مسيرة الإمام زيد بن علي ع ... أما آن للعقلاء ان يعقلوها ؟-مصطفى العمري

Wed, 11 Apr 2012 الساعة : 22:37

لقد خَطت تلك الانامل العلوية الشريفة من آل الرسول (ص) في غرة ذلك التأريخ المنصرم , خطت عهدا ً ووعدا ً وتضحية ً وفداء ً , وقالت حقا ً و نطقت صدقا ً ودافعت بفناء . وتجلت الى عالم اسمى , و اوسع , و اكبر, وتهجدت لله عارفة به , مؤمنة بقضائه , راضية بما هي عليه , متوشحة الفقر و الحرمان و البعد و المطاردة من قبل حكام الجور .
حينما ناتي لنخوض في سفر ذلك البيت الطاهر, او نطالع حركتهم و عملهم ربما سوف يستغرق منا الكثير مع هذا الطود من العلم و المعرفة الذي خلفوه لنا .
تعشمت ان اكتب عن حالة من صلب بيت النبوة و مدرسة لازال بريقها الأخاذ توهجا ً و عطاءً يأخذ منه المسلمون عامة . ألا وهي ثورة الامام زيد بن علي (ع) لما لها من وصال في حركة المسلمين اليوم علني أسهم في نشر ثقافة اللاطائفية في هذا الجو الطائفي .
الإمام زيد هو : زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع)

