الصحافة الالكترونية -صلاح بصيص-بغداد
Sat, 7 Apr 2012 الساعة : 16:21

قرأت مقالا لاحد الكتاب العراقيين المعروفين اشر فيه زيادة التوجه نحو الصحافة الالكترونية، وانحسار نسبة رواد الصحيفة الورقية وفقدان متعة القراءة وحلاوة الاطلاع والمتابعة خصوصا في اوقات الصباح وانت ترتشف فنجان الشاي او القهوة وسيكارة الصباح التي تمثل عند البعض شفرة الفكر كما يحلو للبعض وصف الشاي بخمر العلماء، ولم تعد الصحيفة ينبوعا ننهل منه متابعة الاحداث والاطلاع على جميع ما يدور في الساحة، فبرغم تعدد الصحف الورقية وتنوعها إلا انها تحتضر وتلفظ انفاسها الاخيرة ولم يعد بامكانها التفرد او ما يسمى بالسبق الصحفي الا ما ندر سبب ذلك يأتي الى ازدياد الصحف والشبكات والوكالات والمجلات الالكترونية المتنوعة التي لا تفرض قيدا ولا تلتزم بعدد محدد في النشر، الصحيفة مساحة معروفة لا امتداد لها ولا اضافة ومقيدة بسياسة اغلب الاحيان تكون قاهرة تلزم روادها الانصياع والطاعة وعلى الكاتب ان يمتثل والا فلا نشر، اغلب الصحف اليوم لا تقدر قيمة المقال وتراعي نهجا معينا وسياسة تقف في كثير من الاحيان عائقا في طريق حرية الفكر ما يضطر الكاتب الى التفريط بما يمكن الحصول عليه من مال عند نشره مقالا في الصحيفة، واهم المفارقات ان هناك كتاب اعمدة يكتب بوجهين، كالبرلماني الذي يصوت تحت قبة البرلمان ويعارض عند ظهوره في الاعلام، فما ينشره الكاتب في الصحف الرسمية او شبه الرسمية خلاف لما ينشره على المواقع الالكترونية، فالاخيرة تملك من المساحة ما تستوعب الرأي مهما كان حادا وموجها اما الصحف، والكلام هنا حول الكاتب وليس المنافق الذي يعتاش على المجاملات والمحاباة، فانها تلزم الكاتب بسياسة معينة.
التفاوت المادي الكبير بين الورقية والالكترونية من حيث الطبع والموظفين والمكان سهلت مهمة انشاء الصحف الالكترونية، لسهولة اداراتها وتقليص عدد موظفيها فشخصا واحدا يستطيع الادارة، كذلك الاضطرار الى مساحة انتشار اوسع فالجريدة لا تغطي العراق كاملا والوطن العربي والعالم بخلاف الغريم الالكتروني الذي نفذ الى ابعد نقطة في الكرة الارضية، فاغلب الكتاب اليوم ممن يواضب على النشر في الصحف اليومية او الاسبوعية لا يجد كفايته وضالته في الوصول الى اكبر عدد من القراء الا بعد نشره في المواقع، واهم من هذا وذاك ان النشر في الموقع يثري المادة عن طريق التعليق او التواصل فضلا عن كونها ارشيف عالمي يتيح للمتصفح بعد كتابته اسم الكاتب او المادة الاطلاع عليها بسهولة بالغة متى اراد.
ان التوجه الملحوظ نحو الصحافة الالكترونية ساهم في اطلاق شرارة الربيع العربي لما لعبته من تسهيل الاتصال بين الجماهير واتضاح خيوط الظلم لتطرح من قبل الراي العام بوضوح ووضعت اسس عملية لتداول المعلومة بالصوت والصورة والوثيقة، وانهارت اعتى الأنظمة عن طريق المواقع الالكترونية وقد وفرت تلك المواقع وسيلة للانفلات من قبضة الطاغية، فالبعد المكاني والزماني والاسماء المستعارة والحركية اسهمت في توسيع حرية النشر وجرأة المواد المطروحة دون خوف، واستحالة متابعة الانظمة الديكتاتورية العربية الجاهلة للمدونيين او الصحافيين او كتاب الرأي، ولم تكلف جهدا ماديا، الأمر الذي تصرف من اجله مليارات الدولارات للاطاحة برئيس، اطاحت به الصحافة الالكترونية دون شيء يستحق الذكر.
[email protected]