نص الكلمة التي القاها سماحة الشيخ الدكتور عامر الكفيشي في مجلس النواب العراقي صباح يوم 9/4/2012

Wed, 11 Apr 2012 الساعة : 0:36

بسم الله الرحمن الرحيم
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾
صدق الله العلي العظيم
بيان بمناسبة الذكرى السنوية الثانية والثلاثين لاستشهاد المرجع القائد والمفكر الإسلامي الكبير الإمام السيد محمد باقر الصدر
السيد رئيس مجلس النواب المحترم
السيدات والسادة أعضاء مجلس النواب الأكارم
التحية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يستذكر أبناء شعبنا الكريم هذه الأيام استشهاد رمز العراق، وقائده العظيم، المفكر الإسلامي الكبير، والمرجع الديني، أية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (سلام الله عليه) وأخته العلوية العالمة الشهيدة بنت الهدى (رضوان الله تعالى عليها) حيث نقف بإجلال وإكبار أمام هذا الصرح العلمي الشامخ، والمواقف البطولية الصُلبة، والإصرار على الحق والمجاهرة به أمام السلطان الجائر.
إن الشهيد الصدر كان وما يزال وسيبقى بإذن الله تعالى مدرسة تنهل من معين عطائها أجيال من أبناء هذه الأمة، وقد تربى فيها رجال أشداء لم تأخذهم في الله لومة لائم، فهو الفقيه المجدد الذي انفتح على ثقافة العصر وحاكمها بالمنطق والحجة، وأرسى معالم الرؤية الإسلامية في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية، وأتحف المكتبة الإسلامية بأبحاثه ومؤلفاته الفذة التي فتحت آفاقاً واسعة أمام العلماء والباحثين في مختلف أقطار العالم الإسلامي.
من هنا نستطيع أن نقدر عظمة الجريمة المنكرة التي ارتكبها حزب البعث الفاشي على يد المجرم المقبور صدام في إعدام هذه الشخصية العلمية والقيادية الرائدة، والتي لم تكن جريمة بحق فرد من هذه الأمة، بل كانت جرائم إبادة بحق الإسلام والإنسان والوطن والفكر الخلاق.
أيتها الأخوات ... أيها الأخوة:
إن الشهيد الصدر لم يكن رجل علم ومرجع فقه فحسب؛ بل كان قائداً وطنياً وسياسياً بحق، فقد كان رائدا للوحدة الوطنية وحريصا على لحمة الشعب وتمتين أواصر الأخوة والمحبة بين العراقيين جميعا على اختلاف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم، حيث كان يخاطبهم:
يا شعبي العراقي العزيز... أيها الشعب العظيم...
إني منذ فترة وجودي ومسؤوليتي في هذه الأمة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسني على السواء، ومن أجل العربي والكردي على السواء، حيث دافعت عن الرسالة التي توحدهم جميعاً.
(فأنا معك يا أخي وولدي السني بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي، أنا معكما بقدر ما أنتما مع الإسلام).
وكان الإمام الشهيد يدرك الطبيعة التعددية للمجتمع العراقي، فحاول أن يستنهضه ويعبئ طاقاته من أجل إسقاط الدكتاتورية وتحقيق الحرية وحكم الشعب، وكان يهتف قائلا:
(يا إخواني وأبنائي، من أبناء الموصل والبصرة، من أبناء بغداد وكربلاء والنجف، من أبناء سامراء والكاظمية 00 من أبناء العمارة والكوت والسليمانية 00 من أبناء العراق في كل مكان : إنى أعاهدكم بأني لكم جميعاً، ومن أجلكم جميعاً، وإنكم هدفي في الحاضر والمستقبل، فلتتوحد كلمتكم، ولتتلاحم صفوفكم تحت راية الإسلام، ومن أجل إنقاذ العراق من كابوس هذه الفئة المتسلطة، وبناء عراق حر كريم تحكمه عدالة الإسلام وتسوده كرامة الإنسان، ويشعر فيه المواطنون جميعا على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم بأنهم إخوة يساهمون جميعا في قيادة بلدهم، وبناء وطنهم، وتحقيق مثلهم الإسلامية العليا المستمدة من رسالتنا الإسلامية وفجر تاريخنا العظيم).
وفي هذه المناسبة العزيزة على قلوب كل العراقيين الشرفاء ... يا سيادة الرئيس .....
أطلب من مجلس النواب الموقر، أن يُسرّع في إقرار قانون تجريم حزب البعث الفاشي والتصويت عليه، بعد أن قُرئ القراءة الأولى، وأسدلَ الستارُ عليه، من أجل أن نقطع دابر تلك الجريمة البشعة التي ما زالت ما ثلة أمامنا، وما زال القائمون بها لم يعتذروا للعراقيين عنها؛ بل أوغلوا في جرائمهم أكثر فأكثر، فشكلوا حلفاً دنساً من بقايا البعث المدحور، والموتورين من العراق الجديد، وجماعة القاعدة الإرهابية، فقتلوا الأطفال الصغار في المدارس، والنساء والأبرياء في الأسواق والساحات، وأراقوا دماءًّ زكية في طول البلاد وعرضها من كل مكونات الشعب، وأشاعوا الرعب والخراب والدمار في العراق.
السيدات والسادة الأعزاء:
عهدا منا للشهيد الصدر، ولكل الشهداء الأبرار الذين قدموا دماءهم الزكية قربانا من أجل العراق الجديد، أن نبقى أوفياء لجهادهم وتضحياتهم ودمائهم الطاهرة، ولن نحيد عن أهدافهم التي ضحوا من أجلها.
سيبقى الشهيد الصدر مشعلا خالدا لكل الشرفاء الخيرين، وصوته مدوياً عبر الأجيال، يحث خطانا على السير قدّما من أجل بناء العراق وإعماره، والحفاظ على وحدته ومصلحته العليا، وخدمة شعبه.
سلام على الشهيد الصدر، رمز التضحيات وقائد المسيرة.
سلام على جميع شهداء الحرية في العراق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

النائب عامر عبدالله الكفيشي
9/4/2012م
 

Share |