هنا ترياق مشاكلنا-صلاح بصيص -بغداد

Sat, 24 Mar 2012 الساعة : 1:10

لفت انتباهي وان اقرأ كتاب (افريقيا في عصر التحولات الاجتماعية) قول لمقدم الكتاب ومترجمه: اننا نفكر بنص عبارات مضت عليها قرون، ولا نزال نرددها وكأنها ترياق مشكلاتنا، فنكون اشبه بقروي ساذج يطيب أمراض العصر بوصفات طبية موروثة، ولعل من اخطر المشكلات اننا غير متفقين على تشخيص امراضنا ناهيك عن علاجها.
نحن بلد تاريخ وحضارة وعلم قديم، لكن ذلك لم يسعفنا في مواكبة التطور الثقافي والاجتماعي والسياسي، وللأسف، مررنا تخلفنا بعد اهمالنا لترياق العصر وهو تشخيص المرض وايجاد العلاج، واعتمدنا ترفع الذات لما كان يدور من حولنا ولم نجلد يوما تلك الذات ونحاسبها لننتشل عجزها وضياعها مكتفين بأن الحضارة قادرة على ان تشق لنا البحر لنمر بسلام ويغرق الاخرين في جهلهم وعميهم، اكتفينا بحجر يزيد القربى الى الخالق عند دعائنا اياه الاء الليل واطراف النهار، لم نتعاطى مع الظروف التاريخية الجديدة وهي تتجسد في صياغة بديعة ووعي للمفاهيم التي تفتح سبل العمل والبناء بعيدا عن منطق الترفع والنظر الى الأمم بانها هالكة لا محالة، شعارات ومقولات جاهزة جلها ميتافيزيقي مقدس، ليس شرط التطبيق معرفة العلة، فهناك ما لا يدركه عقلك!. بسبب عجزنا المخجل بدأ الاستيراد العشوائي للافكار والعادات والتقاليد والثقافة والافكار بصورة عامة، ولان ارثنا لا يملك جوابا نلوذ به في مواجهة الاخرين ومجاراتهم، أشتد الأمر نحو الهجرة بمعناها الأعم، ولا اعني فقط الهجرة من بلد الى اخر، بل الهجرة من فكر الى فكر من ثقافة الى ثقافة من تقاليد جامدة صوب تقاليد مرنة تتماشى وروحية العصر رغم انها مستوردة، وقد اثر ذلك في هويتنا وانتماءنا، فشتان بين دولة لا حضارة لها تغزو العالم وتحركه كما تشاء كاميركا، وبين دولة سنت اول قانون وخطت اولى الحروف ولكنها تعيش على اطلال ستة الاف عام يسكن اهلها أرضا جرداء فارغة من علامات التطور، تقتات على هبات الطبيعة وخيراتها.
إن ابعد ما يتعامل به الأسلام كمنظومة متكاملة القتل، ولإن عاصفة التطور لا يصمد امامها الكثير وتصم الأذان والأعين، تحول القتل، الذي كان اخر العلاج، الى أداة بطش سريعة وقالعة لجذور التطور، وقد يكون التطور سلبي كما حصل مع جماعة الايمو في العراق، واجه بالقتل مع ان الاعراف السماوية ومراجع الدين تذهب إلى الاصلاح والهداية والأمر بالمعروف، ولم نقرأ يوما عن احد الأديان افتى بقتل النفس التي حرم الله قتلها بسبب الزي او تسريحة الشعر او بعض الرسومات... لذلك يقرا البعض واقع المجتمعات العربية والاسلامية على وجه الخصوص بانها تواجه تحديا كبيرا وعليها ان تخرج من قمقم الثابت واللازم الذي يؤسس له ويعتمده علماء السعودية بالذات وان تبحث عن الوسطية والمرونة والعلة المقنعة، كما يجب عليها ان تبرر سلطانها وتقنع الاخرين بقيمتها الفكرية، ولا تكتفي بترويض النصوص وتحريكها لتتحول الى سيف يقطع جذور التطور.
[email protected]
 

Share |