كفاح النساء لنيل حرياتهن بين عقبات الحياة وفراغ المثل الأعلى-حسين دويج الجابري-الشطرة

Sat, 17 Mar 2012 الساعة : 14:44

مرت الدعوات المطالبة بحقوق النساء في العالم بمراحل طويلة ومختلفة . وتحققت خلال هذه المسيرة جملة من المكاسب التي تستحقها النساء نظرا لما وقع عليهن من إجحاف وإهمال في العصور المتقدمة والثقافات التي تلتزم البقاء على التراث غير الصالح , ولازالت هذه البرامج تسير بوتيرة متسارعة محطمة كل التحديات التي تجابهها وهي تحاول الحصول على المزيد بالرغم من فضفاضية الدعوة واستحالة أن تجد المطالب سبيلها الى التحقيق كون الكثير من النساء يرفضن بقطعية تامة مطالب دعاة حقوق المرأة من جانب ومن جانب آخر بعض الثقافات ترى أن النساء يجب أن تبقى في إطار المهمات القريبة من إمكاناتها البايلوجية ,, وهي أفكار لايمكن تجاهلها , لان معظمها مستمد من الشرائع المقدسة , فرأي الإسلام بعد أن يعطي للنساء حقوقهن المالية في الميراث وحقوقهن في العمل والتجارة واختيار الزوج , وفي مختلف الصعد ويفرض على الرجل التزام كافة متطلبات الزوجة وألام وملك اليمين وغيرهن , يصرح بان البقاء في البيت له أهمية كبيرة في البناء الاجتماعي , ولقد تصاعدت المطالب بحقوق المرأة في القرن الثامن عشر والتاسع عشر لأسباب بعضها سياسية وبعضها مصلحيه وقد استندت الى تاريخ التعامل معها في العصور المتقدمة فقد كانت المرأة وفقا للمصادر التاريخية
مسلوبة الإرادة ولا مكانة اجتماعية لها وظلمها القانون اليوناني فحرمت من الإرث وحق الطلاق ومنع عنها التعلم. في حين كانت للجواري حقوقا أكثر من حيث ممارسة الفن والغناء والفلسفة والنقاش مع الرجال.
وكانت المرأة في إسبارطة تمتعت بأفضلية عن باقي اليونانيات لأنها منحت بعض الحقوق و حصلت على بعض المكاسب نتيجة لانشغال الرجال بالقتال والحروب الطويلة مما سمح للنساء بشغل الفراغ الذي خلفه رجالهن في الحياة .
وسمح في نهاية العهد الإغريقي للنساء بالاشتراك في الاحتفالات والبيع والشراء, ولم يكن ينظر للمرأة كشخص منفرد، وإنما جزء من العائلة وبالتالي فان الحقوق كانت على قيم مختلفة عما نعرفه اليوم ومن الصعب المقارنة على أسس القيم الحالية. ولكون المرأة جزء من العائلة فأن الأساس هو الحقوق التي تضمن الانسجام والبقاء، لذلك كانت العائلة تخضع للرجل الذي يتولى حماية العائلة.
أما في روما فقد حصلت المرأة على حقوق أكثر مع بقائها تحت السلطة التامة للأب أو لحكم سيدها أن كانت جارية, أما المتزوجة فقد كان يطبق عليها نظام غريب أما أن تكون تحت سلطة وسيادة الزوج أو أن تعاشر زوجها وتبقى مع أهلها وسلطتهم. وقد تركت لنا الآثار الكثير من المعلومات التي تشير إلى إن المرأة كانت تصبح قاضي وكاهن وبائع ولها حقوق البيع والشراء والوراثة كما كان لديها ثرواتها الخاصة.

وعند الفراعنة كان للمرأة حقوق متقدمه , فقد وصلت للحكم وأحاطتها الأساطير. وكانت المرأة المصرية ذات سلطات قوية على إدارة البيت والحقل واختيار الزوج، كما أنها شاركت في العمل من اجل إعالة البيت المشترك. وكان الفراعنة يضحون بامرأة كل عام للنيل تعبيرا عن مكانتها بينهم، إذ يضحى بالأفضل والأجمل في سبيل الحصول على رضا الآلهة.

