حكومة الأغلبية النيابية -ناصر عمران الموسوي

Tue, 31 May 2011 الساعة : 13:25

يشير الدستور العراقي الدائم الذي تم التصويت عليه في عام 2005 وفي الفصل الثاني الذي تناول تشكيل السلطة التنفيذية حيث استهل الفصل بالمادة (66) التي أشارت إلى أن السلطة التنفيذية الاتحادية تكون ,من رئيس الجمهورية ,ومجلس الوزراء, تمارس صلاحياتها وفقا ً للدستور والقانون ,وقد نظم الدستور طريقة انتخاب رئيس الجمهورية وهو الرأس الأول في السلطة التنفيذية عن طريق مجلس النواب حيث أشارت المادة (70) أولاً ,وثانيا طريقة انتخاب رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي عدد الأعضاء من بين المرشحين لرئاسة الجمهورية ,وإذا لم يحصل على الأغلبية المطلوبة ,تكون هناك جولة أخرى تكون فيها الغلبة لمن يحصل على عدد الأصوات الأكثر في الاقتراع الثاني , ورئيس الجمهورية كما جاء في المادة (67) من الدستور هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ويمثل سيادة العراق واستقلاله ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور ,كما نصت المادة (73) من الدستورعلى صلاحيات رئيس الجمهورية والتي يجمع الكثيرون من فقهاء الدستور والقانون على أنها صلاحيات شرفيه ( بروتيكوليه ) ومن أهم المهام التي تقع على عاتق رئيس الجمهورية ,هو ما نصت عليه المادة (76) من الدستور وفي الفقرة (أولا) والتي منحت رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا ً ,بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما ً من تأريخ انتخابه , وقد أحدثت المادة المذكورة خلافا ًكبيرا ً , حسمته المحكمة الاتحادية بقرارها المرقم (25/اتحادية/2010) بتاريخ (25/3/2010) حيث اعتبرت الكتلة النيابية هي الكتلة الأكثر عددا ً في مجلس النواب وليست الكتلة الفائزة وعلى ضوء ذلك تشكلت الحكومة من قائمة (التحالف الوطني ) التي تكونت بعد الانتخابات من قائمتي ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني , وتم تكليف مرشحها لرئاسة الحكومة وتشكيل مجلس الوزراء , والذي هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة , والقائد العام للقوات المسلحة , وتشكلت الحكومة بعد مخاض عسير وبمبادرة من رئيس إقليم كردستان السيد مسعود البرزاني والتي تمخضت عن مشاركة الكتل الفائزة في الحكومة كل ُ حسب استحقاقه الانتخابي ولم تتخلى الكتل السياسية عن أعرافها الموروثة من المراحل السابقة فظهرت الحكومة تنوء بثنائية (الاستحقاقات الانتخابية , والاستحقاقات المكونية (القومية والمذهبية )) وسميت بحكومة الشراكة الوطنية التي أبقت مقاعد المعارضة شاغرا ً, وبعد فترة ليست بالطويلة ظهرت بوادر الانقسامات فتشكلت قائمة جديدة انشقت من القائمة العراقية تكونت من عدد من النواب أطلقت على نفسها قائمة (العراقية البيضاء ) ثم اتسعت هوة الخلاف بين قائمة دولة القانون والقائمة العراقية حتى وصلت الى تبادل الرسائل بين رؤسائها ,كلا ً يتهم الآخر بالتنصل عن التزاماته بموجب المبادرة التي عرفت (بمبادرة أربيل ) وكان اختيار الوزراء الأمنيين ,هي النقطة التي كشفت حدة الخلافات , ورشح من خلال الاحتدامات السياسية التنويه عن تشكيل حكومة أغلبية,وحكومة الأغلبية النيابية تعني نهاية حكومة الشراكة الوطنية الحالية والمتتبع للشأن السياسي العراقي ,يلاحظ بان هذا المفهوم تم