لم يكن موقف الحكومة في بغداد من مطالبة بعض المحافظات بأقامة الأقاليم موقفا وليد ساعته او هو محض دعاية انتخابية , او موقف ضد هذه الطائفة دون تلك , اوموقف يتغير بتغير المواقف السياسية للكتل المختلفة , بل هو نابع من قراءة صحيحة وناجحة للأحداث واستشراف للمستقبل كالتفكير بالأنفصال وتمزيق وحدة البلد , الأمر الذي يثلج صدر اعداء العراق الذين ما فتأوا يدفعون بهذا الأتجاه منذ سقوط نظام صدام وحتى الآن .. لقد كان التخلف وعدم النضج السياسي من الأسباب الريسية في المطالبة بالأقليم ,حيث اننا لم نصل بعد الى الفهم الحقيقي للفيدرالية مثلما تفهمها الدول التي سبقتنا في هذا الضمار لعقود خلت من السنين اذ كانت الفدرالية فيها مصدر قوة لها لأنها لم تقم على اساس طائفي اوقومي او نتيجة موقف سياسي متشنج او نتيجة شعور خاطئ بالأقصاء والتهميش , ان هذه المطالبات التي تطل برأسها بين الحين والآخر في هذه المحافظة اوتلك ما هي الا ضغط على الحكومة في بغداد لتمرير بعض السياسات والمواقف والتي لم تكن لصالح البلد عامة بل لصالح طائفة دون اخرى او التمرد على بعض القرارات التي تصدرها حكومة بغداد المركزية , كما يحدث الآن من مواقف خارجة عن المألوف من حكومة الأكراد في كردستان العراق , اذ انهم يتصرفون وكأنهم دولة مستقلة , وهو نابع عن فهمهم الخاطئ للفيدرالية تلك التي استطيع ان اقول عنها بانها فرضت فرضا على البلد بسبب الظرف الخاص للدولة ولأقليم على حد سواء , وقد استغل الكرد هذا الظرف ابشع استغلال في تحقيق مطالب قد تكون مشروعة اوغير مشروعة , كما استغلوا الخلافات الدائرة بين الكتل السياسية واحتياج تلك الكتل اليهم في خلافاتهم مع هذه الكتلة او تلك ( كجوكر) يرجح هذه الكفة على تلك ,وألا كيف يفسر موقف الملا مسعود البارزاني من قضية طارق الهاشمي وعدم تسليمه للقضاء العراقي رغم انه مطلوب للعدالة بتهمة الأرهاب والتآمر على الدولة , وقد صرح بذلك على مرأى ومسمع جميع دول العالم وبكل جرأة وصلافة , وهو يعلم ان موقفه ذاك خاطئ تماما , الا اذا تجرد من عراقيته , ونأى بنفسه عن العراق , وقد كشر( الملا) عن انيابه في محولاته الأنفصالية والتي يسعى اليها بما ملكت ايمانه , ان ( الملا) يريد ان يقول للعراقيين ( الضعفاء في نظره) بأن الأكراد دولة مستقلة وغير صديقة للعراق , الم يكن هذا كافيا