مقتطفات من حياة السيد الشهيد محمد باقر الصدر - أبــــــو الحــــسن الخـــــفاجي-الغراف
Thu, 12 Apr 2012 الساعة : 11:59

رسالة صدام لعنه الله وجواب السيد الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه
والده السيد الجليل حيدر الصدر، ولد فى سامراء 1309 هـ ، و كان من كبار مراجع الدين آنذاك ، و قد عاش زهـدا، حتى أن عائلته قد أمضت ليلتها يوم وفاته بدون عشاء، توفى رحمه الله عليه في سنه 1359 هـ'. ق في مدينة الكاظمية المقدسة و له ثلاثة أولاد : السيد إسماعيل ، السيد محمد باقر، و السيدة آمنه المعروفة (بنت الهدى).
والدته الكريمة حفيدة آية الله الشيخ محمد حسن آل ياسين ، و بنت آية الله الشيخ عبد الحسين آل ياسين و أخت كل من آية الله العظمى الشيخ محمد رضا آل ياسين ، و آية الله الشيخ مرتضى آل ياسين و العالم المجاهد الشيخ راضى آل ياسين .
ولد السيد الشهيد في الخامس و العشرون من شهر ذي القعدة الحرام لسنه 1353 هـ'. ق (المصادف 2/3/1933 م ) في مدينه ألكاظميه المقدسة ، و قد حرم من فيض الابوه و هو في طفولته المبكرة ، لذا نشاء وترعرع تحت رعاية أخيه الأكبر و عناية والدته المكرمة .
في سنه 1378 هـ' .ق (1958 م ) أنهى السيد الشهيد جميع مراحل دراسته الحوزوية و كان قد بلغ الخامسة و العشرين من عمره الشريف . و بعد سنه واحده شرع بتدريس (خارج الأصول ) الذي يعبر عن أعلى مراحل التدريس في الحوزة العلمية وتزوج (رضوان الله تعالى عليه ) بنت عمه (أخت كل من الأمام السيد موسى الصدر و آية الله السيد رضا الصدر، و هي بنت آية الله العظمى السيد صدر الدين الصدر) و كان ثمره هذا الزواج المبارك خمسه أولاد: ابن واحد (السيد جعفر) و أربع بنات ; ثلاث منهن تزوجن ثلاثة من أبناء المرجع الشهيد السيد محمد صادق الصدر، و قد نالت اثنتان منهن شرف الشهادة مع زوجيهما (السيدان مصطفى و مؤمل ) برفقه و والدهما السيد محمد الصدر قبل عامين على أيدي جلاوزة النظام الأسود في العراق .
O أهم نشاطاته :
1- زاول التدريس في أعلى المراحل العلمية في حوزة النجف الاشرف العلمية لمده تجاوزت العشرين سنه .
2. أثرى (جماعه العلماء فى النجف الاشرف ) بالعطاء الفكري و العلمي عبر مجله (الأضواء) و غيرها من المنشورات الأخرى الصادرة عن جماعه العلماء.
3- أثرى كليتي أصول الدين ، والفقه بالعطاء الفكري و العلمي .
4- صمم اطروحه جديدة للمرجعية الشيعية فى العالم الإسلامي و اسماها (المرجعية الموضوعية).
5- ترك تراثا قيما تجسد فى عشرات المولفات القيمة في حقول : الاقتصاد و الفلسفة و المنطق و علم الأصول و علم الفقه و أصول العقائد و غيرها.
6- اتخذ المواقف الفكرية و السياسية العظيمة و السامية في الدفاع عن الجمهورية الإسلامية في إيران ، و رعاية للاختصار سنشير إلى بعض مواقفه الشجاعة فى الدفاع عن الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه )، و الثورة الإسلامية ، فى وقت كان الخوف و الذعر من جلاوزه البعث العراقي يخيمان على حوزة النجف الاشرف بحيث لم يكن هناك أي متنفس يذكر.
1) أصر على تلامذته و مقربيه حضور درس الإمام الخميني الراحل ; في النجف الاشرف .
2) قام بزيارة الإمام الخميني ; في منزله في ذالك الجو الإرهابي .
3) ابرق رسالة مفصله إلى الإمام الخميني ; سنه 1357 ه' .ق عند إقامته فى باريس .