وفي بلاد الفرس منحها زرادشت حق اختيار الزوج وتملك العقارات وإدارة شؤونها المالية. كما لا زالت هذه المكانة المتميزة موجودة عند المرأة الكردية، التي تتمتع بحريات كبيرة وتقاليد عريقة

ولكنها في الصين ظلمت ظلما كبيرا فقد سلب الزوج ممتلكاتها ومنع زواجها بعد وفاته, وكانت نظرة الصينيين لها "كحيوان معتوه حقير ومهان". وفي الهند لم تكن المرأة بحال أحسن فقد كانت تحرق أو تدفن مع زوجها بعد وفاته.

بينما ظهرت في حوض الرافدين، شريعة اورنامو التي شرعت ضد اغتصاب حق الزوجة بالوراثة من قبل زوجها. وأضافت شريعة اشنونا إلى حقوق المرأة حق الحماية ضد الزوجة الثانية. و حافظت شريعة بيت عشتار على حقوق المرأة المريضة والعاجزة وحقوق البنات الغير متزوجات. واحتوت مسلة حمو رابي على 92 نصا من أصل 282 تتعلق بالمرأة, فقد أعطت للمرأة حقوقا كثيرا من أهمها: حق البيع والتجارة والتملك والوراثة والتوريث، كما أن لها الأولوية على الزوجة الثانية في السكن والملكية وحفظ حقوق الوراثة والحضانة والعناية عند المرض. و شهد للعصر البابلي وصول سميراميس كملكة إلى السلطة لمدة خمس سنوات.

فيما أناط عرب الجزيرة شرفهم وقيمتهم الاجتماعية بالنساء وخصصن بالتحصين والاحترام الكبير , وبرزت الى الساحة الثقافية والاجتماعية وحتى ساحات القتال أسماء كبيرة من نساء ذلك المجتمع ,
غير إن دور المرأة وأهميتها بدأت تتراجع في العصور الوسطى نتيجة الى عوامل كثيرة , كان من أبرزها الحروب المستعرة بين الممالك والطوائف والتي كانت النساء فيها اشد الخاسرين . فقد فرضت القوة هيبتها وسادت قوانين الغاب حينما عطلت الحقوق وصودرت الحريات وحشدت النساء في القصور والضياع كجواري ينتهبهن القوي ويوزعهن هدايا وهبات لمن يشاء ,, واستمر الحال في حرمان المرأة حتى استساغت النساء الأوضاع التي يعشن وبتن ينعمن بشهوانية الرجل في بضع ساعات ويتبارين لكسب وده ,,
وانتهت تلك العصور بمراراتها القاتلة ليبدأ عصر الانفتاح ويكون للمرأة مكانة اجتماعية مرموقة وقوة في الدفاع عن حقوقها وأخذت المنظمات والهيئات الدولية تتصدع أمام قوة المطالب فشرعت القوانين والتفاهمات من اجل رفع الحيف عن النساء واستثمار طاقاتهن في الأعمال الحياتية المختلفة ,
فأعلن قانون القضاء على التمييز ضد المرأة في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1967 الذي اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2263 (د-22) الذي يحتوي على 19 مادة أساسية وهو يعتبر وثيقة إقرار بمبدأ التساوي بين الجنسين وهناك البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الذي اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة الرابعة والخمسون بتاريخ 9 أكتوبر 1999, ويحتوي على 21 مادة قانونية , وان نصوص هذا البروتوكول كتبت باللغة العربية والانكليزية والفرنسية والصينية والروسية والاسبانية ,, كما إن وثيقة أخرى عرضت على الجمعية العامة للأمم المتحدة وصودقت بالقرار 640 (د-7) المؤرخ في 20 كانون الأول/ديسمبر 1952 تتطرق الى الحقوق الأساسية للمرأة تظم عشر مواد قانونية ,
إن البرتوكولات الدولية وأعمال المنظمات الإنسانية المختلفة وجهاد النساء لنيل حقوقهن عبر التاريخ لم يعطي النساء حقهن الطبيعي في الحياة وذلك لان النساء أنفسهن تعودن على العيش بأسلوب التبعية ولا يرغبن بالخروج من هذا الإطار من جانب ومن جانب آخر إن المتحررات من نساء العالم في الشرق والغرب لم يرقين بأنفسهن لمداعبة مشاعر النساء في العالم حتى يحتذين بهن مثل أعلى , وقد ضربت لهن زينب أبنت علي (ع) مثل رائع في أهمية دور المرأة التفاعلي في الحياة وكيفية أداء الواجب والتمتع بالحقوق ,,

Share |