اللسان ترجمان القلب !- سيد صباح بهبهاني- ألمانيا
Sun, 25 Mar 2012 الساعة : 10:51

بسم الله الرحمن الرحيم
{ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب } سورة الرعد/28 .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أمسك عليك لسانك ولْيسعك بيتك، وابْكِ على خطيئتك ).
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت) [متفق عليه ]
ومن الأدلة أيضا على أن القرآن كلام الله ، ما يجده الإنسان في نفسه من الراحة والطمأنينة عند قراءته لكتاب الله ، وهي راحة وطمأنينة لا يجدها عند قراءة غيره من كلام البشر ، وذلك مصداقا لقول الحق سبحانه وتعالى : { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب } ..
عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وأن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم "
في هذا الحديث حث قوي علي ضرورة حفظ اللسان من قول السوء وعدم الاستهانة بما ينطق به في جانب الخير وإن قل ولا بما يتكلم به في جانب الشر وإن قصر فيجب علي من أراد أن يتكلم أن يتدبر أولا ما يقول قبل أن ينطق به فإن ظهرت فيه مصلحة دينية أو دنيوية لنفسه أو لغيره من أفراد المجتمع تكلم بما يفيد وينفع الناس وإلا أمسك عن الكلام فقد يتكلم المرء بالكلام قليلا أو كثيرا مما فيه طاعة الله من ذكر وعبادة أو إصلاح بين الناس أو كلمة حق عند ذي جور لا يظن أنه يبلغ به ما بلغ عند الله من عظم الشأن فيرفعه الله به درجات ويعظم له به الأجر والثواب. أما في المقابل قد يتكلم المرء بكلام لا يفكر فيما فيه من قبح وإساءة وعصيان ولا يدرك عواقبه ويظن أنه هين لا يصل به إلي عذاب أو عقاب ولكنه عند الله عظيم فيسقط في نار جهنم فبتردي فيها وفي إعظام الأجر علي القليل من قول الخير الذي ينطق به المسلم ونجد في المقابل تشديد العقاب علي القليل من قول الخير وفعله وإن قل وتنفير شديد من كلمة السوء وإن قصرت .
إني لن أطيل عليكم في السان فما كانت الدنيا غاية ولا وطن
إنمـــــا نحن عابرون !
نغرس الفرح
وتبقى لنا ذكرى معلقة
وأثر .. ويجب أن نقتدي بالله ونبرز طهارة قلوبنا وتربيتنا العقائدية التي تربينا عليها وكما يصفها الإمام الشافعي في أبيات من الشعر معبر عن طهارة القلب والالتزام والعمل بشعائرنا الإسلامية والإنسانية :
لما عفوت ولم أحقد على أحد *أرحت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيته * لأدفع الشر عني بالتحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه * كما إن قد حشى قلبي مودات
اللسان عضلة ليس فيها عظام
فعجبــــاً!
كيف يكسر بعض القلوب
وعجبــــاً!
كيف يجبر بعض القلوب
وعجبــــاً!
كيف يقتل بعض القلوب
وعجبــــاً!
كيف ينير الله به الدروب
فبلسانك ترتقي
وبلسانك تزف إلى الجنة
وبلسانك تُحترم
وبلسانك ترتفع عند الله.
وإن اللسان مصدر الخطأ ومصدر الصواب وهو مفتاح القلب
وترجمان القلب وكل ما ينطق به اللسان خرج من الجوارح والقلب وعبر وكما يقول ونعم ما قيل :
يا أيها اللسان
يا حامل الشهادة
يا قطعة من الجليد
على الوسادة
ذائبة ذائبة
من الكذب
يا عاشق الزمان
يا تارك الأيام
يا كاتبا
قد نسى
جفنة الأقلام
يا أيها العدو
يا أيها الصديق
يا قاتل الإنسان
مؤديا صاحبك إلى الحريق
يا قطعة صغيرة في الكون
مصنوعة من الحديد
مجفوفة مخلوقة من القديد
ارتوِ من مائك
لعلك تجود من جديد
و تؤدّي صاحبك إلى الجِنان
يا فاتح القلوب
يا ناشر الخيرات والذنوب
يا من به الإنسان في سكرته يتوب
بعد طول سكرة النسيان
يا أيها اللسان
يا حامل الشهادة
وتارك القلوب في سعادة
يا عاشق الإنسان
يا نعمة الرحمن
يا حاكم الجَنان
يا وردة في ربيع القلب
مورقة الإيمان
ولا تنسى أن أخلاقك بحسن خلقك وبلسانك تكون محبوباً لدى الناس
وبلسانك تنجرح وتجرح غيرك
أجعل من لسانك بلسماً وروحاً حسنة!!