4) عطل درسه و اخذ يكرس وقته وجهده و خطابه و قلمه لصالح الثورة الاسلاميه المباركة في وقت كان السكوت يخيم على أجواء الحوزة العلمية .
5) دعى أنصاره و مؤيديه الى التظاهر و الخروج في مسيرة مسانده للثورة الاسلاميه حيث رفعوا فيها صور الإمام الخميني
6) كتب رسالة إلى تلاميذه و طلابه الذين كانوا قد هجروا إلى إيران ، و أمرهم فيها بالالتفاف حول قياده الإمام الخميني و بذل كل طاقاتهم لخدمه الثورة الاسلاميه و حمايتها.
7) في الوقت الذي كانت فيه بعض الأيادي تعمل على زرع الفتنه و الفرقة بين عرب خوزستان و الحكومة الإسلامية ، بعث السيد الصدر برسالة مهمة حثهم فيها على أتباع قياده الأمام الخميني.
8) شخص السيد الشهيد الصدر خطر وجود المجموعات المنحرفة عن الثورة الاسلاميه منذ انتصارها، لذا عمد لتثبيت أسس الثورة عقائديا و فكريا من خلال تدريس دوره مركزه تحت عنوان (الإسلام يقود الحياة ) و قد صدرت منها ستة أجزاء، و للأسف حال اغتياله و استشهاده في سبيل الله دون أتمام المشروع .
9) راسل الأمام الراحل بعد عودته إلى إيران .
10) أقام حفلا تأبينيا للمرحوم الشهيد آية الله الشيخ مرتضى المطهري .
O اعتقالات السيد الشهيد الصدر:
الاعتقال الأول : في أواخر رجب 1392 هـ'. ق الاعتقال الثاني . في صفر 1397 هـ'. ق اثر انتفاضة الشعب العراقي في صفر. الاعتقال الثالث . في 17 رجب 1399 ه'. ق الذي كان سببا في انتفاضة الشعب العراقي في رجب ; الاعتقال الرابع . و أخيرا بعد عده محاولات فاشلة لاغتياله ، اعتقل السيد الشهيد فى الساعة الثانية و النصف من بعد ظهر يوم السبت الخامس من نيسان 1980 م (الموافق 19 جمادى الأولى 1400 ه'. ق ) و فى مساء اليوم الثامن من نيسان 1980 م حوالي الساعة العاشرة ليلا انقطع التيار الكهربائي في النجف ، و في منتصف تلك الليلة استدعت قوى الأمن آية الله السيد محمد صادق الصدر ابن عم السيد الشهيد (و والد المرجع الشهيد السيد محمد الصدر) و سلمته الجثمانين الطاهرين (للسيد الشهيد و أخته المظلومة ) و هما مخضبان بدمائهما الزكية ، و كانت آثار التعذيب واضحة في رأسيهما و وجهيهما المباركين ، و بعد أقامة الصلاة عليهما دفنا في نفس الليلة فى مقبرة وادي السلام في النجف الاشرف .
و طوال مسيرة السيد الصدر الجهادية كانت أخته العالمة المظلومة العضد الأقوى له .
O تعريف أجمالي لأثار السيد الشهيد العلمية :
أن السيد الشهيد كأي عالم كبير، قد ذهبت معه أفكاره السامية و لم تسنح الفرصة و الظروف لإظهارها كما ينبغي ; و لا ريب ان فقدان السيد الشهيد محمد باقر الصدر يستحق الأسى و الحزن المضاعف و ذلك لأنه نال درجة الشهادة الرفيعة في سن لم يتجاوز السابعة والأربعين عاما، و أكثر من هذا ان بعض آثاره قد سرقها الجلادون البعثيون ، منها:
كتاب كان قد ألفه ; فى تحليل الفكر البشرى حول فلسفة المعرفة ، و مدونات قيمه أخرى .
O أهم خصائص مدرسة الشهيد السيد محمد باقر الصدر العلمية :
1. الشمول و الموسوعية . 2. الاستيعاب و الإحاطة للموضوعات المنظورة للبحث . 3. و الإبداع والتجديد.
4. المنهجية و التنسيق . 5. النزعة المنطقية و الوجدانية .
O أهم مؤلفاته :
1- اقتصادنا، في مجلدين . 2- فلسفتنا، الذي يتناول فلسفه المعرفة ، و فلسفه الوجود.
3- الأسس المنطقية للاستقراء، و هو أطروحة جديدة في فلسفة المعرفة و حل لمشكله الاستقراء الفلسفية .