الإشارة إليه بالشكل الضمني في مؤتمرات رئيس الوزراء العراقي ,الذي أكد وبعد التظاهرات التي شهدها العراق في 25/2/2011 والتي كان من نتائجها منح رئيس الوزراء مهلة مئة يوم لحكومته في الاستجابة لمطالب المتظاهرين ,والتي ستشهد تقييم موضوعي لأداء الوزراء والحكومات المحلية وعلى ضوء النتائج المتحققة سيتم إقالة من تثبت عدم كفاءته ,بل ان رئيس الوزراء أكد أن مهلة المائة يوم تشمل الجميع فالجميع بمواجهة المواطن , الأمر الذي كان لمجلس النواب رأي آخر حوله , وبمجمل هذه المناخات يتم الترويج لحكومة أغلبية نيابية , يلاحظ من خلالها على إن تلك هي رغبة رئيس الوزراء الحالي في تشكيلها وربما هي إحدى وسائل الضغط التي تمارس سياسيا لتحقيق الغايات المهمة ضمن أجواء اللعبة السياسية والدفع بالعملية السياسية إلى الأمام ,وأيا ً تكن الأمور السياسية فان السؤال المهم في ظل الصراعات السياسية هو,ما هي المعوقات التي تقف بوجه تشكيل حكومة الأغلبية النيابية ...؟ والجواب على ذلك لا يمكن استقراء حالة نجاح تشكيل حكومة أغلبية نيابية من عدمها بمعزل عن تداعيات المشهد السياسي العراقي , منذ التغيير النيساني وحتى تشكيل الحكومة الحالية .فالتشكيل الأول لأسس الحكومة العراقية في زمن الحاكم المدني (بريمر ) وهو مجلس الحكم قام على أساس التشكيل ألمكوني (المذهبي والقومي والاثني ) وروج ذلك بالمران الحكومي حتى صار من الأعراف الملزمة, بحيث صار المنصب استحقاقا للمكون وليس بالاستحقاق الانتخابي و إذا كانت هناك أمور كثيرة وبالأخص في الانتخابات قد شهدت محاولات لتذويب هذه الأعراف فأن النتائج جاء بعكس المحاولات وانتهت هذه المحاولات أمام تداعيات المشهد السياسي الذي أعاد بوصلته إلى الوراء , وان محاولة القفز على ذلك بحاجة إلى آلية مهمة تأتي بمنظومة توعوية ثقافية وجهد سياسي مخلص يقوم على أساس التحالف والائتلاف بتشكيل الحكومة ضمن برنامج حكومي واضح المعالم وتعديل دستوري يقف أمام الكثير من نصوص الدستور التي لما تزل تلقي بإشكالاتها التطبيقية كلما أريد منها الحل ,بل أن المحكمة الاتحادية والتي تشكل المرجع الرئيس لمثل هكذا نزاعات , لم تكن بمنأى عن التشكيك والنقد والاختلاف حولها ,هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لما يزل المشهد الأمني عنصرا ً فاعلا ً في كثير من المعطيات والاستحقاقات عند تشكيل حكومة الأغلبية , يضاف إلى ذلك ثقافة معارضة ترتقي بالعملية السياسية وتشكل حكومة ظل مهمة , غايتها التقويم والمحاسبة وهذه تأتي من خلال ثنائية مهمة في فهم وثقافة معارضة موضوعية تتناغم مع فهم وثقافة نيابية تستند إلى تعزيز العمل الرقابي والنظر إليه خارج إطار مفهوم المحاصصة والانتماءات الحزبية او المكونية ومبدأ التوافقية , ولعل قضايا الفساد المالي والإداري اهم اختبار فالعمل على إيجاد تشكيلات مهمة في المعالجة وعدم الاقتصار إلى العمل ألتحقيقي لهيئة النزاهة التي نرى بان تكون ضمن وضعها الطبيعي كجهة حكومية مستقلة تملك سلطة التحقيق , دون أن تكون ضعيفة أمام التحديات وبخاصة السياسية او ان تكون مستشرية وعامل رعب او خوف ضمن العمل الإداري . كل تلك العوامل هي من تستطيع أن ترشح وجود حكومة أغلبية نيابية ,فهل سيستطيع القائمون عليها إذا ما وجدت فعلا ً تجاوز هذه العقبات للوصول إلى الغاية والهدف ,وحين ذاك سيكون لكل حادث حديث
 

Share |