قد تسبقه وتدل عليه.
فما الهدف التربوي من هذه الثنائية؟
إذا تكلمنا عن العلامة ، فالعلامة هي إشارة لقرب حدث ما أو حدوثه فعلاً لهذا يمكن القول بتصنيفها إلى علامات بعيدة في حالة كون الفاصل الزمني بينها وبين الحدث بعيداً ، وعلامات قريبة في حالة كون الفاصل الزمني قريب ،وعلامات حدوث الحدث أو صحة حدوثه عندما لا يكون هناك فاصل زمني بين العلامة والحدث أو ككون العلامة تأتي لاحقاً لإثبات المصداقية.

إذا نظرنا إلى علامات الظهور نجد أنها:

1-إشارات قريبة أو بعيدة أو مصاحبة.
2-قد تتخلف وقد تختلف ، قد تتخلف لأنها معرضة للبداء-يستثنى من ذلك العلامات الحتمية- دون أن يكون لذلك اثر سلبي على الظهور نفسه ، وقد تختلف ويختلف فهمها من زمن لآخر.
3-من ناحية القوة الدليلية إن صح التعبير فهي متفاوتة وليست بنسق واحد ، فبعضها جاءنا بدليل معتبر ، وبعضها ليس كذلك ، وبعضها الآخر بين هذا وذاك.
4-جاءت مرمزة بلغة تجعلها قابلة للانطباق بنسب مختلفة على مصاديق مختلفة بالنظرة الأولية على الأقل.

وإذا تكلمنا عن الشرط ، فكما يقولون المشروط –وهو الظهور المبارك هنا- رهن بتحقق شرطه ، أي انه لا يمكن تصور تحقق المشروط قبل تحقق الشرط ، فالشرط مقدمة وليس إشارة.
ويمكن باعتبار معين تصنيف الشروط بنفس أسلوب تصنيف العلامات ، أي شرط بعيد وشرط قريب وشرط مصاحب.

وإذا نظرنا إلى شروط الظهور نجد أنها:
1-بعضها شروط واضحة الدلالة وبعضها يتطلب بحثاً واستنتاجاً.
2-قد تختلف الآراء بتحقق هذا الشرط أو ذاك من عدمه اختلافاً كبيراً.
3-الشرط لا يتخلف ولا يختلف.
4-الظهور المبارك مرهون بتحقق جميع الشروط.

بالنسبة لي أنا كمكلف ما هو تكليفي تجاه العلامات وتجاه الشروط؟

بالنسبة للعلامات يمكن القول أن:

1-في العلامة المكلف ليس له مدخلية في تحقق العلامة لذا قلنا في العلامات أنا منتظِر –بكسر الظاء- أي أن تكليفي أن انتظر تحقق العلامة –مع الانتباه لما ذكرنا سابقاً-بتعبير آخر أنا كمكلف لا اصنع العلامة بل انتظرها.
2-العلامة إشارة للتوقيت لقرب الحدث أو للتنبيه على الأهمية.
3-العلامة إشارة لي فالبحث عنها أمر مطلوب ولكن ضمن سياق كونها علامة لا شرط.

أما بالنسبة للشروط فيمكن القول أن:

1-في الشرط المكلف له مدخلية في التحقق من عدمه-ليس في كل الشروط على نحو الإطلاق وليست كلها بنفس النسبة- لذا قلنا في الشرط أنا منتظَر-بفتح الظاء-أي أن تكليفي أن اصنع الشرط أو أهيئه أو أساهم في تحقيقه أو لنقل بتعبير آخر أنا مسئول بشكل من الأشكال عن تحقيق الجزء المتعلق بي من الشرط.
2-الشرط مقدمة للتحقق وليس إشارة.
3-تحقق الشرط ليس أمراً مرئياً وإنما آثاره هي المرئية أي أني لا اجزم بتحقق الشرط إلا بعد تحقق المشروط فلا علامية في الشروط من هذه الناحية.

من الناحية التربوية كيف يمكن الاستفادة من العلامات والشروط وهي بهذه المواصفات؟

بالنسبة للعلامات:

1-العلامة كما قلنا إشارة والإشارة بغض النظر عن تحققها فعلاً من عدمه يُراد منها التنبيه على حدث مهم ربما لولا الإشارة له لغفل الناس أو تغافلوا عنه.
2-العلامة لم تقيد بقيد المشروطية أي إنها لم ترتقي إلى مستوى بحيث تكون علة للظهور.
3-العلامة مرمزة كما قلنا وغير واضحة الدلالة بشكل قطعي وقابلة للانطباق على مصاديق متعددة ربما ودون الخوض في تفاصيل مصداقية الانطباق من عدمه وكيف يمكن فهم العلامة نقول إن في هذه المسألة-أي الترميز- أهداف تربوية كثيرة منها:
أ-الترميز مدعاة للاهتمام والبحث.
ب-الترميز مدعاة للترقب والقلق ، فالقلق دائم من التحقق أو عدمه سواء لنا نحن المحبين لأهل البيت عليه السلام المنتحلين ولاءهم أو لأعداء أهل البيت ، فالمحب يبقى في قلق وشوق والمبغض يبقى في قلق وخوف ، مع الفارق إن قلق المحب ايجابي وقلق المبغض سلبي.
ج-الترميز اختبار للصبر والمتابعة.

