ثقافة الحوار, وفن ادارة الاختلاف-مجاشع محمد علي-القاهرة
Sun, 18 Mar 2012 الساعة : 10:34

تفهم جميع النخب العراقية اليوم ان الديمقراطية في تعريفها البسيط هو"الاعتراف بالاخر والاقرار بهذه الحقيقة المطلقة ", وفي مفهومها العلمي يتحدد في أنها " فن إدارة الاختلاف" , ففي النظم الديمقراطية تتعدد الرؤي وتتنوع وجهات النظر , وتقاس مدى قوة النظام الديمقراطي بقدرته علي إدارة الخلافات بين القوي المتنوعة للوصول إلى القرار السليم .
وفي ظل أي نظام ديمقراطي يؤمن الجميع بثقافة الاختلاف "كما في المجتمعات المتقدمة" , لأنها الضمانة للحفاظ على الديمقراطية وبدونها تتحول الديمقراطية إلى فوضي "كما يجري الان لدينا في العراق والدول الشقيقه التي شهدت تحولات سياسية فيما يسمى بالربيع العربي" , والفوضى هنا تتمثل في تمسك كل طرف برأيه ويحاول فرضه علي الآخرين بالقوة,فيهدم المعبد على الجميع , لذا فمن الضروري اليوم وفي ظل خلافات الرأي طوال السنوات التسع الماضية بين الكتل السياسية العراقية أن يؤمن الجميع بوجود الاخر , وان على الجميع التيقن إنهم ليسوا هم الوحيدون في هذا البلاد وانما هناك آخرون غيرهم , ولهم رأي , ومن حق كل انسان أن يعبر عن رأيه , هكذا ما تقوله كل المواثيق الدولية وكل الدساتير في العالم التي فيها دساتير حقيقية وليس مجرد نصوص هامدة ..
لذلك, فإن الخلاف في الرؤي الموجود بين بعض القوي السياسية العراقية اليوم , يمثل ظاهرة صحية تتسق مع الديمقراطية التي نادت بها تلك الحركات منذ سقوط نظام صدام . لكن افتقاد البعض لثقافة الاختلاف هو المشكلة التي تسبب بعض الظواهر غير الصحية التي تتنافي مع الديمقراطية مثل قطع الطرق "كما هدد , محافظ صلاح الدين وقائم مقام الخالص" أو تبادل الاشتباكات أو " محاصرة مبان عامة كما جرى اخيرا في ديالى" وإذا كان العراقيون قد نجحوا في إسقاط نظام البعث والذي جثم علي صدر العراق نحو 33 عاما وحوله إلي قرية لرجاله , الذين كانوا يدعمون منظومة قتل الرأي الاخر, فإن التحدي الحقيقي للعراقيين اليوم هو مواصلة جهودهم لبناء نظام ديمقراطي جديد يستوعب القوي السياسية كلها ويتفاعل مع جميع الآراء دون انتقاص من اي منها . وهذا سوف لن ولن ينجح إلا عبر قاعدتين أساسيتين , الأولى بناء مؤسسات الدولة علي أسس ديمقراطية وشفاف.. وقد بدأوها العراقيون بالانتخابات البرلمانية منذ عام 2006 , والثانية هي اقتناع القوي والحركات السياسية بمبدأ ثقافة الاختلاف , والوصول إلى أسس ديمقراطية حضارية لإدارة خلافات وجهات النظر بشكل صحيح يساعد في بناء النظام الجديد ولا يستهدف تدمير البلاد
- صحفي عراقي