الحاج طالب محمد علي من رموز الناصرية الكبار -حسن علي خلف – الناصرية
Sun, 25 Mar 2012 الساعة : 10:55

كثيرة هي الأسر التي تركت بصمات واضحة في ارض الناصرية , وتراثا ثريا وانجازات رائعة لم تزل عالقة في أذهان أهل المدينة , وشاخصة إلى يومنا هذا. وكثيرون هم الأشخاص الذين ابتنوا مجدا لأسرهم ولقبائلهم ومن ثم لمدينتهم . ومن هذه الأسر أسرة الحاج طالب الحاج محمد علي .
تنحدر هذه الأسرة الكريمة من قبيلة عنزة العربية التي دخلت العراق بعد الهيجان الذي حصل في جزيرة العرب , عندما هاجرت القبائل وخاصة شمر إلى العراق بقيادة شيخها فارس في منتصف القرن السابع عشر ( حوالي 1640م ). وأعقبتها قبيلة عنزة بفترة لا تتعدى النصف قرن . تدفقت من الجزيرة صوب الشام والعراق بحدود مطلع القرن الثامن عشر. وبعد حروب ووقعات كبيرة مع شمر إلى أن تمكنت عنزة من دفعها إلى الجزيرة الفراتية , واستقرت هي في البر الشامي للعراق (( البادية الغربية )) بدء من سوريا إلى جنوب العراق . وقبيلة عنزة تنحدر من أسد بن ربيعة الابن البكر لنزار بن معد بن عدنان , فهي من القبائل العدنانية , ولها تفرعات كثيرة جدا . واحد فروعها العمارات وشيخها ابن هذال .
نزحت من سوريا وتوطنت في العراق في التاريخ الذي اشرنا إليه , ومن العمارات تنحدر أسرة الحاج طالب الذي جاء جده ( عثيمين ) مع القبيلة الكبيرة إلى العراق . وبعد حل وترحال استقر ( اعثيمين ) في محلة الهيتاويين من رصافة بغداد المحروسة . امتهن الرجل وأخوته وعائلته التجارة السائدة في بغداد وقتذاك . وكان نجله الأكبر على ما يبدو اسمه طه . وهكذا استمرت الأسرة بالتكاثر, وكان طه قد أنجب مهدي , الذي أعقب كاظم , وكاظم أنجب محمد صالح . وكان انتشار هذه الأسرة في الرصافة وفي بغداد كبيرا , ( وربما ) بفعل الضغوط العثمانية التي مورست ضد هذه الأسرة وغيرها من الأسر, ارتحل محمد صالح وأولاده وقسم من ذويه إلى منطقة سوق الشيوخ . في حدود سنة 1850 م والتي كانت تدعى سوق النواشي , إلا إن آل سعدون وعلى وجه الخصوص محمد بن ثامر شقيق حمود الثامر الشهير , استبدل اسمها بسوق الشيوخ لأنها موئل تسوق آل سعدون وقبائلهم . ترك محمد صالح بغداد وقسم من أقاربه هناك .
وبعد إنشاء مدينة الناصرية 1869م بأمر من الوالي مدحت باشا , وبإشراف نعوم سركيس وفي ظل مشيخة ناصر باشا السعدون , وبعد استكمال الأبنية المهمة مثل السراي والجامع وبعض الدور والخانات التي كانت توزع مجانا , لترغيب من يريد السكن في هذه المدينة الفتية , ولأسباب دينية , ارتحلت هذه العائلة مرة أخرى في زمن عاهلها محمد علي بن محمد صالح إلى مدينة الناصرية , وكان مرحبا بهم في هذه المدينة من قبل القائمين على شؤونها آنذاك .
وكان الحاج طالب في زمن الارتحال لم يزل شابا فتيا وهو وحيد أبيه , ولكن سرعان ما اخذ يبني مجدا لأسرته في هذه المدينة الحديثة ذات التطور الحثيث , والتي أصبحت مركز جذب للعديد من العوائل والأسر , وخاصة بعد أن أعطت المرجعية الدينية في النجف الاشرف في حينها أمرا لذوي الأموال أن يرتحلوا إلى الناصرية , لاستثمار أموالهم في شتى صنوف الأعمال التي كان اغلبها تجاري الصبغة . كان ذلك قبل سنة 1880م . وفي ضوء هذا الأمر نزحت إلى الناصرية العديد من الأسر , من الحلة وكربلاء والنجف بعد أن سبقتهم إليها , اسر وأفراد من السليمانية وكركوك وديالى والموصل والرمادي وبعض اليهود والصابئة والإيرانيين . وهكذا كانت الناصرية منذ سنيها الأولى خليط جميل من شتى الأجناس والقوميات والمذاهب والأديان . يتعايشون بسلام تجمعهم الروابط الإنسانية وتبادل المنفعة وتشابك المصالح . وأسرة الحاج طالب التي راحت ترسخ أقدامها في المدينة وتتسع بفعل خبراتها المدنية وإمكاناتها المادية , كان لها دور فاعل في نمو المدينة واتساعها من خلال حظوة تلك الأسرة عند المسؤولين عن المدينة . ويذكر أن الحاج طالب ذاته تزوج امرأة تنحدر من إحدى العشائر العنزية (( عتيبه - النواس )) التي تقطن أطراف سوق الشيوخ (العكيكة ). أنجبت له العديد من الأولاد والبنات وهم كاظم وخضر وحسين وحمودي وناجي وغيرهم من الذكور والاناث .
وكانت للحاج طالب علاقات واسعة في الخليج والجزيرة العربية وبغداد . و له نشاطات سياسية تصب في خدمة المدينة وتطويرها , وخاصة في مجال مجلس الأعيان . كذلك كان الحاج طالب مشهورا بالضيافة والكرم حيث له ديوان في مكتبه وآخر في بيته . وكثيرا ما يرعى الفقراء ويساعد المحتاجين ويفك العاني والبائس الفقير . لكثرة أملاكه وسعة ثروته التي هي عبارة عن أراضي زراعية وبساتين وعقارات ومعمل طابوق كان محاسبه ( احمد اغا ) يشرف على جميع الواردات والصادرات . ولم تزل ذكراه العطرة عالقة في أذهان وقلوب أهل الناصرية , الذين أحبوه هو وأولاده الذين لكل واحد منهم شأن كبير وخاصة الأستاذ المجاهد ناجي طالب الذي سنفرد لسيرته مقالا خاصا إنشاء الله في وقت لاحق .الذي وفاه الاجل في وقت سابق والحمد لله رب العالمين