4-الانطباق على أكثر من مصداق بالنسبة للعلامة كما قد يكون موهوماً –وذلك هو الغالب-فقد يكون بمستوى ما صحيحاً ، أي يمكن القبول بمستوى ما بتعدد مصاديق العلامة واعتبار ذلك أمراً ايجابياً ، ولعل البعض قد يقول كيف يمكن ذلك؟ ألا يُعد ذلك طعن في مصداقية العلامة؟ إذ إن انطباقها على أكثر من مصداق يعني انتفاء علاميتها أصلاً والعلامة يجب أن يكون لها مصداق حقيقي واحد.
ولجواب ذلك نقول:
أ-إن تعدد المصداق لا ينفي المصداقية باعتبار إن كل مصداق هو علامة لمستوى معين من الظهور كلُ بحسبه.
ب-إن تعدد المصداق لبعض العلامات على الأقل ناتج من كون تلك العلامة تشير إلى سنة تاريخية قابلة للتكرار.
ج-إن تعدد المصداق ناتج عن تعدد مستوى الفهم والتكامل سواء للفرد أو للمجتمع فما يكون مصداقاً صحيحاً في مستوى تكاملي ما يكون مصداقاً خاطئاً في مستوى آخر.

5-العلامة تربط الأمة بشكل مستمر بالحدث الذي تعلم له أو تؤشر لقربه أو لحدوثه.

أما بالنسبة للشروط:

1-إن كون الشروط-أو بعضها على الأقل- مرهونة بسعي الفرد والأمة للوصول لمستوى تكاملي معين فيه من الكثير من العبر.
2-في ربط الفرد بتحقق الشروط بيان لأهمية دور الفرد في تحقق هذا الهدف العظيم ،فإذا ما علمت أنا الفرد البسيط انه ممكن أن يكون لي دور في تحقق شروط هذا الهدف العظيم فان ذلك سيكون مدعاة لي للسعي والنشاط وباعث للأمل في نفسي.
3-وان كان تحقق الشروط مرتبطاً بسعي الفرد والأمة للوصول لمستوى استعداد معين إلا أن ذلك ليس على نحو الانطباق على فرد أو امة بعينها دون سواها ، فان سعى الفرد أو سعت الأمة لتوفير مقدمات الظهور المبارك فبها ونعمت وان توانى الفرد أو توانت الأمة فالرد "إن تتولوا يستبدل الله قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم"

محاذير في فهم العلامات والشروط والتعامل معهما:

كما إن في العلامات والشروط دروس تربوية كبيرة ، كذلك هناك أمور ينبغي الالتفات لها والحذر منها عند التعامل مع هذا الموضوع منها:

1-أن نضع العلامة مع العلامات والشرط مع الشروط أي لا نمزج بين الاثنين فلكل منهما وظيفته رغم إن الشروط هي الأهم وهي التي ينبغي أن تكون محط اهتمامنا أكثر من العلامات.
2-أن ننظر لكون العلامة إشارة كما قلنا قد تتخلف وقد تختلف-كما قلنا سابقاً يستثنى من ذلك العلامات الحتمية- فلا أضعها في خانة الإهمال ولا أضعها في مكانة اكبر من مكانتها.
3-حتى لو ظهرت مصاديق اغلب العلامات وفقاً لرؤية معينة فليس ذلك مبرراً للجزم بقرب الظهور-على نحو حدوثه في حياة المستمع-أو مبرراً للتوقيت له.
4-الرمزية الموجودة في العلامات رمزية مغرية للباحث بغض النظر عن كونه مؤهلاً للبحث أم لا ، فينبغي الحذر من الأبحاث والكتب والمقالات والآراء التي تتحدث عن تفسير هذه العلامات لان أصحابها غالباً ما يقعون في شرك الوهم أو تسلسل الاستنتاجات.
5-إن الحديث عن تحقق هذه العلامة أو تلك مدعاة لتهييج الآخر وحثه على الاستعداد لمواجهة الظهور المبارك فينبغي الحديث عن هذا الموضوع بعيداً عن الأضواء.
6-إن السعي لتحقيق الشرط مطلوب من الفرد والأمة في كل حين بغض النظر عن تحقق الظهور في زمن هذا الفرد أو هذه الأمة من عدمه ، أولاً لان الظهور فيه مستويات لا نريد الخوض في تفاصيلها حالياً ، وثانياً لان الزمن ليس حاجزاً عن المشاركة في هذا الحدث المهم أطلاقاً ، وثالثاً لان الاستعداد للظهور هو الكون على حالة الاستقامة وهو أمر مطلوب مع الظهور أو بدونه.
7-بعض الشروط أسيء فهمها كظهور الفساد وانتشاره وفقدان الأمل بالحل الأرضي فإذا كان دوري كمكلف أن أسعى لتحقيق الشروط فهل دوري أن أسعى لنشر الفساد –والعياذ بالله-ولتوضيح فهمها نقول:
أ-إن هذه الأمور إن صح تسميتها شروط فهي مما يمكن تسميته بالشروط السلبية وما تحدثنا عنه سابقاً من كون الفرد يجب أن يسعى لتحقيق الشروط كنا نقصد به الشروط الايجابية لا الشروط السلبية ، والفرق بينهما إن الايجابية رهن بتحرك بعض الأفراد والأمم ووصولهم إلى مستوى الاستعداد الايجابي فهي على نحو التكليف ، أما السلبية فهي رهن بترك التكليف من قبل بعض الأفراد والأمم ، فهي ليست تكليفاً حتى يسعى البعض لتحقيقها تمهيداً للظهور كما يدعي!!!
ب-انه وان كان لا يمكن القول بنفي الشروط التي أسميناها سلبية إلا انه يمكن القول أنها لم تذكر على نحو الشرطية للظهور المبارك وإنما ذُكرت على نحو التوصيف للحالة التي تسبق أو ترافق الظهور.
ج-حتى لو اعتبرنا هذه الأمور شروط وبدونها لن يكون هناك ظهور فانه لم يرد تكليف بالسعي لتحقيقها وهذا أمر منطقي لان ورود التكليف بذلك خلاف العقل والشرع.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

5/2/2012

Share |