المرجع الحق لا يخاف في الله لومة لائم-/ محمد جواد شُبّر

Sun, 1 Apr 2012 الساعة : 9:14

لقد أصدر قبل أيّام مكتب المرجع الديني الشيخ بشير النجفي في النجف الأشرف بياناً يؤبّن ويعزّي فيه وفاة البابا شنودة الثالث الذي مات قبل أسبوع تقريباً في مصر، وكان قد بعث مكتب الشيخ النجفي برقية إلى الشعب المصري وخصوصاً المسيحيين منهم، يعزّيهم بوفاة البابا بكلماتٍ جيّاشة تُعصر القلب، وكأنّ المرجع النجفي تألّم وتأثّر كثيراً من سماع ذلك الخبر المؤلم.
الملاحظ للبيان يستشعر مدى إعجاب سماحة المرجع بمسيرة البابا، الذي قال عنه في البرقية: (البابا شنودة ختم حياته ببيان مشترك للتعايش السلمي يدعو للإعجاب).
وقد نعته المرجع بألقاب خاصة كـ(غبطة القداسة راعي الكرازة المرقسية وبطريرك الإسكندرية) مراعياً مشاعر أتباع البابا، بينما مراجع الدين في النجف يستنكفون أن ينعتوا أقرانهم المراجع في الحوزات الأخرى أو حتى في حوزة النجف ممن يختلفون عن مدرستهم أو فكرهم أو نظرتهم اتجاه دور المُقلَّد بعبارة (المرجع الديني).
لقد تألمت كثيراً عند قراءتي لهذا الخبر، ليس كرهاً ببابا شنودة بل تألمت وأنا أتساءل أليس المرجع الراحل السيد فضل الله أولى بالتأبين من البابا شنودة؟؟
تساءلت في نفسي هل إنجازات بابا شنودة في مجال الإنسانية أكثر من السيد فضل الله الذي كرّس جلّ حياته للدفاع عن الإنسان والإنسانية والتقريب بين وجهات نظر جميع الأديان؟ ليستحق البابا شنودة بياناً مؤثراً بهذا الحجم وبهذا الوصف بينما لا يستحق السيد فضل الله المرجع الإسلامي المحترم والمحبوب من قبل جميع الأديان والطوائف حتى إقامة الفاتحة على روحه ؟؟
كل مراجع النجف أبوا أن يذكروا خبر وفاة المرجع فضل الله -قبل أكثر من سنة- بغضّ النظر عن استنكافهم الشديد بإصدار بيان تأبيني لعالم مسلم قلّ نظيره في مجال رعاية الأيتام على الأقل، مع استباقهم الآخرين بإصدار بيانات تعزية لهذا وذاك.
أتذكّر بيان استنكار مكتب المرجع الأعلى السيد السيستاني عندما تعرّض ممثّل أمم المتحدة لمحاولة اغتيال أو بيان التعزية الصادر منه للشيخ أحمد ياسين أو الإتصال الهاتفي من قبل مكتب أحد مراجع النجف إلى الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك يعزيه بوفاة حفيده قبل سنوات قليلة وغيرها الكثير.. لكن السيد فضل الله فهو ضالٌ مضل!!
المرجع الوحيد في النجف الذي أبّن المرجع الراحل فضل الله هو المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي دام ظله.
الشيخ اليعقوبي حمل على عاتقه ولوحده من بين مراجع حوزة النجف رسالة الأمانة التي من واجب كل من يتبنّاها أن يؤديها، وكسر كل تلك الحواجز المفروضة والخطوط الحمراء التي يخاف كل متصدٍ تجاوزها، فانبرى لهم ببيانٍ لم يؤبِّن أحدٌ بمثله مبيناً مكانة الفقيد في العالمين الإسلامي والعربي ونتاجه العلمي الواسع ومسيرته الجهادية الزاهرة ودوره الواسع في إصلاح المجتمع ورعايته، واصفاً إياه: صاحب النفس المُطمئنّة والعالم العامل بعلمه، والطبيب الدوّار بطبّه، وإلى آخر البيان..
ليستمر الشيخ اليعقوبي بالمضي على طريق ذات الشوكة الذي اختاره بنفسه منذ بداية مشواره.
فانفتحت الأفواه العفنة الإنتهازية أصحاب عمائم الشيطان الذين هم بعيدون كل البعد عن الدين ولا يملكون في رصيدهم إلاّ التسقيط والشتم والاتهام يملئ عيونهم الحسد والغيرة، سلاحهم الغلو والعواطف، مستغلين تلك الفرصة ليزاولون مهنتهم في التسقيط والشتم والضحك على عقول البسطاء الإنفعاليين، هذه المرة ليس على السيد فضل الله بل على من أبّنه أو ذكره بخير، بعد أن رأوا تلك الجماهير الغفيرة المؤمنة تودّعه إلى مثواه الأخير.
لكن الأجيال القادمة الواعية لا تنخدع بتلك التراهات والتفاهات وسوف لا تنسى الموقف البطولي للشيخ اليعقوبي وسيُسجَّلُ وساماً جديداً يُضاف إلى أوسمته الكثيرة الثمينة في مسيرته الدفاعية عن الإسلام ورموزه رغم كره الحاسدين.
المرجع الراحل السيد فضل الله تكفيه تلك الدمعة التي ذرفها اليتيم عندما سمع بفقدان أبيه السيد فضل الله، لتكون شاهداً على نيته الخالصة لله تبارك وتعالى وحده وليكون خصيماً لهم عند جدّته الزهراء (عليها السلام) يوم لا ينفعُ مالٌ ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلبٍ سليم.

Share |