كما يقول الشاعر :
دع ذكــر فلانـةٍ وفـلانِ *واجنُب لما يُلهي عن الرحمنِ
واعلم بأن الموت يأتي بغتةً *وجميع ما فوق البسيطة فاني
فإلى متى تلهو وقلبك غافلٌ * عن ذكر يوم الحشر والميزانِ
أتراك لم تك سامعاً ما قد أتى * من ذكر يوم الحشرِ والميزانِ
فانظر بعين الاعتبار ولا تكن * ذا غفلةٍ عن طاعة الديانِ .
وقال أخر ونعم ما قال:
سيبلى لسانٌ كـان يُعِـربُ لفظـهُ *فيا ليتهُ من موقفِ العرض يسلمُ
فما ينفع الإعرابُ إن لم يكن تقى *وما ضر ذا تقوى لسانٌ معجَّمُ .
ونعم القائل لهذه الأبيات التي تثمن الإنسان وتسعده لنيل سعادة الدارين ونعم ما قال :
لسانك لا تذكر به عورة أمرىءٍ * فكلك عورات وللناس ألسنُ
وعينك إن أبدت إليك معايباً * فقل يا عينُ للناس أعينُ .
وقال الإمام الشافعي رضوان الله عليه في اللسان :
قال الشافعي في حفظ اللسان :
احفظ لسانـــك أيها الإنسان * لا يلدغنك .. إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه * كانت تهاب لقاءه الأقران
تاجر الصمت!!
وجدت سكوتي متجرا فلزمته * إذا لم أجد ربحا فلست بخاسر
وما الصمت إلا في الرجال متاجر * وتاجره يعلو على كل تاجر
ولا تنسى أن القناعــة .. رأس مال الغنى :
رأيت القناعة رأس الغنى * فصرت بأذيالها متمسك
فلا ذا يراني على بابه * ولا ذا يراني به منهمك
فصرت غنيا بلا درهم * أمر على الناس شبه الملك.
وبعد أن عرفنا ما ثمن اللسان وما حباه الله سبحانه لنا من هدية لا تثمن وهي الحواس الخمس ومنها العين واللسان .وأختم بما ذكره الإمام علي كرم الله وجهه وعليه سلام الله حينما وهو يصف لنا اللسان والقلب والتعلق وما ينهي به هو العمل للدار لأن الدنيا دار ممر لدار قرار ونعم ما قال :
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت * أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكــــنها * إلا التي كان قبل الموت يبنيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها* ودورنـــا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة *حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائن في الآفاق قد بنيت * أمست خرابا وأفنى الموت أهليها
لا تركنن إلى الدنيا وما فيها * فالموت لا شك يفنينا ويفنيها
المرء يبسطها والدهر يقبضها * والنفس تنشرها والموت يطويها
إنما المكارم أخلاق مطهرة *الدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها *والجود خامسها والفضل سادسها
والبر سابعها والشكر ثامنها *والصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أني لا أصدقها*ولست ارشد إلا حين اعصيها
واعمل لدار غدا رضوان خازنها *والجار احمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها * والزعفران حشيش نابت فيها
أنهارها لبن محض ومن * عسل يجري رحيقا في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفة * تسبح الله جهرا في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها *** بركعة في ظلام الليل يحييها .
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم
إن الجواب لبـاب الشـر مفتـاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرفا
وفيه أيضا لصون العـرض إصـلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة
والكلب يخسى لعمري وهو نبـاح
وعيناك إن أبدت إليـك مسـاؤا
فدعها وقل يا عين للنـاس أعيـن
فلا ينطقن منـك اللسـان بسـوءة
فكلـك سـوءات وللنـاس ألسـن
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
ودافع ولكن بالتي هـي أحسـن.
وأتمنى أن نكون كما يقول القلب وينطقه اللسان لنفع وننتفع ويداً بيد للتعاون لدوام على العمل لحياة أفضل ولنكن سند لأيتام والأرامل والفقراء المعفيين.والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
أخوكم المحب المربي
السيد صباح بهبهاني البهبهاني بهباني
[email protected]