4- دروس في علم الأصول ، في أربعة مجلدات ، يتضمن منهجا دراسيا لثلاثة مراحل علميه في تعليم علم الأصول .
5- بحوث في شرح العروة الوثقى ، أربعة مجلدات تتضمن جمله من بحوثه الفقهية الاستدلالية .
رسالتان متبادلتان بين الشهيد السعيد الإمام محمد باقر الصدر (قد) والطاغية الذليل صدام، تم تبادلهما في آذار 1980 أي قبل شهر من إعدام الشهيد حيث تلقى السيد الشهيد محمد باقر الصدر في سجنه رسالة من الطاغية المقبور .
نص رسالة الطاغية صدام:
لعلك تعلم ان مبادئ حزبنا منبثقة عن روح الإسلام وان شعاراتنا التي نطرحها هي شعارات ذلك الدين السمح لكن بلغة العصر . وان الذي نريد تطبيقه على واقع الحياة في وقتنا هذا هو أحكام الشريعة الغراء ولكن بلون متطور رائد يلائم هذه الحياة الصاعدة . واننا نحب علماء الإسلام وندعمهم ما داموا لا يتدخلون في ما لا يعنيهم من شؤون السياسة والدولة ولا ندري بعد ذلك لماذا حرّمتم حزبنا على الناس؟ ولماذا دعوتم الى القيام ضدنا؟ ولماذا أيدتم أعداءنا في إيران؟ وقد أنذرناكم ونصحنا لكم واعذرنا إليكم في هذه الأمور جميعاً غير إنكم أبيتم وأصررتم ورفضتم الا طريق العناد مما يجعل قيادة هذه الثورة تشعر بأنكم خصمها العنيد وعدوها اللدود وأنتم تعرفون ما موقفها ممن يناصبها العداء وحكمه في قانونها. وقد اقترحت رأفة بكم ان نعرض عليكم أمورا ان أنتم نزلتم على رأينا فيها أمنتم حكم القانون وكان لكم ما تحبون من المكانة العظيمة والجاه الكبير والمنزلة الرفيعة لدى الدولة ومسؤوليها تُقضى بها كل حاجاتكم وتُلبى كل رغباتكم، وان أبيتم كان ما قد تعلمون من حكمها نافذاً فيكم سارياً عليكم مهما كانت الأحوال وأمورنا التي نختار منها ثلاثة لا يكلفكم تنفيذها اكثر من سطور قليلة يخطها قلمكم لتنشر في الصحف الرسمية وحديث تلفزيوني جواباً على تلك الاقتراحات لتعودوا بعد ذلك مكرمين معززين من حيث أنتم أتيتم لتروا من بعدها من فنون التعظيم والتكريم ما لم تره عيونكم وما لم يخطر على بالكم. - أول تلك الأمور هو ان تعلنوا عن تأييدكم ورضاكم عن الحزب القائد وثورته المظفرة. - ثانيهما ان تعلنوا تنازلكم عن التدخل في الشؤون السياسية وتعترفوا بأن الإسلام لا ربط له بشؤون الدولة. - ثالثهما ان تعلنوا تنازلكم عن تأييد الحكومة القائمة في ايران وتظهروا تأييدكم لموقف العراق منها. وهذه الأمور كما ترون يسيرة التنفيذ، كثيرة الاثر، جمة النفع لكم من قبلنا، فلا تضيعوا هذه الفرصة التي بذلتها رحمة الثورة لكم.