كان الإمام زيد (ع) من علماء الامة الكبار كان فاهما ً حاذقا ً وعالما ً جليلا ً وذلك بشهادة أقرانه في ذلك العهد يقول عنه الامام ابي حنيفة النعمان بن ثابت ( ما رأيت في زمنه أفقه منه و لا أعلم و لا أسرع جوابا ً ولا أبين قولا ً لقد كان منقطع القرين )
يحدثنا التاريخ ان زيد خرج من مجلس هشام بن عبد الملك الخليفة الاموي خرج وهو غاضب , في قصة معروفة . حينها قرر ان لا يسكت بعد اليوم على هذا الحيف و الظلم الذي حاق بأصحابه , فقصد كوفة العراق وهناك أعلن الثورة فبايعه المسلمون على ان يكونوا معه صفاً مرصوصاً ؟ فاستتب له الامر وبانت علامات الظفر في ذلك المصر , ولازال الإمام يوصي اصحابه بتقوى الله وطاعته ومن احدى و صاياه قال :
أوصيكم ان تتخذوا كتاب الله قائدا ً و إماما ً وأن تكونوا تبعا ً فيما أحببتم و كرهتم وأن تتهموا انفسكم و رأيكم فيما لا يوافق القرآن , فإن القرآن شفاء لمن إستشفى به , ونور لمن اهتدى , من عمل به رشد , ومن حكم به عدل , ومن خاصم به فلج , ومن خالفه كفر , فيه نبأ من قبلكم , وخير معادكم , و إليه منتهى أمركم .
عندما اجتمع امر الكوفة للإمام زيد اشتعلت السياسة الاموية الماكرة فانقلب اهل الكوفة كما انقلبوا من قبل على جده, فجاء جماعة من الرؤساء و أهل الحل و العقد الى زيد و قالوا له إنا ننصرك على اعداءك بعد ان تخبرنا برأيك في ابي بكر وعمر ؟ وكان هذا السؤال يحمل بصمات السياسة الاموية , ولإيجاد مخرج من البيعة التي في عنقهم . فقرأ في و جوههم الغدر و الخذلان قائلا ً ما سمعت احدا ً من أبائي تبرأ منهما , ولا يقول فيهما إلا خيرا ً فلم يقتنع القوم منه بعد ان كان غرضهم عدم الالتزام بالعهود و المواثيق الصادرة منهم واعتبروا عدم تبري زيد من الخلفاء يستوجب عدم النصرة به.
ثم بعد ذلك دخل نفر من شيعته عليه وهم ممن كان قد بايع الامام , بعد ان سمعوا بطلب هشام بن عبد الملك للمبايعين للامام زيد, فخافوا لظى القنا و حر السيوف فأرادوا التخلص من البيعة و الخروج منها , فالتمسوا المخارج و الاعذار فقالوا بالوصية فيما بين الأئمة , فقالوا له يا زيد لست الإمام , فقال ويلكم فمن الإمام ؟ قالوا ابن اخيك جعفر بن محمد قال : إن قال هو الإمام فهو صادق , قال ابعثو له قالوا الطريق خائف و لانتوصل إليه إلا بأربعين دينار , قال هذه الاربعون دينار , قالوا إنه لا يظهر ذلك تقية منك و خوفا ً , قال : ويلكم إمامٌ تأخذه في الله لومة لائم ! إذهبوا فأنتم الرافضة .
فقال لهم جميعا ً ان أشد ما أقول فيما ذكرتم في ابي بكر وعمر , هو إنا كنا أحق بسلطان رسول الله من الناس اجمعين وأن القوم آستأثروا علينا و دفعونا عنه , ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا ً و العياذ بالله , حكموا فعدلوا في الناس و عملوا بالكتاب و السنة . ثم قال لا آنالني الله شفاعة جدي إن لم أواليهما . البراءة من ابي بكر و عمر هي البراءة من علي والبراءة من علي هي البراءة من ابي بكر وعمر و قد اثنى عليهما جدي علي و قال فيهما حسنا ً فتفرق عنه القوم و نكثوا بيعته .
بعد ذلك دخلت الدعاية الاموية في الكوفة أوج تحركها ولم يبق مع زيد الامام إلا الرجال الذين آمنوا حقا ً بربهم , فدخل الجيش الاموي الكوفة و كانت معركة أشبة بتلك التي و قعت في عاشوراء من جوانب عدة , المهم ان زيد أثخن بالجراح وسقط على الارض و كان بجواره و لده يحيى فأوصاه بوصاياه وفاضت روحه الطاهرة .
ثم اخذه نفر من اصحابه و دفنوه في ساقية ماء حتى لا تعثر عليه الجيوش الاموية , ولكن أبا النفاق الكوفي إلا ان يخبرهم اين دفن الامام و اين موضعه ,
بعدها استخرج الجسد الطاهر و عمد الرجس الى فصل رأسه عن بدنه ثم صلب الجسد و ذلك لفترة طويلة .
و الذي يحز بالنفس ان قائد الحرس الذي كان قد أوكل له حراسة الجسد هو احد روات الحديث للأسف ؟

اعتقد ان من ينصف حركة الامام زيد ويتمعن بها و يدرسها دراسة الباحث المتأني الغير متحزب شيعيا ً كان او سنيا ً يجد ان عبق هذه الثورة كان اسلاميا ً و اسلاميا ً خالصا ً ليس فيه من السفاسف المسموعة اليوم ولا الادران التي تحجب العقل عن التفكيرفتجعله طمث ليس فيه حركة او بريق .
ثورة الامام زيد أشارت لنا على ان اصحاب الحق قليلون , و اصحاب السلطان كثر , والذين ينتهجون نهج آل البيت قليلون بل قليلون جدا ً وإن كثر الزاعمون لحبهم و موالاتهم , لكن ومع كل تلك القلة التي آمنت بآل البيت بقى نورهم ووهجهم يضيئ للأجيال .
اخيرا ً اتمنى على الذين يزعمون انهم موالون لآل بيت المصطفى ان يتقيدوا بمشعل آل البيت و ان يقتفوا اثرهم في السراء و الضراء وان يبتعدوا عن مماحكات الحوار الغير هادف وان يكونوا كما قال الامام الصادق (ع) كونوا زينا ً لنا و لاتكونوا شينا ً علينا .

[email protected]

 

Share |