سلام الرحمانية -زاحم جهاد مطر

Mon, 2 Apr 2012 الساعة : 11:54

 الى / جواد غلوم
حدثنا عبد الله بن بهلول :
سألني جواد بن غلّوم ، عن مقامة تزيل عن قلبه الهموم ، وترفع الكآبة والوجوم ، ويعلم الاستاذ صاحب الحرف المنهوم ، ان سؤاله أمرٌ علي بحق القيّوم ، لذلك قررت في يوم معلوم، ان أزور في الكرخ كل تخوم ، عسى ان أرى شيئاً من باقي الوسوم ، او أثراً من جميل الرسوم ، وأقسم بالحواميم ، أني لم أجد شيئاً من الذي أروم ، غير الجدار المهدوم ، والشجر المفحوم ، والخد الملطوم ، والغراب يعانق البوم ، فقلت يا له من يوم أيّوم ، الغمُ في القلب نوم، وحِرتُ عن أي شيء أكتب وانا محشوم ، عن أية اخبار وأية علوم ، لاستاذي وكل شيء مكزوم ، لا يفيد به دواء او كُلوم ، وسرت والغيض في داخلي مكضوم ، فصادفني رجل ملثوم، بعلامة الكهولة موشوم ، تساقطت منه المقاديم ، وتعرجت في وجهه التقاسيم ، فقلت ألستَ معلم التاريخ سلوم ؟ ، هز رأسه كانه في تهويم ، فسألته فرحاً يا سيدي يا أبا نعوم ، أين الطرف الملموم ، أين النخيل والكروم ؟ ، أين صوت عبد الوهاب وام كلثوم ؟ ، وفريد الأطرش وحلوم ، فاجابني بكلام جمجوم ، وقال لا تثر قلبي المكلوم ، ولا تجعلني أكشف المضموم ، فأنا كمن أحمه الله فانا محموم ، ومن شدة ما رأيته مصدوم ، فان اجبتك حقيقة الأمر لستُ بالملوم ، انظر يا صاحبي الذي مثلي يروم ، ملمومك سابقاً الآن لملوم ، وشدته اصابها الخوم ، وواحدك الماضي في حاضره مقسوم ، وحجمك السابق حالياً حجوم ، والخطام محجوم ، والفم ملجوم ، وبكاء الناس بكاء المفطوم ، وثقبنا بقرط الخوف مخزوم ، وبسكين الغدر شق فينا الخيشوم ، وبسيف الكره قطع الخرطوم ، وكما ترى أيامنا حسوم ، وليالينا بلا قمر وغيوم ، وهوائنا يحموم ، وغيمتنا من عواقر الغيوم ، ودروب ذكرياتنا تشكو القنديل والموم ، وصار البعض للبعض خصوم ، نتعارك على اللبن الحالوم ، وعلى رأس البصل والثوم ، وحديثنا مع الآخر كلوم ، وطفلنا اليتيم مجذوم ، وكثر فينا السائل والمحروم ، والسارق للمال العام جموم ، والعالم عندنا كما تراني مذموم ، ورياحنا تحمل الموت الزؤوم ، وعسلنا مدسوس بالسموم ، وحرنا كيف نقعد ونقوم ، والموت فوق الرؤوس يحوم ، ونعيش في هذا المقسوم ، وهو ليس المقسوم ، بل حكم الظالم للمظلوم ، وحكم الجائر للمحكوم ، فصرنا غنيمة للعجم والروم ، اما أولاد الخؤولة والعمومة ومن ثم العموم ، فقد رموا منّا العظام بعد نهش الشحوم واللحوم ، وضاع عندنا التقويم ، والسبيل الصائب القويم ، وطريق أغانينا مأزوم ، ولحنها بهز الأرداف ملزوم ، و(بالهز يا وز) موسوم ، و(رقصني يا كدع) ملحوم , وكيف لا اذا آلت الى فتنة وبسوم ,  وسمورة ونورية ورحّوم ، وفيفي وميمي وهيّوم ، فلمن أعتب ولمن ألوم ، البشر ؟ ام القدر ؟ ام الحظ الميشوم ؟ وكلمة الحق كعظم السمك في البلعوم ، فدعني يا سيدي مع كأسي المتخوم ، بالزقنبوت الزقوم ، فهو المعين على النسيان والنوم ، هذا هو الحال بيِّن كالكتاب المرقوم ، فارفع ورقك المرزوم ، واكتب ما تشاء يا زحّوم ، لسائلك بن غلّوم ، فالموضوع واضح ومعلوم ، لكل ذي علم وعلوم ، وسلامي لمن يحمل الاحزان والهموم ، واقول ما قالـه المرحوم :

           قل لمن يحمل هماً ، ان هماً لا يدوم ،
                                         مثل ما يفنى السرور ، هكذا تفنى الهموم  

   

Share |