وقفة مع الامام الشهيد محمد باقر الصدر- نعيم كرم الله الحسان- الناصرية

Wed, 11 Apr 2012 الساعة : 0:52

حقاً ان المرء ليحار عندما يكون الحديث عن الامام الشهيد محمد باقر الصدر (رض) .
فهو الحسرة الكبرى والحزن الذي سكن قلوبنا منذ ان ذهب شهيداً وحيداً فريداً واجه صلف واجرام البعث الكافر بشجاعة نادرة قل نظيرها على مر الازمان والدهور .
فهذه الشخصية العجائبية المتعددة الجوانب والابعاد كانت العلامة الفارقة في ثقافة القرن العشرين فهو المرجع العظيم والفيلسوف المجدد و الشهيد الذي استشهد بطريقة تثير الحسرة والذهول من عظمة وثبات في زمن استسلم فيه المجتمع وسلم ازمة مقاليد اموره لعصابة جاهلة لا تعرف سوى القتل والقمع والارضاء بالخنوع لعقدها المريضة .
واليوم بوسع الباحث في تراث الاسلام وتاريخه وثقافته ان يقول بأن الفكر الاسلامي قد اتسم بمرحلتين اساسيتين هما مرحلة ما قبل الامام محمد باقر الصدر ومرحلة ما بعد الامام محمد باقر الصدر .
فقد ظهر الامام الشهيد في قرن شهد اندحار وتراجع القيم الدينية امام المفاهيم المادية الجديدة والتي كانت صدى لردة فعل عنيفة حدثت في الغرب بعد اندحار التفسير الكنسي للعالم .
الامر الذي بدى او خيل للمهتمين والناس جميعاً بأن الحقيقة القطعية لأشكالية ظهور الكائن البشري قد حسمت وان المفاهيم والقيم التي جاء بها الانبياء والكتب السماوية ليس بمقدورها البقاء امام الحقيقة الجديدة القائمة على العلم .
في ذلك الحين كانت الامة الاسلامية قد خرجت تواً من شرنقة الاستعمار بحلل وافكار صنعها لها الاستعمار ذاته في تلك المرحلة التي لم يقدر هول خطرها إلا الذين عاشوها بكل تفاصيلها .
وفي خضم ذلك باغت الامام الصدر صوامع البحث والفكر العلماني في ايام غلوائه برائعته الفذة (فلسفتنا) وليقول عنها (انها مجموعة مفاهيمنا الاساسية عن العالم وطريقة التفكير فيه) حيث تناول القضية التي اوحوا بأنها حقيقة قطعية بمحورين اساسيين هما متبنيات العقل البشري منذ ان فكر ونظر لوجوده وفنائه هما (نظرية المعرفة . والمفهوم الفلسفي للعالم) وهاتين المحورين هما جوهر الفلسفة والحركة الفكرية في العالم بأسره حيث استطاع الامام الشهيد ان يظهر فلسفة الاسلام ووجوده ومنطلقاته ويضعها بين ايدي العالم ليكون الاسلام واضحاً كمدرسة عظمى من مدارس الفكر في العالم .
وبذلك تصدع البناء النظري والمادي لاصحاب تلك الدعوات التي حاربت الدين وهمشته وسخرت منه .
وبفلسفتنا تركزت الفكرة الالهية لمفهوم الوجود وظهرت الى الواجهة ومسح الامام الشهيد عن العيون الغبش الضبابي الذي خلقه خليط من الافكار والمفاهيم التي جائت بها العلمانية المدججة بالسلاح وبعد حين الحقها بمشاريع لا تقل روعة عن انجازه العظيم الاول .
كونت تلك المشاريع المنظومة الفكرية الحديثة للفكر الاسلامي المعاصر ازاء هرطقة اولئك الذين جعلوا سعيهم دئوبا من اجل دحر الحقيقة الالهية المطلقة والقيم التي قامت عليها الامة والتي بناها وبشر بها الرسول الكريم محمد (ص) والتي هي باقية الى نهاية الزمن .
وعلى الظفة الاخرى من شخصيته كان مشروعه التغييري السياسي ومواجهة دكتاتورية البعث الوحشية .
البعث الذي الغى كل شيء وصنع وحشاً بهيمياً خال من اي قيمة انسانية وهو الذي استباح قيم المجتمع ومرجعياته ومقدساته عندما اقدم على اعدام المفكر العظيم محمد باقر الصدر واخته العلوية الطاهرة ليشيع الجهل والخنوع والتبعية له ولعصابته المجرمة لكن الامام الشهيد سوف يبقى خالدً على مر الزمان وعلينا ان لا ننسى جريمة البعث واستلابه لأرادتنا وكرامتنا .
 

Share |