رئيس مجلس قيادة الثورة / صدام حسين
نص جواب الشهيد السعيد محمد باقر الصدر (قد):
لقد كنت احسب أنكم تعقلون القول وتتعقلون، فيقل عزمكم إلزام الحجة، ويقهر غلواءكم وضوح البرهان، فقد وعظتكم بالمواعظ الشافية أرجو صلاحكم، وكاشفتكم من صادق النصح ما فيه فلاحكم، وأبنت لكم من امثلات الله ما هو حسبكم، زاجراً لكم لو كنتم تخافون المعاد، ونشرت لكم من مكنون علمي ما يبلو غلوتكم لو كنتم إلى الحقيقة ظمأ، ويشفي سقمكم لو كنتم تعلمون إنكم مرضى ضلال، ويحييكم بعد موتكم لو كنتم تشعرون إنكم صرعى غواية، حتى حصحص أمركم وصرح مكنونكم، أضل سبيلاً من الأنعام السائبة، واقسي قلوباً من الحجارة الخاوية، واشره إلى الظلم والعدوان من كواسر السباع، لا تزدادون مع المواعظ الا غياً، ومع الزواجر إلا بغياً، أشباه اليهود وأتباع الشيطان، أعداء الرحمان، قد نصبتم له الحرب الضروس، وشننتم على حرماته الغارة العناء، وتربصتم بأوليائه كل دائرة، وبسطتم إليهم أيديكم بكل مساءة، وقعدتم لهم كل مرصد، وأخذتموه على الشبهات وقتلتموهم على الظنة على سنن آبائكم الأولين، تقتفون آثارهم وتنهجون سبيلهم لا يردعكم عن كبائر الإثم رادع، ولا يزعجهم عن عظائم الجرم وازع، قد ركبتم ظهور الأهواء فتحولت بكم في المهالك، واتبعتم داعي الشهوات فأوردكم أسوأ المسالك، قد نصبتم حبائل المكر وأقمتم كمائن الغدر، لكم في كل ارض صريع وفي كل دار فجيع تخضمون مال الله فاكهين وتكرعون في دماء الأبرياء شرهين، فأنتم والله كالخشب اليابس أعيى على التقويم او كالصخر الجامس، أعيى عن التفهيم فما بعد ذلك يأساً منكم . شذاذ الآفاق، وأوباش الخلق، وسوء البرية وعبدة الطاغوت وأحفاد الفراعنة. وأذناب المستعبدين. أظننتم أنكم بالموت تخيفونني وبكر القتل تلونني، وليس الموت الا سنة الله في خلقه (كلاً على حياضه واردون ) أوليس القتل على أيدي الظالمين الا كرامة الله لعباده المخلصين، فاجمعوا أمركم وكيدوا كيدكم واسعوا سعيكم فأمركم إلى تباب وموعدكم سوء العذاب لا تنالون من أمرنا ولا تطفئون نورنا وأعجب ما في أمركم مجيئكم لي بحيلة الناصحين تنتقون القول وتزورون البيان، تعدونني خير العاجلة برضاكم وثواب الدنايا بهواكم. تريدون مني ان أبيع الحق بالباطل وان اشتري طاعة الله بطاعتكم وان أسخطه وأرضيكم وان اخسر الحياة الباقية لأربح الحطام الزائل، ضللت اذاً وما انا من المهتدين، تباً لكم ولما تريدون، أظننتم ان الإسلام عندي شيء من المتاع يشترى ويباع؟ او فيه شيء من عرض الدنيا يؤخذ ويعطى آي تعرضون لي فيه باهظ الثمن جاهلين، وتمنونني عليه زخارف خادعة من الطين، اتعدونني عليه وتوعدون وترغبونني عنه، فوالله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا اقر لكم اقرار العبيد، فان كان عندكم غير الموت ما تخيفونني به فامهلوا به او كان لديكم سوى القتل تكيدونني به فكيدون ولا تنتظروا لتبصروا ان لي بالجبال الشم شبيهاً من التعالي وان عندي من الرواسي شامخات ما تبلي من الرسوخ والثبات، قولوا لمن بعثكم ومن وراء اسيادهم ان دون ما يريدون من الصدر الف قتلة بالسيف او خضباً امر، وان الذي يريدونه مني نوع من المحال لا تبلغوه على اية حال، فوالله لن تلبثوا بعد قتلي الا اذلة خائفين تهول اهوالكم وتتقلب احوالكم ويسلط الله عليكم من يجرعكم مرارة الذل والهوان يسيقكم مصاب الهزيمة والخسران ويذيقكم ما لم تحتسبوه من طعم العناء ويريكم ما لم ترتجوه من البلاء لا يزال بكم على هذا الحال حتى يحول بكم شر فأل جموع مثبورة صرعى في الروابي والفوات حتى اذا انقضى عديدكم وقل حديدكم ودمدم عروشكم وترككم ايادي سبأ اشتات بين ما أكلتم بواترهم ومن هاموا على وجوههم في الأمصار فولوا الى شتى الأمصار وأورث الله المستضعفين أرضكم ودياركم وأموالكم فإذا قد أمسيتم لعنة تتجدد على أفواه الناس وصفحة سوداء في أحشاء التأريخ.
محمد باقر الصدر